كتبت هيئة التحرير في صحيفة الـ "
واشنطن بوست" الأمريكية افتتاحية قالت فيها إن "الديمقراطية
المصرية الوهمية، لا تستحق المساعدات الأمريكية".
وتقول الافتتاحية إن النظام العسكري في مصر يتخذ خطوة رئيسية تجاه بناء دولة استبدادية، تشهد قمعا هو الأشد مما عرفته أي دولة خلال عقود. فقد دعت السلطات المواطنين للتصويت في استفتاء على دستور جديد يستثني أجهزة الجيش والشرطة والمخابرات من رقابة السلطة المدنية؛ ويتيح لهذه الأجهزة محاكمة أي شخص تعتبره خطيرا أمام محكمة عسكرية.
وتشير الافتتاحية إلى إن الفريق أول عبد الفتاح
السيسي "الذي قاد الانقلاب في 3 يوليو الماضي؛ ألمح أنه سيعتبر التصويت في
الاستفتاء تفويضا له ليكون الرئيس القادم للبلاد".
وتضيف الصحيفة إن الاستفتاء ينظم في مناخ سياسي يستحيل فيه تنفيذ تصويت نزيه. فقد اعتقل النشطاء الذين نظموا حملات سلمية للدعوة للتصويت بـ "لا" على
الدستور بتهمة محاولة "تغيير مبادئ الدستور"، ومنعت المظاهرات. كما قتلت الشرطة 27 شخصا واعتقلت 703 أشخاص أثناء محاولتهم للتظاهر خلال أيام الجمعة الثلاثة الماضية، بحسب هيومان رايتس ووتش.
وتقول هيئة التحرير في الـ "واشنطن بوست" إن استهداف النظام لم يقتصر على الإسلاميين، بل تعداه للقيادات العلمانية، إذ اعتقل أربعة من أشهر قادة ثورة يناير بتهمة المشاركة في تظاهرات غير مرخصة. وإضافة لذلك، تقول الصحيفة، فقد أغلقت القنوات التلفزيونية المعارضة، كما اعتقل ثلاثة من صحفيي مكتب قناة الجزيرة في القاهرة بدون محاكمات.
وتضيف الصحيفة إن المصريين سيصوتون في الاستفتاء على الدستور دون أن يعلموا موعد عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأيهما سيعقد قبل الآخر. وتنقل الصحيفة عن الباحثة في مركز كارنيغي "ميشيل دون" قولها إن المصريين لا يعلمون أيضا طبيعة الدوائر الانتخابية في الانتخابات القادمة، مشيرة إلى أن تقسيم الدوائر كان يستخدم من نظام مبارك للتلاعب بنتيجة الانتخابات وتحجيم الأحزاب المعارضة، كما لا يعلم أحد- بحسب ميشيل دون- إن كانت السلطة القادمة ستمتلك حق تعيين الإدارات المحلية أم أنها ستنتخب انتخابا.
وتشير الصحيفة إلى أن معظم مراقبي الاستفتاء سيكونون من المنظمات التي تؤيد تمرير الدستور، فيما طردت السلطات "معهد الديمقراطية الوطني" و "ومعهد الجمهوريين الدولي" اللذين شاركا في الرقابة على انتخابات 2012.
وفي ظل هذه الظروف، ترى الصحيفة إن "خطة الطريق للديمقراطية" التي يروج لها الفريق السيسي ليست سوى مجرد "ورقة توت لتغطية إعادة بناء النظام السابق، ولكن بشكل أكثر خبثا". ومع ذلك، فإن إدارة أوباما تتجه نحو إعادة كافة المساعدات الأمريكية لمصر، إذ أن "مشروع قانون الإنفاق الشامل" الذي أعد للحصول على موافقة الكونغرس، استثنى مصر من قانون قطع المساعدات عن الدول التي يحصل فيها انقلاب عسكري، بضغط من إدارة أوباما. وسيسمح هذا الاستثناء، بحسب الصحيفة، باستئناف إرسال مساعدات بقيمة مليار دولار لمصر "إذا شهدت الإدارة الأمريكية أن السلطات المصرية نظمت استفتاء على الدستور، وأنها تدعم مسار الانتقال الديمقراطي". بينما سيتم صرف 500 مليون دولار أخرى في حال قدمت إدارة أوباما "شهادة" بأن السلطات المصرية نظمت انتخابات برلمانية ورئاسية وأنها "تقوم باتخاذ خطوات في اتجاه الحكم بشكل ديمقراطي وتطبيق إصلاحات اقتصادية". وترى الصحيفة أن هذه "الشهادات" لا يمكن أن تقدم بنزاهة.
وتقول الصحيفة إن المقاربة القمعية التي ينتهجها العسكر لن تؤدي للاستقرار في مصر، ولن تساهم أيضا في حل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية الحادة.
وتنهي هيئة التحرير في الـ "واشنطن بوست" مقالها الافتتاحي بالقول إن على أوباما توضيح موقفه إذا كان فعلا يؤمن بضرورة فرض عقوبات على النظام "الاستبدادي الجديد في مصر"، وإن على إدارته "الوقوف إلى جانب المصريين، الذين يكافحون لتحقيق ديمقراطية حقيقية، ابتداء بأولئك الذين يقبعون في السجون".