فنون منوعة

"دمعة الجلاد" .. وثائقي استحضرته "إعدامات" مصر

غلاف الفيلم "دمعة الجلاد" - (أرشيفية)
غلاف الفيلم "دمعة الجلاد" - (أرشيفية)

احتمالات إنسانية خالصة يسوقها الفيلم الوثائقي الفرنسي "دمعة الجلاد"، على مدار 20 دقيقة حول عقوبة الإعدام، استحضرها الحكم الأخير، القابل للطعن والاستئناف، بإعدام 528 مصريا.

يطالب الفيلم بإلغاء عقوبة الإعدام، معتبرا أن بضعة كلمات يتلوها القاضي في حكم بالإعدام قد تكون كفيلة بوضع حد لحياة شخص ما؛ شخص ربما كان شابا في مقتبل العمر.. ربا لأسرة.. أبا لأطفال.. ربما كان ضحية قبل أن يكون جانيا.. ربما كان مظلوما وربما كان ظالما؛ ربما وربما،  الفيلم الفرنسي الذى تم إنتاجه عام 2013 تداوله نشطاء مصريون بكثافة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عقب إصدار محكمة جنايات المنيا (وسط مصر)، الاثنين، حكما بإعدام 528 متهما في تهم تتعلق بالشغب وقتل ضابط شرطة.

أحداث الفيلم تبدأ من ميدان التحرير في شباط/ فبراير 2011، عندما قام الثوار بتعليق رقبة دمية على هيئة الرئيس المخلوع مبارك في حبل مشنقة مع ترديد هتاف "القصاص المعروف والمشانق على الكفوف"؛ لينطلق الفيلم بعد ذلك في توثيق أربع حالات جنائية محكوم عليها بالإعدام، ويرصد كم هي قاسية تفاصيل حياتهم اليومية في انتظار الموت على حبل المشنقة، خاصة أن كلا منهم يقسم بالله على أنه بريء.

مؤلفة الفيلم، ناهد صلاح، قالت إن الفيلم يناقش مدى قسوة أحكام الإعدام من منظور إنساني بعيدا عن المنظور الديني أو السياسي لهذا قمنا بزيارة عدد من المحكوم عليهم بالإعدام واخترنا منهم أربع حالات للتوثيق من بينهم امرأة.

وتتابع أن القاسم المشترك بين قضايا كل هؤلاء هو كيف أن القهر و الظلم والفقر الذي تسبب فيه نظام مبارك لمصر صنع لنا الجريمة وصناعها؛ وكيف أن المجرم كان ضحية قبل أن يحترف الإجرام، لذلك قام المخرج بتصوير القاهرة من أعلى نقطة ممكنة لنكشف بوضوح عن حجم القهر والفساد الذي يعانيه قاطنوها.

وترى مؤلفة الفيلم أن كل هذه الخلفيات لابد أن توضع في الاعتبار قبل إصدار الحكم.

وتقول ناهد: "الأقسى من عقوبة الإعدام نفسها هو عدم تحديد موعد مباشر لتنفيذها فهناك حالة ظلت 12 عاما سجينة قبل أن ينفذ عليها الحكم؛ ما يجعل المتهم يموت في اليوم 100 مرة في انتظار تلك اللحظة التي سيشنق فيها لذلك طالب الفيلم بإيجاد عقوبة رادعة وبديلة للإعدام، ولتكن السجن المشدد مدى الحياة".

أما مفاجأة الفيلم بالنسبة لها فكانت شخصية "عشماوي" (وهو اسم اعتباري يطلق على كل شرطي مكلف بتنفيذ الحكم)، أشهر منفذ لحكم الإعدام في مصر، والذي يرى أنه مطبق قاعدة القصاص على الأرض ومع ذلك لم يتمالك دموعه وبكى حينما تذكر متهمين قام بإعدامهم رغم شعوره ببرائتهم، ولكنه مجرد أداة لتنفيذ الحكم ولا يملك لهم من الأمر شيئا ومن هنا جاءت تسمية الفيلم "دموع الجلاد".

اعتبرت المؤلفة أنه من المنطقي جدا أن تطرح فكرة إلغاء عقوبة الإعدام التي لا يعتد بها سوى في 57 دولة فقط بينما تم استبعادها من قوانين معظم دول العالم، خشية أن يذهب ضحيتها متهم مظلوم لم يفلح في إثبات براءته.

وتقول ناهد أنها طرحت فيلمها من منظور إنساني بحت لا للدفاع عن مجرم ولا لتبرئة متهم، و"لكننا للأسف أصبحنا نفتقد للتسامح الذي تحض عليه الديانتان الإسلامية والمسيحية، وأصبحنا أكثر تعنتا ضد من نظنه مجرما رغم أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يحقق و يدقق كثيرا في الشواهد كي يتبين قبل إصدار حكم ما".

الفيلم الذي لم يعرض في مصر حتى الآن أنتجه التلفزيون الفرنسي، وفريق عمله بالكامل غير عربي عدا المؤلفة المصرية، والمخرج العراقي ليث عبد الأمير؛ أما تصوير مشاهده بالكامل فكان في عدة أماكن بالقاهرة أبرزها سجن الاستئناف بالقاهرة وسجن القناطر للنساء؛ كما تم الاستعانة فيه بمشاهد درامية من أفلام سينمائية كمشهد إعدام الممثلة يسرا في فيلم "إمرأة آيلة للسقوط".

"دمعة الجلاد" شارك في 10 مهرجانات دولية عقب تتويجه في مهرجان تيرانا السينمائي لعام 2013 بألبانيا.

وقضت محكمة جنايات المنيا (وسط مصر)، الاثنين حكما بإحالة أوراق 528 متهما من مؤيدي الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلى مفتي الديار، لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، وبراءة 17 آخرين، وتحديد جلسة 28 نيسان/ أبريل المقبل للنطق بالحكم؛ بعد إدانتهم بـ"الهجوم على أقسام شرطة وقتل شرطي".

وحجزت المحكمة ذاتها، الثلاثاء، القضية التي يحاكم فيها 683 متهما آخرين، بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، وهي قضية اقتحام مركز العدوة في المنيا وتعريض السلم العام للخطر، للنطق بالحكم.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم