ها قد بدأت قيود القرن الماضي تنكسر بقيادة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو.
تركيا الجديدة سوف تمضي قدماً في طريقها إلى تركيا الكبرى في عام 2023 بعد أن تكسر القيود التي تكبلها.
لقد بدأت تركيا الجديدة بتسريع عملية
السلام بعد أن تضررت بالمؤامرات التي حيكت ضدها، بعد انتخابات 30 آذار/ مارس، و10 آب/ أغسطس، وذلك بفضل الحنكة السياسية. وقد أمنت الحكومة كل ما يلزم من أجل المضي في عملية السلام ووضعها في الإطار القانوني الصحيح، هذا بالإضافة إلى توسيع "لجنة إمرلي"، وتسريع المباحثات الجارية بين الحكومة و"حزب الشعوب الديمقراطي"، وهو ما يعتبر خطوة إيجابية تسجل في تاريخ تركيا.
إن مواقف كل من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة الصارمة، واشتراك "أوجلان" -الذي يحمل صوت
الأكراد المتعطشين للسلام- في المباحثات أوصلت تركيا إلى نقطة تستطيع أن تلقي فيها أعباء كثيرة.
كان العنصر الأساسي في استراتيجية عملية السلام هو التاريخ؛ فقد اعتبر الأكراد أنفسهم المدافعين والمحافظين على الإسلام، ومعهم إخوانهم الأتراك في المنطقة الشرقية من الأناضول.
لقد اتحدوا مع إخوانهم الأتراك على مدى 1000 عام؛ ليواجهوا به عدوهم المشترك في خمس مراحل مفصلية. وقف الأتراك والأكراد سوياً بوجه الإمبريالية العالمية، وبوجه الحملات الصليبية في هذه المراحل الخمس، واستمروا في المرحلة السادسة بقيادة "أردوغان"، وبمساعدة "داود أوغلو".
لقد دخلنا التاريخ باتحادنا خمس مرات، ونحن اليوم نكتب التاريخ من جديد. وبإمكاننا أن نرى طريقنا من خلال النظر إلى صفحات تاريخنا المشرق:
1 - كان إعلاء كلمة الله هدف السلاجقة عندما بدأوا حربهم في الأناضول ضد أعدائهم البيزنطيين، ولم يتوان الأكراد أبداً عن الالتحاق بركب الجيش ليلحقوا الهزيمة بعدوهم في معركة "ملازغيرت" عام 1071. كان لهم فضل في فتح البلاد أمامنا من الأناضول وحتى أوروبا.
2- لقد وقف إخواننا الأكراد إلى جانب الأتراك في مواجهة التشيع الذي رعته إيران، وذلك بعد سقوط بعض مناطق الشرق بسبب انهيار الدولة السلجوقية، وانتقال الحكم للدولة العثمانية. وكان للعالم الإسلامي الكردي الشيخ "إدريس البيتليسي" فضل في انتصار العثمانيين على شاه إيران في معركتهم عام 1512؛ من خلال الاتفاق مع السلطان العثماني "يافوز سليم" ومساعدته. وهكذا تم إبعاد خطر التشيع عن إخواننا الأكراد، الذين فضلوا الوقوف إلى جانب الدولة العثمانية.
3 - لقد استطاع توحد الأكراد مع الأتراك أيام السلطان عبد الحميد الثاني في الفترة ما بين 1892 و1900 أن يفشل مساعي روسيا في إنشاء دولة أرمنية مستقلة، وذلك للوصول إلى "المياه الدافئة". وقد رعى السلطان عبد الحميد الثاني اتفاقاً بين الأتراك والأكراد لإفشال خطط الأرمن مع الإنجليز أيضاً، ما سهل لهم العيش بحرية في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول.
4 - في الحرب العالمية الأولى عاد الأرمن من جديد، وهذه المرة بصفتهم أداة بيد الروس بهدف الاحتلال والتوسع، إلا أن توحد العثمانيين الأتراك والأكراد ووقوفهم صفا واحد في وجه الأرمن ساهم في القضاء على حل الدولة الأرمنية المستقلة، ما ساعد أهل المنطقة وجميع المسلمين في شرق الأناضول على تأمين بيئة أكثر أمناً واستقراراً.
5 - لقد كان وقوف الأتراك والأكراد صفاً واحداً في وجه كل المخاطر الخارجية في حرب الاستقلال (1918 - 1923) عاملاً أساسياً في حماية هذا البلد. لقد أمنوا أساساً قويا لبناء الجمهورية التركية من خلال اتحاد تاريخي في وجه أعدائهم.
الخلاصة: إن الذين لا يستطيعون قراءة التاريخ لا بد أن يذهبوا إلى مزبلة الأمم! والذين يقفون عكس التيار يجرهم إلى الهاوية!
نشهد اليوم ولادة شفق جديد في اتحاد تاريخي سادس بين الأتراك والأكراد... لقد تعبنا جميعاً من المواجهات والانقسامات والخلافات، وها نحن نقف جنباً إلى جنب للوقوف من جديد، لنعيش حياة أكثر أمناً واطمئناناً.
أسأل الله أن يأتي عيد الـ"نوروز" هذا العام محملاً بالبشائر.
(عن صحيفة تقويم التركية – ترجمة: وتحرير عربي21)