لم تكن سناء طلال تعلم أنها لن تستطيع ممارسة أنشطتها المعتادة بعد
الزواج كما كانت وهي طالبة، "أصبحت مسؤولياتي ببيتي أهم من المجتمع" تقول سناء لـ "عربي 21".
وفي الوقت الذي تنشغل به المرأة المتزوجة بمسؤوليات المنزل، من تربية أبناء إلى اهتمام بالزوج، والأهل، لا تعدم الناشطات الوسيلة للتواصل مع المجتمع: "أتواصل مع المجتمع الخارجي عن طريق الإنترنت فقط" تضيف تقول سناء.
وعن دور المرأة مقارنة بدور الرجل أوضح د.إياد نمر، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية في جامعة العلوم التطبيقية في الأردن، أن المرأة تشاطر الرجل مجالات الحياة، وقد يكون لأعمال المنزل والعناية بأسرتها النصيب الأكبر من وقتها، فإذا وجدت من يقوم عنها بهذا العبء كأن تستقدم خادمة مثلا، فهذا جيد، والمرأة خلقت للعبادة وعمارة الأرض، وتشمل -العبادة- الاهتمام بالبيت والأسرة وأيضا التطوع وخدمة المجتمع.
ولفت نمر في حديثه لـ "عربي21" إلى أن الزواج ليس بحد ذاته المؤثر على نشاط المرأة، وإنما تتميز فترة الشباب بالاندفاع والقوة وعلو الهمة والتحرر من المسؤوليات التي تكثر بعد الارتباط.
فيما تشكو بعض النساء من أن أزواجهن يمنعونهن من المشاركة بأي نشاط، فمثلا تقول ربة المنزل الأردنية زينة سعود لـ "عربي21" إنها تتمنى لو تخرج ساعة لتعمل أي شيء، ولكن زوجها يمنعها من ذلك، وحتى لا يقبل أن تلتحق بمركز رياضي، كما يقول الزوج فيصل عاهد لـ "عربي21": "أنا ضد مشاركة المرأة في أي نشاط بعد الزواج، وعليها أن تلزم البيت لتربية أبنائها".
فيما علق نمر على ذلك قائلا: بالنسبة للرجل الذي يمنع زوجته من العطاء وهي قادرة عليه ومؤدية واجباتها نحوه، فهو يمنع المجتمع من خير كثير، وكذلك إذا أحجمت المرأة عن العطاء رغم قدرتها فهي مقصرة.
وذكرت الناشطة الأردنية صديقة الطمّوني أن "المرأة تختلف بعد الزواج، لأنها تصبح تحت إمرة زوجها الذي يسندها أو يثبطها، لذلك له الدور الأكبر بتحديد مسارها، فهناك من استمروا بنشاطهم وبعضهن ازددن نشاطا بمشاركة أزواجهن لهن، لأنهم أصبحوا يشعرون بتطوّر زوجاتهم". كما قالت لـ"عربي21".
تختلف البيئة والظروف من شخص لآخر في التعاطي مع موضوع نشاط المرأة. فمن جهة أخرى تقول أم محمد غانم، ربة منزل: "عند احتكاكي بالأمهات، نتناقش بعدة أمور تهم الأسرة والأبناء، وتتولد لدينا خلفية عن طريقة تفكير أبنائنا واحتياجاتهم، وزوجي يساعدني على التقديم للمجتمع، ويقول لي دائما: أحب أن تكوني أفضل مني، وساعدني جدا في تطوير ذاتي، وإكمال تعليمي، ويحضر لي كتبا متنوعة لأنمّي ثقافتي".
وتضيف غانم لـ "عربي21": "أشعر بأن العطاء الخارجي يمدني بالقوة، ودافع لأقدم أفضل ما لدي لأسرتي".
وفي السياق ذاته تقول المسؤولة الاجتماعية في جمعية العفاف الأردنية، وفاء حجير، إن "نشاط المرأة يعتمد على الرجل، وقد يزيد إذا كان متفهما ويؤمن بدور المرأة في المجتمع".
ويعضد كلامها ما قاله المهندس عبيدة هنطش -الذي تشارك زوجته بالأنشطة- بأنه "يجب على المرأة أن تترك بصمة في المجتمع، وهي أيضا تنمي مهاراتها، وتغير الروتين لديها، وتفرغ طاقاتها، وحينها لا مانع لدي من مشاركتها الفاعلة، وأشجعها على ذلك". كما أكد على كلامه المهندس محمد شعرواي قائلا: "للمرأة دور عظيم جدا، ولا يقل أبدا عن دور الرجل، ولولا دور المرأة ما قامت لنشاط الرجل قائمة".
وتقول الناشطة الشبابية في الكويت إسراء عايش لـ "عربي21": "اتفقت مع زوجي في فترة الخطوبة، بأن أستمر في أعمالي التطوعية، وطالما لم يحدث أي تقصير بالمنزل، فلا بأس من الاستمرار".
وأكدت وفاء حجير أيضا على أهمية المحافظة على النشاط الاجتماعي ولو بأقل قدر قائلة لـ"عربي21": "بالنسبة للمرأة التي تجد عائقا في الخروج من المنزل فبإمكانها أن تكون منتجة من منزلها كأن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، وتعمل على البحث، والإعداد، وإجراء المكالمات، والطرق متاحة وكثيرة".
المعلمة إسراء القضاة تقول لـ "عربي21": إن "طبيعة النشاط تختلف بعد الزواج، بحسب الوقت والجهد.. لكن يهمني أن لا أنقطع عن العالم الخارجي".
وعن دور المرأة وأثرها في المجتمع قال الاستشاري في شؤون الأسرة مفيد سرحان: من الظلم إقصاء المرأة، لأن في ذلك خسارة كبيرة، ولا نغفل عن أنها تمتلك ميزات مختلفة عن الرجل، وقد تتقن بعض الأعمال أكثر منه.
وتابع سرحان لـ "عربي21" أن على المرأة الموازنة بين النشاط الخارجي والداخلي، والتخصص بشيء معين دون تشتيت الجهود، وإقناع الزوج والأولاد بضرورة هذا النشاط"، وأكد على أهمية وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية في إبراز دور المرأة في التطوع.
واختلفت وجهات النظر لناشطين على "فيسبوك" حول أثر الزواج على نشاط المرأة بين مقر ومنكر، وتم طرح عدة حلول للمرأة التي لا تستطيع المشاركة بسبب مسؤولياتها، فبإمكانها مثلا التواصل عن طريق "الإنترنت" أو القراءة، أو تعلّم الطبخ، والأعمال اليدوية، وابتكار الألعاب المفيدة للأطفال، وعمل مشاريع صغيرة في البيت.