لم تمنع الإعاقة المصور
الفلسطيني، أسامة السلوادي، من أن يجول ويوثّق بالصور
التراث الحضاري المعماري في فلسطين عبر كتابه "بوح الحجارة" من خلال 250 صورة لنحو 30 موقعًا فلسطينيًا تاريخيًا في عمل استمر نحو العامين.
وفي حديث للأناضول، يقول السلوادي الذي أصيب برصاصة إسرائيلية في العام 2006، جعلته قعيدًا على
كرسي متحرك: "يحتوي الكتاب على 250 صورة في 280 ورقة، وثّقت فن
العمارة في فلسطين كالمباني، والزخارف المعمارية، الأسواق، والحارات، والأقواس، والأعمدة، الأبواب، والشبابيك، لعدد من الحضارات التي مرّت على فلسطين كالبيزنطية والمملوكية والعثمانية".
وعن سبب تسمية الكتاب باسم "بوح الحجارة"، يقول: "هي حديث الحجارة، فكل حجر ومعلم تاريخي له حكاية وقصة، وثّقتها هنا للأجيال القادمة".
ويبين السلوادي أن مشروعه لتوثيق التراث غاية في الأهمية لشعب تحت الاحتلال، "يتعرّض للعبث بالمورث الثقافي وتزويره لصالح المحتل"، لافتا إلى أن كتابه "أول توثيق بالصور للموروث الثقافي".
ويضيف: "شعوري المتزايد بالخسارة الناتجة عن التغيّرات التي تحصل على الموروث الثقافي بشكل عام ومحاولة سرقتها كبعض المأكولات والملابس والحجارة وتسجيلها عالميًا كتراث يهودي دفعني للتوثيق".
ويمضى السلوادي قائلاً: "أخذت على عاتقي الشخصي هذا العمل".
وأعلن السلوادي رسميًا عن كتابه، الأحد الماضي، خلال حفل أقامه بمعهد محمود درويش الثقافي في رام الله (وسط الضفة الغربية)، ويتواجد بوح الحجارة في مكتبات الضفة الغربية والقدس، والأردن، ويقول إنه يسعى إلى إيصاله إلى مواقع أخرى، كما يطمح لتحويله إلى نسخة إلكترونية لتصل للعالم أجمع.
ويتابع: "فلسطين تعرّضت لعدة حقبات تاريخية حكمها الرومان الإغريق والمماليك، والعثمانيون،مليئة بالحضارات، كل من كان هنا ترك جزءًا من آثاره انعكس على العمارة، ففلسطين مزيج من الثقافات العالمية الكل يذهب وتبقى فلسطين".
وخلال عمله بتوثيق فن العمارة الفلسطيني، زار السلوادي 30 موقعًا تاريخيًا وأثريًا فلسطينيًا أشهرها البلدة القديمة في نابلس، ومدينة سبسطية شمال نابلس، والبلدة القديمة في الخليل (جنوب)، وكنيسة المهد في بيت لحم (جنوب) وتل السلطان وقصر هشام في أريحا (شرق)، والعديد من المواقع التاريخية من مقامات وقصور.
ويقول السلودي: "مدينة نابلس (شمال الضفة) لها خصوصية فهي عبارة عن تحفة حجرية، مركز حضاري هائل عبر الأزمان، وهي أكبر المدن القديمة في فلسطين عراقة تشدك وتدعوك".
ويشير إلى أن بوح الحجارة "جمع صورًا للضفة الغربية والقدس وغزة، وفلسطين المحتلة عام 1948".
ويلفت أن "كل الصور حديثة ما بعد العام 2010 باستثناء القدس وغزة حيث منعني الاحتلال من الوصول إليها، حيث استخدمت صورًا من أرشيفي".
ويوضّح المصور الفلسطيني أن "المشروع ليس كتابًا، بل هو عمل مستمر، الكتاب باقة من بستان".
ويقول السلوادي إن "بوح الحجارة" كتاب فوتغرافي يوثّق التراث المعماري الفلسطيني، وهو الكتاب السابع لي، والثاني في سلسلة "الموروث الثقافي الفلسطيني".
وبدأ السلوادي مشروعه التوثيقي بجهد خاص حسب قوله منذ العام 2010، حيث خرج للنور جزآن من ستة أجزاء، الأول: "ملكات الحرير" الذي يتخصص بالأزياء الفلسطينية التقليدية، والثاني "بوح الحجارة"، والثالث الذي اقترب السلوادي من إنهاء تصويره يتخصص بالحلي والمجوهرات الفلسطينية، والرابع الزهور والطبيعة، والخامس المطبخ الفلسطيني والتداخلات التي حصلت عليه من المناطق المحيطة التي تأثرت بها كالشامي والتركي والمصري اللبناني، والسادس الحرف الصناعية.
وأسامة السلوادي مصور فلسطيني عمل في عدد من الوكالات العالمية والمحلية، من مواليد العام 1973، من بلدة سلواد شرقي رام الله، عمل في الانتفاضة الأولى (1987- 1993) وانتفاضة الأقصى (2000-2006)، وأصيب برصاصة إسرائيلية بالنخاع الشوكي خلال تغطيته مواجهات بين الجيش الإسرائيلي وشبان فلسطينيين أدت إلى إصابته بإعاقة جسدية لم تمنعه بحسب قوله من ممارسة مهنة التصوير ولم تحد من طموحه.
ويطمح السلوادي لتلقي العلاج في الخارج ليعود مرة أخرى واقفا على قدميه.