لفت الكاتب البريطاني، ريتشارد ويليامز، في صحيفة "التايمز" البريطانية إلى ما أسماها "المصيدة" التي نصبها "تنظيم الدولة" للغرب كي يتدخل في
العراق.
وقال في مقال له: "ليس ضروري القيام بعملية عسكرية في العراق، فقد قام
السنة بسحق المتطرفين من قبل، وهم قادرون اليوم على فعل الأمر مرة أخرى".
وأشار إلى "الهزيمة التي مني بها تنظيم
القاعدة في العراق ما بين عام 2005 و2008"، ما يعني بحسب الكاتب، "أن التاريخ يعيد نفسه، فهناك اليوم عشرة ملايين سني تحكمهم سلطة إرهابية أجنبية مصممة على تمزيق قلب بغداد وحضارتنا، ويتم قتل الرهائن أمام شاشات التلفاز، فيما يجري نقاش غير حاسم حول دور عسكري بريطاني وأمريكي".
وأوضح أن "ما يجري هزيمة لسياستنا في العراق والشرق الأوسط، هزيمة تبدو غير قابلة للتصحيح، وبالتأكيد ستؤدي إلى إرهاب لا نهاية له. فالحرب في سوريا تمنح عونا لكل هذا وتعتبر قاعدة لوجيستية له، ولا يقدم تنظيم الدولة أي عون لهذا التعقيد في الشرق الأوسط لدرجة أنه يجمد كل الحكومات".
وقارن الكاتب بين الموقف "الهادئ والثابت" الذي بدا من القاتل المعروف الآن بـ"الجهادي جون"، والموقف الدفاعي الذي بدا من القادة الغربيين، حيث لم يكونوا قادرين على التواصل علاوة على تقديم استراتيجية، على حد قوله.
وأضاف أنه "في الوقت الذي لم نفعل فيه شيئا لمناقشة الحكمة في عدم ضرب سوريا، كان
داعش يتضاعف ويعزز سلطته كجزء دائم ومهدد من نسيج النظام العالمي".
وقال: "في الوقت الحالي يبدو الإرهابيون وكأنهم ينتصرون، ولا يمكن هزيمتهم إلا بطريقة لاعب بلي ستيشن، كما دعا هنري كيسينجر يوم أمس، وفي الوقت نفسه نحاول تحرير الرهائن لديه بأي طريقة. ولكن المسألة ليست كما تبدو".
وتابع بأن "الداعين لهذه الأفعال ينسون التجربة الأخيرة ويتجاهلون التجربة القاسية لمن جربوها. فهم يريدون تصديق ما يقوله الجهادي جون وليس الحقائق، ويتناسون أيضا أن
بريطانيا والولايات المتحدة ومؤسساتهما الأمنية لم تعد تدعو للتدخل كما في عام 2003".
وهنا يذكر الكاتب بالشجاعة التي تميز بها السكان السنة والذين قاوموا القاعدة في عام 2007، "فمن شاهد هذا الشعب يعرف بأنه لا نحن ولا غيرنا لديه المقدرة على هزيمة تنظيم الدولة. فأصدقائي في الأنبار يتحدثون عن الآلاف من العراقيين الذين قتلوا، منهم من صلب وقطع رأسه، وما يعكس من ممارساتهم على شاشات التلفاز الطبيعة المريعة لتنظيم الدولة وسلطته الزائفة، والشعور باليأس بأنك جزء من جماعة هي عدو للعالم".
وقال إن "هؤلاء الأصدقاء ينظرون لأنفسهم كعراقيين أولا وأخيرا، وليسوا جزء من الخلافة، ويعتبرون داعش تنظيما أجنبيا يستغل الشعور بالحرمان لديهم وهو حقيقي جراء سياسات حكومة المالكي. وقادهم الخوف من الميليشيات الشيعية والفوضى الناجمة من الحرب السورية للبحث عن دولة لأنفسهم".
وأشار إلى أن السنة يخشون وحشية تنظيم الدولة، "فهم يخشون بشكل أكبر من دعايته، التي تقوم بخلق الظروف التي تستدعي اندلاع حرب إقليمية لا تنتهي، ما يعني نهاية مستقبل أبنائهم".
وانطلاقا من هذا "علينا أن لا نقع أسر كلام الجهادي جون فهو لا يقتل الرهائن حتى يبقينا بعيدين عن المنطقة بل يريد جرنا لنزاع مفتوح في العراق وسوريا بطريقة سيؤكد وضع داعش الذي نصب نفسه للدفاع عن الإسلام ضد الغرب المسيحي ما يزيد من سيطرته على السكان"، بحسب الكاتب.
و قال الكاتب إنه وبنفس الطريقة، يشعر "داعش" بالمتعة عندما يقوم معلقون يفتقدون الحكمة بالتعليق على مصير الضحايا المسيحيين للنزاع قبل أن يعلقوا على وضع المسلمين. "وعليه فلو قام الغرب بحملة ضد داعش فسيقوم بحملة دعائية ضده".
ويرى ويليامز أن قرار القادة الغربيين التحرك بحذر بدون الوقوع في كمين التنظيم كان مصيبا، فرغم الوضع القاتم في العراق واحتمال سفك الدماء في شوارع الغرب، فتنظيم الدولة لا يتقدم، ورغم القصف لا يزحف داعش نحو بغداد، ولا نرى العراق يتفكك وهناك مصاعب تمنع انتشار داعش في مناطق مثل لبنان وغيره. وهناك أدلة تفيد بأن توسع التنظيم يفوق طاقته، كما أن وحشيته بدأت تؤثر عليه سياسيا، وتضعفه خاصة في العراق.
ومثل تنظيم القاعدة من قبله، فعدد مقاتليه ليسوا كثرا، وهو غير متماسك أو شجاع كما يجب أن يقدم نفسه على التلفاز، وليس فعالا في المعارك، ولهذا فمن السهل هزيمته.
وفي التوصيف العسكري التقليدي، فقد وصل لذروته العسكرية كما حدث مع نابليون على أبواب موسكو.
وفي الوقت الذي يجب أن نتأكد فيه من عدم حدوث تقدم جديد لهم، وهذا يعني القيام بغارات جوية محدودة، فالتحرك القادم يجب أن يكون تعهدا صادق من الحكومة العراقية للمواطنين السنة بحماية أمنهم والاستجابة لمطالبهم.
ويرى الكاتب أيضا أن على القوات العراقية أن تجهز نفسها "مدعومة بمعلوماتنا الأمنية والغارات الجوية، والقوات الخاصة للتواصل مع السكان السنة، واستعادة المناطق العراقية التي سقطت بيد الإرهابيين الأجانب"، على حد قوله.