أثار الحكم بالبراءة على الرئيس
المصري المخلوع محمد حسني
مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه، فضلا عن باقي رموز نظامه الآخرين، الكثير من ردود الفعل الغاضبة لدى القوى والشخصيات المؤيدة لثورة 25 يناير، وفتح الباب للتساؤل عما إذا كان هذا الحكم قد يشعل الحراك الثوري ويوحد فرقاء ثورة يناير مرة أخرى، أم أن الخلافات ستظل سيدة الموقف؟
من جانبه، أكد محمود عزت، القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين والقيادي في جبهة طريق الثورة "ثوار"، أن ما حدث هو انتصار حقيقي للثورة المضادة بشكل واضح، وهي الآن في أقوى لحظات قوتها، لافتاً إلي أن الحشد الأمني والإعلامي الكبير ضد مظاهرات 28 نوفمبر كان بسبب هذا الحكم.
مؤامرة خارجية
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن الإعلام المصري منذ فترة طويلة كان يرسم "مبارك" في صورة البريء، وأن ثورة يناير هي مؤامرة خارجية محضة، مؤكداً أن أحكام البراءة للجميع لرموز "مبارك" يقابها أحكام تصدر بسنوات سجن طويلة ضد الثوار، بسبب فقط خرق ما يسمي بقانون التظاهر أو اتهامات أخري لا قيمة لها.
وتابع عزت: "مؤسسات الدولة العميقة كالقضاء والإعلام والنظام ككل بقيادة عبد الفتاح
السيسي يحاربون ثورة يناير بكل قوة، ولذلك كان من المتوقع صدور هذا الحكم بالشكل البشع، لأن من يحكمنا هو رجل من نظام مبارك ومن أشد المخلصين له، لأن نظام مبارك لا يمكن له أن يحاكم نفسه".
ونفى عزت إمكانية إجهاض ثورة يناير، مؤكداً أن الثورة عملية طويلة المدى، والجماهير ترفض الأوضاع الحالية وساخطة من النظام القائم، وتسعي لوجود نظام بديل، وهذا يأخذ وقتا، لكن مادامت مطالب الثورة لم تحقَّق، فالثورة لا تزال قائمة وحية ومستمرة إلى أن تحقق أهدافها آجلا أو عاجلا.
وأوضح أنّ توحد الثوار أمر هام، لكن الأهم منه هو تحرك الجماهير ضد النظام، مضيفاً بأن هذا الحكم قد لا يؤدي إلى حراك جماهيري غاضب، بل إلى وجود حالة سخط عام ضد نظام السيسي، وهو ما سيؤدي إلى انفجار لا أحد يعلم موعده.
الثورة مستمرة
وقال المهندس حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط أن الحكم على مبارك اليوم "كشف من يحاول أن يستتر أو يدعي أو يمثل أنه مع المعارضة ومن يؤيد
انقلاب السيسي العسكري".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن على من يؤمن بأن مصر تستحق الأفضل، وتستحق العيش والحرية والكرامة، ومن يؤمن بثورة 25 يناير وأنها هي الثورة والأمل فليُكمل مسيرة الشهداء والمظلومين".
وقال عزام إن الصورة مستمرة وإن أهدافها ستتحقق لا محالة، فالتاريخ لا يعود إلى الوراء، وأضاف أن السبيل لاستعادة الثورة هو التعلم من الأخطاء وتوحد الفرقاء ومعارضي "الانقلاب العسكري".
من جهته أكد ياسر فتحي، المتحدث باسم المجلس الثوري المصري، أن البراءة دليل واضح وليس بحاجه لأي تفسير بأن "حكم العسكر" يحمي "مبارك" ونظامه تماما، ويسعى للقضاء على كل ما يمتّ للثورة بصلة، لافتاً إلي أنه بمثابة رساله لكل منتظر أو متردد من المشاركة في الحراك الثوري مفادها أنه لم يعد هناك إلا إنقاذ الثورة.
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن المشهد الإعلامي لم يكن إلا لحماية التواطؤ مع نظام مبارك ورجاله، مضيفاً بأن القضاء المصري كل يوم يثبت انحيازه وولاءه الكبير لمبارك وأنه يعادي الثورة ومن يقترب منها.
قبلة حياة أم شهادة وفاة؟
وقال فتحي: "ثورة يناير أخذت قبلة جديدة للحياة أمام كل من خان وأول من تواطأ، وختاما شكراً للقضاء المصري على إعلانه رسميا خيانة الثورة والثوار بعد طول خداع ومواربة".
وأكد إسلام الغمري، عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية والقيادي بتحالف دعم الشرعية، أن حكم المحكمة اليوم على مبارك ونظامه بالبراءة يكتب شهادة وفاة لثورة 25 يناير، ويأتي منسجماً وطبيعياً مع ممارسات سلطة الانقلاب التي انقضّت على "شرفاء الشعب المصري" وعصفت بهم، فأصبحوا ما بين قتيل ومصاب ومشرد وثائر.
وأردف لـ"عربي21": "لقد فتح هذا الحكم الباب واسعاً لاصطفاف ثوري حقيقي لثورة حقيقية كاملة، تهدم دولة الفساد، وتبني دولة الحق والحرية والعدالة، وتعيد للأمة الأمجاد، كما يأتي هذا الحكم ليقر ويبارك قتل وسحل وسجن وتعذيب الشعب المصري، كما هو شهادة تكريم لمبارك وزبانيته وللثورة المضادة، ورد الاعتبار لراعي الانقلاب ودولة المبارك الرسمي وهو العدو الصهيوني".
واختتم الغمري: "هذا الحكم قد أعاد عقارب الساعة لما قبل 25 يناير 2011، ووضع الشعب المصري أمام مسؤولية تاريخية، إما أن يكون أو لا يكون".
وأعلنت حركة شباب ضد الانقلاب عن "انتفاضة مقاومة" تنتصر لثورة يناير ولضحاياها تحت شعار "الله أكبر.. القصاص من القتلة".
وأكد ضياء الصاوي، المتحدث باسم حركة شباب ضد الانقلاب أنه "لا يجب أن يتوقف الثوار كثيراً أمام هذا الحكم، بل يجب أن يستثمروا الغضب الناتج عنه لانضاج الثورة وإشعالها حتى تمضي في طريقها حتى الانتصار".
وقال في تصريح لـ"عربي21": "فلا قصاص حقيقي للشهداء قبل انتصار الثورة، والثورات تنتصر أولا ثم تبدأ عملية القصاص، بل إن انتصار الثورة نفسه هو قصاص للشهداء الذين ارتقوا من أجل أن تنتصر الثورة، ولذلك فلنواصل ثورتنا ولنستجب لنداء أهالي الشهداء وصرخات الأمهات الثكلى ودعوات المصابين، ولندعو مرة أخرى إلى وحدة الصف الثوري في مواجهة الثورة المضادة، والثورة لم تنتهِ، بل ستشتعل مرة أخرى".
بدوره، أضاف الدكتور أحمد رامي، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة: "هذا الحكم نداء أخير ليوقظ كل من شاركوا في
ثورة 25 يناير ثم تفرقت بهم السبل، نداء بدماء شهدائها مثل كريم بنونة ومصطفى الصاوي ومئات غيرهم، هذا الحكم يتحضر معه معانٍ مثل "العدل أساس الملك" ومقولة ابن خلدون "الظلم مؤذن بزوال العمران".
وتابع: "لا بد من بناء تحالف سياسي على أهداف ثورة 25 يناير محتفظاً بحق كل مكوناته في التمايز في نقاط اختلافهم، وملزماً لهم بالحدود الدنيا من التنسيق والتعاون الواجب وفاءً لدماء الشهداء الذين لم يحاسب على قتلهم فرداً واحداً، بل قريباً سيحاسب الثوار أنفسهم على ذلك، فليستفق منهم بقايا العقلاء".
ورأى أن كل ما يجرى لا يمثل إلا مزيدا من الوقود يسكب على شعلة ثورة يناير ليزيدها اتقاداً، ولكنها ككثير من الثورات تشهد حالات ضعف وإخفاق وقد آن أن يتجاوز ذلك الشعب المصري ليتّحد لإسقاط الثورة المضادة.