مقابلات

مسؤول إغاثي دولي لـ"عربي21": سوريا تحتاج 5 سنوات للتعافي من الزلزال

الشرقاوي: لا تستطيع أي منظمة منفردة الرد على استجابة بهذه الضخامة والمطلوب تضافر كل الجهود- عربي21
الشرقاوي: لا تستطيع أي منظمة منفردة الرد على استجابة بهذه الضخامة والمطلوب تضافر كل الجهود- عربي21
قال المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسام الشرقاوي، إن سوريا بحاجة إلى 5 سنوات للتعافي من تداعيات الزلزال المُدمّر، وكي يتمكن الناس من إعادة بناء حياتهم مرة أخرى، في حين ستحتاج تركيا إلى سنتين، مضيفا أن
"التداعيات النفسية ستكون قاسية على المتضررين، وقد ترافقهم مدى الحياة".

وأضاف الشرقاوي، في مقابلة خاصة مع "عربي21" أن "الوضع في سوريا يُدمي القلب. الأمن الغذائي لأكثر من 70% من العائلات كان مُهدّدا بفعل النزاع طويل الأمد؛ فتخيلوا حجم الكارثة اليوم. الأطفال والنساء وكبار السن يحتاجون إلى كل رعاية ودعم ممكن".

اظهار أخبار متعلقة


ولفت إلى أن "هناك مخاوف جدية من احتمالية انهيار القطاع الصحي في شمال سوريا، ولهذا سارعنا منذ اليوم الأول للكارثة إلى ضرورة عدم توفير أي جهد لتوفير الأدوية واللقاحات وسير عمل المرافق الطبية والاستثمار في خدمات المياه والصرف الصحي لمنع تفشي الأمراض والأوبئة ولا سيما الكوليرا".

ورغم أن المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، أشار إلى اختلاف الوضع في تركيا، إلا أنه أكد أن "الحاجات ماسة في ظل تضرر أكثر من 12 ولاية تركية، وتعافي المجتمعات يتطلب عملا طويل الأمد وليس فقط تدخلات طارئة وآنية".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما الذي وصلت إليه الأوضاع في تركيا وسوريا بعد مرور أكثر من شهر ونصف على كارثة الزلزال؟


لا تزال الحاجات الإنسانية ماسة في البلدين. لا نزال في مرحلة الإغاثة. نقوم من خلال شركاؤنا في الهلال الأحمر العربي السوري، والهلال الأحمر التركي، بتوفير الدعم للفئات المتضررة من الزلزال والحاجات الإنسانية من مأوى ومياه وخدمات صرف صحي ورعاية صحية وتغذية والدعم النفسي الاجتماعي. الناس يحتاجون إلى وقت كبير للتعافي لا سيما في سوريا التي شهدت نزاعا على مدار الـ 12 سنة الماضية، ومساعدة هذه المجتمعات على الصمود والتعافي يحتاج إلى أكثر من عامين على الأقل ليتمكنوا من استعادة الحد الأدنى من حياتهم بعد أن فقدوا أرواح أحبائهم ومنازلهم وكل يملكون بلمحة بصر.

كانت لك بعض الزيارات إلى سوريا خلال الأيام الماضية.. لو تحدثنا عن ما رأيته هناك؟


الوضع في سوريا يُدمي القلب. لقد زرت سوريا ثلاث مرات حتى الآن. التقيت سيدة في حلب تشكر ربها على كارثة الزلزال، لأنها رأت في ذلك فرصة للحصول على مساعدات غذائية، بعدما كانت تنتظر الموت جوعا. الأمن الغذائي لأكثر من 70% من العائلات كان مُهدّدا بفعل النزاع طويل الأمد؛ فتخيلوا حجم الكارثة اليوم. الأطفال والنساء وكبار السن يحتاجون إلى كل رعاية ودعم ممكن، حتى فرق الهلال الأحمر العربي السوري الذين يقودوا الاستجابة هم أنفسهم خسروا عائلاتهم ومنازلهم ولا يزالون على الخطوط الأولى لدعم المجتمعات المتضررة.

إلى أي مدى تتدفق المساعدات حاليا على الشمال السوري؟ وكيف كان أثر تأخر المجتمع الدولي في تقديم المساعدات الإغاثية إلى الشمال السوري؟


تمكن الهلال الأحمر العربي السوري من إيصال المساعدات إلى تل رفعت والشيخ مقصود في الريف الشمالي لحلب، ولكن للأسف جهز الهلال الأحمر العربي السوري 27 شاحنة مُحمّلة بالمساعدات من الهلال الأحمر العربي الإماراتي، والسعودي، والياباني، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومنظمات الأمم المتحدة، لإيصالها إلى إدلب والريف الغربي لحلب. انتظروا أكثر من 12 يوما بينما لم يُتح لهم الدخول وتوزيع هذه المساعدات على الفئات المتضررة.

في الشمال السوري، هناك بعض الجهود للمنظمات العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة ولأعضاء الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومنها جمعية الهلال الأحمر الكويتي، وجمعية الهلال الأحمر القطري الذين قاموا بتوزيع المساعدات على الفئات المتضررة، ولكن ما تم الآن ليس كافيا.

قبل الزلزال كانت الاحتياجات هائلة في المناطق المتضررة في سوريا.. فما تأثير كارثة الزلزال على الرعاية الصحية الضرورية والدعم المنقذ للحياة الذي يحتاجه السكان؟



إن غالبية المرافق الصحية كانت خارج الخدمة بفعل سنوات الحرب. والوضع ازداد سوءا بعد كارثة الزلزال، إذ تدمر العديد منها، وهذا بالفعل انعكس سلبا على توفير الخدمات الصحية المطلوبة. في الوقت الراهن، يقوم الهلال الأحمر العربي السوري بتوفير الرعاية الصحية من خلال عيادات متنقلة، ولكن ذلك ليس كافيا.

ما رؤيتكم للمخاوف من احتمالية انهيار القطاع الصحي في شمال سوريا؟


هناك مخاوف جدية من ذلك. لهذا سارعنا منذ اليوم الأول للكارثة إلى ضرورة توفير أي جهد لتوفير الأدوية واللقاحات وسير عمل المرافق الطبية والاستثمار في خدمات المياه والصرف الصحي لمنع تفشي الأمراض والأوبئة ولا سيما الكوليرا.

وفق تجاربكم السابقة في الاستجابة للزلازل بمختلف أنحاء العالم، ما الوقت الذي ستحتاجه تركيا وسوريا للتعافي من تداعيات الزلزال؟


تحتاج تركيا إلى سنتين فيما ستحتاج سوريا إلى 5 سنوات ليتمكن الناس من إعادة بناء حياتهم والتعافي. التداعيات النفسية ستكون قاسية على المتضررين وقد ترافقهم مدى الحياة.

وماذا عن قيمة الأموال التي يحتاجها البلدان لمساعدة ضحايا الزلزال؟


سوريا بشكل خاص عانت على مدار 12 عاما من النزاع، وبالتالي فالحاجات ليست فقط ناجمة عن الزلزال، حيث تواجه سوريا أزمة إنسانية مُعقّدة على كافة المستويات؛ فعلى سبيل المثال هناك صعوبة في التفريق بين المتضررين من الزلزال والنزاع؛ فتدخلنا يكون فقط بناءً على الحاجات الإنسانية، ومساعدة المجتمعات على مواجهة تداعيات موجات الجفاف، أو السيول والعواصف الثلجية.
أمّا في تركيا، رغم اختلاف الوضع، فالحاجات ماسة في ظل تضرر أكثر من 12 ولاية. وتعافي المجتمعات يتطلب عملا طويل الأمد وليس فقط تدخلات طارئة وآنية.

كيف تقيم مُجمل الجهود والمساعدات الدولية التي يجري تقديمها من المانحين والدول الصديقة لمواجهة آثار الزلزال في تركيا وسوريا؟


نحن نثمن كل الجهود المبذولة، ولكن للأسف لا تزال غير كافية. لا تستطيع أي منظمة منفردة الرد على استجابة بهذه الضخامة. المطلوب تضافر كل الجهود لتلبية كل الحاجات الطارئة وللانتقال من مرحلة الطوارئ إلى تحقيق التعافي المبكر للمجتمعات.

إلى أين وصلت الجهود التي يقوم بها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في مواجهة آثار الزلزال؟


لقد قمنا بإطلاق نداء طوارئ قيمته 650 مليون فرنك سويسري (707 مليون دولار) لدعم كل من الهلال الأحمر العربي السوري، والهلال الأحمر التركي، في استجابتهما لكارثة الزلزال في سوريا. وحتى الآن التمويل، على سبيل المثال، لنداء سوريا لم يتجاوز 32%. عملنا هو تنسيق الجهود والدعم الذي تقدمه جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في سوريا وتركيا.

وأود هنا أن أنوّه إلى أن الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر المصري والإيراني والجزائري أرسلوا فرق بحث وإنقاذ إلى سوريا وتركيا، بينما أرسل الهلال الأحمر في كل من العراق والكويت والإمارات والسعودية وقطر والأردن وليبيا وتونس، وقود ومعدات وأدوية وغذاء ومستلزمات المأوى.

الحاجات تتزايد كل يوم، والمطلوب توفير الدعم المستدام على مدى سنتين على الأقل لدعم المجتمعات المتضررة على الصمود والتعافي، وهذا تحد كبير.

أخيرا، ما مقترحاتكم لمحاولة التخفيف من تداعيات الزلازل في المستقبل؟


نحن كشبكة دولية متخصصة بالعمل في مجال الكوارث، نركز على نشر التوعية من خلال الإجراءات التي يمكن اتباعها لحماية الأرواح. وفي الوقت عينه، نركز على تهيئة المجتمعات من خلال عمل استباقي، وأن يكون لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر خطط محدثة للتعامل مع كوارث مماثلة.
التعليقات (0)