"لا أحد يتنصت على اتصالاتكم الهاتفية"، عبارة شهيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لن يسمعها
المصريون من الرئيس المؤقت عدلي منصور، بعدما أذاعت وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة المؤقتة في مصر، مكالمات مسجلة لعدد من نشطاء ثورة 25 كانون ثاني/ يناير عام 2011.
تسجيل المكالمات في
واشنطن كان من أكبر الأزمات التي تعرضت لها الإدارة الأمريكية منتصف هذا العام، عندما كشفت وسائل إعلام أمريكية وبريطانية عن تسريبات لمكالمات سجلتها وكالة الأمن القومي، وهو ما تسبب في استياء شعبي كبير في العالم وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص.
وقبل رحيل عام 2013، انتقلت قضية تسجيل المكالمات إلى مصر، دون طمأنة رسمية أو حتى تبرير لأهميتها في منع هجمات إرهابية كما فعل أوباما لطمأنته للشعب الأمريكي، ما دفع سياسيين وحقوقيين وإعلاميين مصريين لمطالبة الرئيس المصري المؤقت بالتحقيق في تلك المكالمات.
وأذاع برنامج تلفزيوني يدعى "الصندوق الأسود" على فضائية "القاهرة والناس" الخاصة ويقدمه الإعلامي المصري عبد الرحيم علي، تسريبات لمكالمات مسجلة لنشطاء سياسيين، في الفترة التي أعقبت "ثورة 25 يناير"، من بينها مكالمة بين "أحمد ماهر" مؤسس حركة "6 أبريل"، و"محمد عادل" عضو الحركة، ومكالمة أخرى جمعت بين مصطفى النجار رئيس حزب العدل السابق عضو مجلس الشعب السابق (الغرفة الأولى للبرلمان) مع الإعلامي عبد الرحمن يوسف القرضاوي.
ولم يصدر تعليق رسمي من الرئاسة أو الحكومة أو الأجهزة الأمنية بشأن تسجيل هذه المكالمات وإذاعتها، وهو ما أثار انتقادات سياسية وحقوقية وإعلامية.
ووفقا لتقارير صحفية فقد أرسلت نحو 50 شخصية خطابا موجها إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور تحت عنوان "جريمة ضد حقوق الإنسان وانتهاك لسيادة القانون إلى سيادة الرئيس القاضي الدستوري"، طالبوا فيه باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد جريمة التنصت على الشخصيات العامة، مشيرين إلى أن التنصت دون إذن القضاء والنيابة جريمة يعاقب عليها القانون.
وتساءل مقدمو الخطاب عن المستفيد من محاولات تشوية كل من ارتبط اسمة بثورة "25 يناير" .
ومن بين الشخصيات التي قدمت هذا الخطاب، النشطاء السياسيون شادي الغزالي حرب، وإسراء عبد الفتاح، والإعلامي إبراهيم عيسى، والإعلامي يوسف الحسيني، وجمال الشناوي مدير تحرير قناة أون تي في الفضائية الخاصة، وجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق، وجمال فهمي وكيل نقابة الصحفيين، وخالد تليمه نائب وزير الشباب.
ويرى نشطاء سياسيون أنهم يتعرضون لحملة تشويه قبل إحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وذلك من خلال تقليب الرأي العام على الثوار وتصويرهم على أنهم "الطابور الخامس" وأنهم يحملون مخططا لهدم الدولة وإشاعة الفوضى كما حدث في عهد الأنظمة السابقة.
عبد الرحمن يوسف، أحد الذين تم تسجيل مكالمتهم اتهم من سماهم بالمتورطين بإعلانهم وفخرهم بالتجسس بأنهم "استخدموا الفبركة وإعادة المونتاج بالحذف والإضافة لمحاولة تلفيق اتهامات فارغة لثوار يناير الشرفاء".
وقال في بيان صحفي أمس الثلاثاء إنه "بصدد اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمقاضاة سائر المتورطين والمؤسسات (والمخبرين العاملين فيها) بعد أن تورطوا في تشويه ثورة يناير العظيمة، وشخصي الضعيف".
ووصف البرلماني السابق مصطفى النجار ما يتعرض له وزملائه بأنه "جريمة اغتيال معنوي كاملة الأركان تعتمد على
التجسس وفبركة محادثات الناس وتزويرها في دولة يرأسها قاض كان على رأس أكبر محكمة فى مصر لم يحركه حتى الآن كل ما يحدث للقانون من انتهاك وتشويه الشرفاء ومحاربة الثوار بهذه الأساليب القذرة".
وسرد النجار عدة تفاصيل لتهديدات تلقاها من جانب شخصيات قال إنها على صلة بالأمن الوطني، طالبوه بعدم الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهو ما رفضه النجار بحسب حديثه، ما أدى إلى "شن حملة إعلامية عليه من خلال تسريب تلك المكالمات".
وأوضح النجار في بيان صحفي نشره الثلاثاء على موقعه الرسمي أنه سيتقدم للقضاء وسيسلك الطرق القانونية لأخذ حقه ضد كل من تورط فى مسلسل السب والقذف والتخوين والفبركة والكذب.
وبحسب خبراء قانويين فإن قانون العقوبات المصري، أباح تسجيل محادثات المجني عليه، أو التقاط صور له في مكان عام، بينما جرمها إذا تمت في مكان خاص.
وفرق القانون في العقاب بين من قام بالتصنت من موظفٍ عام اعتمادًا على سلطة وظيفته وبين ارتكابها من قبل شخص آخر، فعاقب الأخير بالحبس مدة لا تزيد على سنة، بينما ارتفع بالعقوبة إلى الحد الأقصى لعقوبة الحبس وهو ثلاث سنوات بالنسبة للموظف العام.