قضايا وآراء

عشرون عاما من التَّيْه العراقيّ!

جاسم الشمري
جيتي
جيتي
عشرون عاما مضت وكأنّها مئات الأعوام منذ أن وقعت الكارثة الكبرى في 19 آذار/ مارس 2003، كارثة بداية غزو العراق واحتلاله!

عشرون عاما مليئة بطعم الموت، وأنين الرعب، وهمسات الخائفين المرعوبين داخل بيوتهم وفي كلّ مكان!

عشرون عاما عجافا قتلوا خلالها الإنسان، وخرّبوا الوطن، ونهبوا الأموال، وزرعوا اليأس والقنوط والفوضى!

عشرون عاما خلّفت أكثر من مليون شهيد، وقوافل من المُغيّبين والمعتقلين والأرامل والأيتام والمهجرين واللاجئين!

عشرون عاما ساعاتها أثقل من الجبال، وطعمها أمرّ من الحنظل، ومع هذه المرارة والخوف نتابع الإصرار المدهش على ترديد سمفونيّة الديمقراطيّة وكأنّها ساهمت في نشر السلام والطمأنينة والأمن المجتمعيّ وغيرها من ضروريات الحياة وليس من كمالياتها!

مع هذه المرارة والخوف نتابع الإصرار المدهش على ترديد سمفونيّة الديمقراطيّة وكأنّها ساهمت في نشر السلام والطمأنينة والأمن المجتمعيّ وغيرها من ضروريات الحياة وليس من كمالياتها!

عشرون عاما كانت كافية لتوزيع الظلم، وتهشيم قلوب الأمّهات، وسحق قلوب الحبيبات، وكسر آمال الأطفال، ونحر طموحات الأجيال!

عشرون عاما بأتراحها وهمومها وأنينها وصرخاتها أجهزت على ما بقي من العراق المخنوق بحصار دوليّ شديد بعد غزو الكويت!

عشرون عاما والحكاية العراقيّة لا أحد يعرف فصولها ولا متى تنتهي وتطوى.

عشرون عاما قلبت الواقع والعادات والتقاليد، وسمعنا فيها من الحكايات والروايات والمآسي ما لم نقرأ مثلها في كتب التاريخ الحديث والمُندثر!

عشرون عاما طحنت خيرة شباب الوطن، ونهبت زبدة ثروات الأرض، ومحت غالبيّة العلوم والفنون والآداب وكأنّنا في كابوس مرعب ومظلم لا ينجلي!

عشرون عاما صارت الكلمات مشانق، والأقلام رماحا مسمومة، والمواقف مقابر، والسكوت سقما وأمراضا وضياعا!

عشرون عاما ومشاهد وأصوات الصواريخ العابرة للبحار والدبّابات القاصفة للموت شاخصة أمام أبصارنا ومتربّعة على أفكارنا وأحلامنا!

عشرون عاما كُمّمت فيها الأفواه، ومَن ينطق بالحقّ يُسْكته السلاح الكاتم إلى الأبد، في غابة متشابكة لا مكان فيها إلا للخراب والموت والإزهاق!

عشرون عاما زرعت الكراهية والغدر والمخدّرات والقنوط بين الناس!

عشرون عاما ازدهرت خلالها المقابر وضيّعت قيمة الحياة، وصار الشباب يتمنّون الموت في بحار اللجوء على البقاء بين أحضان الوطن!

عشرون عاما أعادت فيها واشنطن العراق إلى العصور الوسطى؛ ليس بركوب الخيل والتخلّف التكنولوجيّ وإنّما بزرع الطائفيّة والتفكّك المجتمعيّ!

عشرون عاما نجحت فيها الإدارات الأمريكيّة المُتعاقبة في إدخال العراق بمرحلة الشلل السياسيّ، ومع ذلك هم مصرّون على (صواب) قرارهم باحتلال العراق!

عشرون عاما لم نرَ أيّ مشاريع صحّيّة وخدميّة واضحة، وانحدرت مؤسّسات الدولة لمستويات سحيقة!

عشرون عاما مُلئت بمئات الأسئلة التي لم نجد لها إجابات شافية:

- لماذا احتلّ العراق بكذبة امتلاك السلاح النوويّ؟!

- ومَن المستفيد من الاحتلال في ظلّ هذا التناحر والتدافع والصراعات الداخليّة؟

- ولماذا هذا الكره للعراق، فهل أرادوا تخليص العالم من وجود الرئيس الأسبق صدام حسين أم أرادوا محو العراق ليكون بلا هويّة وبلا كيان وبلا تأثير في واحدة من أهمّ مناطق العالم؟

هل أرادوا تخليص العالم من وجود الرئيس الأسبق صدام حسين أم أرادوا محو العراق ليكون بلا هويّة وبلا كيان وبلا تأثير في واحدة من أهمّ مناطق العالم؟

- ومَنْ سيعوّض الأطفال عن عوائلهم؟

- ومَنْ سيعوّض النساء عن أزواجهن؟

- ومَنْ سيعوّض الأمّهات عن أبنائهن؟

- ومَنْ سيعوّض عموم المواطنين عن الرعب والخوف المستمرّ منذ تسعينيّات القرن الماضي؟

- وهل يمكن لجلسة مجلس الأمن المرتقبة أن تعيد الأمل للعراقيّين، أم أنّ روسيا تريد الانتقام من واشنطن عبر الملفّ العراقيّ ضمن صراعات القوى الكبرى وبالذات بعد الغزو الروسيّ لأوكرانيا؟

بعد عشرين عاما من "التغيير والديمقراطيّة" أو الاحتلال والخراب قالت ممثّلة الأمين العامّ للأمم المتّحدة في العراق جينين بلاسخارت منتصف آذار/ مارس 2023، بأنّ "النظام الذي استحدث في العراق بعد العام 2003 ببساطة لا يُمكن أن يستمرّ، وإذا ترك كما هو، فسوف يأتي بنتائج عكسيّة مرّة أخرى"!

فكيف يمكن تفسير عبارة "لا يُمكن أن يستمرّ"؟

فهل هي دعوة لدعم مظاهرات تشرين الشبابيّة التي لم تتوقّف منذ العام 2019، أم أنّ بلاسخارت تعلم ما لا يعلمه غيرها من إمكانيّة حصول أمر ما في المرحلة القريبة القادمة؟

إنّ احتلال العراق سيبقى من المراحل الفارقة في التاريخ الإنسانيّ تماما مثل الغزو المغوليّ لبغداد والحربين العالميّتين، وغيرها من الويلات التي مرّت على الإنسان والأرض.

التغيير لا يكون بالكلام فقط، وسياسة التعديل بحاجة لتنظير وعمل، والتنظير بلا عمل مجرّد أوهام لا يُمكنها أن تُغيّر الواقع، والعمل بلا تنظير وتخطيط همجيّة سياسيّة لا يُمكنها تغيير الواقع!

وأخيرا مَنْ سيُنقذ العراق؟.. فهل سنكون أمام ثورة شعبيّة إنسانيّة سلميّة أم أنّ العراقيّين وصلوا لمرحلة اليأس المعنويّ والمادّيّ وهم يترقّبون قوّة خارجيّة تُعيد ترتيب أوراق بيتهم المُبعثرة؟

التغيير لا يكون بالكلام فقط، وسياسة التعديل بحاجة لتنظير وعمل، والتنظير بلا عمل مجرّد أوهام لا يُمكنها أن تُغيّر الواقع، والعمل بلا تنظير وتخطيط همجيّة سياسيّة لا يُمكنها تغيير الواقع!

نأمل أن نرى العراق، رغم الصعوبات والتعقيدات، زاهيا بالإنسان والعمران، وخاليا من القتلة والمجرمين وسرّاق الوطن والإنسان، ومن تُجّار السلاح والوطنيّة المزيّفة والشعارات الفارغة القائمة على الاستبداد والخداع الإعلاميّ للجماهير!

خلاص العراق لا يكون إلا بحكومة عادلة تجعل الوطن الخيمة الضامنة لسلامتهم وسعادتهم، وبسياسة نشر الوعي بين المواطنين وتنقية الوطن من الخيانات المسلّحة والفكريّة لأنّها من أخطر الآفات الحارقة لخيمة العراق!

فمَنْ سيُساعد العراق وأهله لإيقاف النزيف الدمويّ والفكريّ والنفسيّ والعقليّ والروحيّ المستمرّ؟

twitter.com/dr_jasemj67
التعليقات (2)
Zahraa
السبت، 25-03-2023 04:52 ص
الشعب العراقي يستحق كل الذي حصل له بسبب ما قام به من أعمال منافية للدين الإسلامي الحنيف والأخلاق والآداب والعادات والتقاليد العربية الأصيلة. وحتى عندما سقط النظام السابق قام الشعب العراقي بسرقة كل ممتلكات الدولة وحتى علماء وشيوخ المساجد قاموا بسرقة المساجد حيث سرقوا الثلاجات والطابعات والسجاد والمفارش والستائر والمفروشات لقد قام بكل الموبقات أفلا يستحق هذا الشعب غضبة الحليم الجبار وجعله يرزح في الفقر والجوع والمرض والذل والهوان
Zahraa
السبت، 25-03-2023 04:30 ص
لماذا حصل كل هذا في العراق؟! هذه الكوارث والمصائب والويلات والدمار التي حصلت في العراق،هي تحصيل حاصل لقد احتل العراق الكويت وهي دولة صغيرة جدا أصغر من أي محافظة عراقية،وهذه هي الجريمة والطامة الكبرى،فعند دخول الجيش العراقي إلى الكويت قام بجرائم مروعة تقشعر منها الأبدان،من نهب وسلب وسرقات واغتصاب واعتداء على أعراض النساء واقتحام البيوت ومداهمتها وترويع النساء والأطفال وكبار السن، حتى امتلأت بيوت العراقيين بكل ما خف وزنه وثقل من ممتلكات الشعب الكويتي،حتى أن أحد قادة الجيش العراقي سرق محلات صاغة الذهب بما يعادل وزنه تابوتا كاملا بحيث قام هذا القائد العسكري بفرش هذا الذهب الذي سرقه في ممر بيته وأخذ يسير عليه جية وذهابا حتى وصل به الأمر إلى الجنون ثم ما لبث بعد حتى أصابته الجلطة وتوفى على أثرها،هذه واحدة من آلاف القصص التي حدثت بعد غزو العراق للكويت،وأن كنت تنفي ذلك فأنا أخبرك إنه حتى ابن عمي في الجيش قام بسرقة محلات الملابس النسائية الجاهزة وجلبها معه إلى العراق ثم قام بعد ذلك ببيع هذه الملابس حتى على شقيقاته وهذه قصة أخرى من القصص،ومعلوم أن العراق قام بسرقة جميع الدوائر الحكومية في الكويت من مكيفات ومدافئ وكل ما خف وزنه وثقل،وهذه طامة أخرى من الطوام التي خلفها الغزو العراقي للكويت،وحتى الباصات سرقوها وجلبوها للعراق وهي ما زالت لحد الآن في شوارع العراق،طيب الآن نعرج على حالات الاغتصاب،لقد دخل عدد من الجنود إلى بيت جيران بيت أخي المقيم بالكويت وأنا أعرف أن هذا البيت يوجد فيه الكثير من البنات،وقد سمع بيت أخي صراخ البنات عند دخول الجنود وكانوا بيت أخي يراقبون من شبابيك البيت فلمحوا الجنود وهم يخرجون من البيت حاملين على أكتافهم ملابس البنات الداخلية؟!??وهذا مما يؤكد بأنهم قد قاموا باغتصاب البنات والدليل صراخ البنات ونزع ملابسهن الداخلية،ويا لها من جريمة شنيعة مروعة؟!وهذا فيض من غيض مما حدث هناك من جرائم على أيدي جنودنا البواسل الشجعان المتعطشين للجنس والزنانة والاغتصاب،ثم لقد أخبرني أخي إن الطغاة القتلة المجرمين أمثال علي حسن المجيد قام بإعدام الكثير من الشباب الكويتي المسلم المتدين رميا بالرصاص الحي في الشوارع والطرقات،لا لشيء سوى إنهم شباب مسلم متدين وهذا يخالف عقيدة البعث العفلقية الصليبية الكافرة كما تعدم الشباب المسلم في العراق طبقت نفس الفعل الدنئ على شباب الكويت. فهل كان يستحق هذا الشعب أن تقوم هذه الحكومة البعثية الماسونية بكل هذه الجرائم ضد شعب مسلم مسالم حيث ترى في ذلك الوقت التي حدثت فيه الجريمة في مكان من الكويت صناديق للتبرعات وعليها صور طفل يبكي وقد كتب على هذه الصور،(من يمسح دمعة هذا الطفل) وهذا قليل جدا مما قام به هؤلاء من جرائم بحق ناس أبرياء تحقيقا لأهداف أسيادهم التي أمروهم بها.