كشفت وزارة
الآثار والسياحة
الفلسطينية لـ"
عربي21"، أن الاحتلال
الإسرائيلي يسيطر على 53% من الآثار في
الضفة الغربية، فضلا عن استيلائه على متعلقات التراث الأخرى من فنون وأثواب ومأكولات وغيرها.
وقال مدير وحدة البيانات والخرائط في وزارة الآثار والسياحة الفلسطينية محمد جرادات، إن استمرار سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على نحو 53% من المواقع الأثرية الفلسطينية يؤدي إلى مزيد من الإهمال والسلب بحقها، خاصة أن اتفاق أوسلو قبل نحو 20 عاما وضع سيطرة إسرائيلية عليها.
وأضاف أن هناك خطورة كبيرة للإهمال الذي تتعرض له تلك المواقع في المناطق المصنفة (ج)، التي تخضع لسيطرة إدارية وأمنية إسرائيلية، ولا يمكن لأي جهة فلسطينية تقديم المساعدة في تلك المواقع إلا بعد تنسيق مسبق، ما يجعلها عرضة للنبش والسرقة من قبل لصوص الآثار.
ونوه جرادات إلى أن المواقع الأثرية الفلسطينية تعرضت للتخريب والتدمير جراء بناء الجدار وعمليات الضم والتوسع، وشق الطرق لصالح المستوطنات، كما أنه توجد مواقع أثرية داخل معسكرات التدريب التابعة لجيش الاحتلال.
وأكد أن الجرائم الممارسة بحق المواقع الأثرية تعد مخالفة للقانون الدولي، وترتقي إلى مستوى جرائم حرب مقارنة مع الحفاظ على المواقع في المناطق الخاصة للسيطرة الفلسطينية. ووجه الاتهام بالضلوع بسرقة الآثار إلى لصوص محليين يسربون القطع الأثرية إلى وسطاء ومن ثم تصل لتجار آثار إسرائيليين.
سرقة التراث وأدواته
وأشارت مدير السجل الوطني للتراث في وزارة الثقافة أماني الجنيدي، إلى أن الاحتلال عمد خلال السنوات الأخيرة إلى سرقة التراث الفلسطيني والعربي، سواء ما له علاقة بالأثواب المطرزة، أو التراث الغنائي والموسيقي، أو حتى المأكولات الفلسطينية والشرقية. وهو من خلال ذلك يحاول خلق جذور ثقافية له في المنطقة التي احتلها بالقوة، لأنه لا يمكن للاحتلال أن يتجذر في منطقة دون أن يكون له عمق تاريخي أو ثقافي فيها، ومن خلال هذه السرقات يحاولون إقناع الرأي العام العالمي بأحقيتهم بفلسطين.
وأكدت أن لذلك الكثير من العواقب على التاريخ والتراث الثقافي الفلسطيني، فمن الممكن أن ينشأ جيل من الشباب منسلخ عن ثقافته ومتجرد منها، ما يسهل ذوبان هذه الأجيال "الضعيفة" التي انسلخت عن هويتها الثقافية.
وأوضحت الجنيدي، أن الاحتلال يقوم بكل محاولات السرقة للتراث بشكل مدروس وليس بشكل عبثي، فالاحتلال برأيها يعرف أن السيطرة على الأرض وحدها لا تفي بأغراضه؛ منوهة إلى أن كل هذه المحاولات بالرغم من أنها بلغت ذروتها لا يمكن أن تطمس التراث والتاريخ الفلسطيني، لأن المواطن الفلسطيني يستخدم التراث كجزء لا يتجرأ من حياته اليومية، أما الاحتلال فيستخدم التراث "المسروق" فقط في المعارض والمناسبات.
بدوره قال الفنان ناصر الأسمر، إن الأوضاع السياسية غير المستقرة في الوطن العربي بشكل عام، والانقسام في فلسطين بشكل خاص، ساهم إلى حد كبير في تسهيل المهمة التي يقوم بها الاحتلال لتجريد فلسطين والوطن العربي من موروثه الثقافي.
وأشار في حديثه لـ"
عربي21"، أن الاحتلال يسير بخطوات مدروسة لتصبح مخططاته أمرا واقعا، حيث إنه يعمل على تدريس التراث المسروق للإسرائيليين في المدارس والمعاهد، لتنشأ حالة من عدم الاغتراب عن هذا التراث الدخيل عليهم. وفي المقابل تمتاز المحاولات العربية والفلسطينية لمنع السرقات الإسرائيلية بالهشاشة والضعف.
سرقة ممنهجة
أما الناقد يوسف الشايب، فقال لـ"
عربي21"، إن السرقات الإسرائيلية للتراث الفلسطيني مرت بمراحل عدة؛ فبدأت بمحاولات سرقة الثوب المطرز، وعمل كوفية بألوان العلم الإسرائيلي، بالإضافة إلى سرقة بعض المأكولات الشعبية مثل الحمص والفلافل والترويج على أساس أنها مأكولات شعبية إسرائيلية. وفي نهاية المطاف، فقد تم السطو على الأغاني التراثية الفلسطينية وألحانها وغنائها باللغة العبرية، وتشكيل فرق إسرائيلية لتقديم عروض الدبكة.
وتكمن خطورة ذلك وفقا للشايب بأنه أصبح مدخلا للتطبيع بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، من خلال التطبيع بين فرق فنية إسرائيلية وفرق عربية. وبالتالي يظهر الاحتلال على أنه جزء لا يتجزأ من الثقافة العربية المتواجدة في المنطقة منذ قرون.