اتهم مركز متخصص بمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في
العراق؛ السلطات العراقية بتوفير الغطاء السياسي للمجموعة التي قامت بإعدام 33 مصليا في مسجد بمحافظة ديالى، شمال بغداد، فيما دعا إلى محاسبة قادة وعناصر
المليشيات الذين يرتكبون الجرائم ضد المدنيين .
وشهدت محافظة ديالى في آب/ أغسطس من العام الماضي اقتحام مليشيات وقوات حكومية جامع مصعب بن عمير في ناحية السعدية، حيث قتلت 34 مدنيا وجرحت آخرين، جميعهم ممن كانوا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد، إضافة إلى العائلات التي هرعت للمسجد بعد سماع إطلاق الرصاص في المسجد.
وقال مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان، مهند العيساوي، إن أهالي الضحايا قدموا شكاوى رسمية ضد 13 من المتهمين بارتكاب مجزرة المسجد، ولكن السلطات لم تعتقل سوى ستة منهم، تمت تبرئة أربعة منهم في وقت لاحق، بينما بقي المتهمون الكبار يتمتعون بحرية التنقل، وشغل المناصب الرسمية في المحافظة دون أن يعترضهم أحد، وفق العيساوي.
وبين العيساوي، في حديث لـ"عربي21"، أن الغطاء السياسي الذي توفره السلطاتُ العراقية المركزية وسلطاتُ محافظة ديالى؛ لقادة وعناصر المليشيات وفرق الموت المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والتهجير الطائفي، يحول دون تطبيق العدالة وإرساء ركائز السلم المجتمعي، محذرا من أن هذا الأمر يعزز القناعة التي يشعر بها العراقيون السُنة بأن السلطات العراقية الرسمية هي جزء مشارك أو متواطئ في الجرائم
الطائفية التي تستهدفهم، وخاصة في محافظة ديالى.
وطالب العيساوي بإخضاع السلطات المحلية في محافظة ديالى لقانون مكافحة الإرهاب، كونهم قاموا بتوفير الغطاء الرسمي لمرتكبي مجزرة المسجد، ومن خلال اختيارهم لقيادة قوات مسلحة، وتمكينهم من الاستمرار في عملهم الذي من خلاله ارتكبوا جرائمهم الإرهابية، حسب وصفه.
وطالب العيساوي السـلطات العراقية بعدم التواطؤ مع المتهمين في جريمة جامع مصعب بن عمير، وتسليم الهاربين منهم للقضاء، داعيا القضاء العراقي إلى التحقيق مع قادة الحشد في محافظة ديالى وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب، بتهمة التستر على الإرهابيين المطلوبين للقضاء، ومشاركتهم وتمكينهم.
وشدد مدير المركز المعني برصد انتهاكات حقوق الإنسان في العراق على ضرورة عدم لجوء القضاء للمجاملة على حساب الحقوق، وكذلك الحال بالنسبة لمحاسبة قادة وعناصر المليشيات الذين يرتكبون الجرائم ضد المدنيين العراقيين، حتى يتسـاوى الجميع أمام القانون، وفق تأكيده.
إلى ذلك، أكد سكان من المنطقة المجاورة لمسجد مصعب بن عمير؛ أن المتهم الرئيسي في المجزرة، ويدعى عبد الصمد الزركوشي، ما زال يمارس عمله المعتاد كقائد لمليشيا الحشد الشعبي في المنطقة، بعد أن تمت ترقيتة إلى رتبة عسكرية أعلى من التي كان يشغلها في وقت ارتكاب جريمة المسجد في العام الماضي.
وقال بهاء عليوي الويسي؛ أن الزركوشي ومجموعة من أقربائه الذين يعملون كمساعدين له في مليشيا الحشد موجودون في منطقتهم السكنية، ومستمرون في مزاولة اعمالهم العسكرية، وبرفقتهم مجموعة كبيرة من الحراس المسلحين الذين يمسكون بالملف الأمني في المناطق المحيطة بمسجد مصعب بن عمير.
وأضاف الويسي، في حديث لـ"عربي21"، أنهم سمعوا بتعهدات من برلمانيين ومسؤولين في المحافظة بمحاسبة جميع المتورطين في مجزرة المسجد، ولكن الواقع يشير إلى شيء مختلف تماما، مع بقاء المجرمين أحرارا، ويتمتعون بامتيازات مضاعفة، برغم وجود مذكرات اعتقال قضائية صادرة بحقهم، على حد قوله.
وأشار الويسي إلى أن "المجرمين يتوعدون، وبشكل علني، جميع عائلات الضحايا الذين قدموا شكاوى إلى القضاء، ويسخرون من عدم اعتقالهم بالرغم من مرور سنة على الحادثة"، مبينا ان البعض من ذوي الضحايا قرر ترك المنطقة خوفا من تعرضه للقتل أو الاختطاف على أيدي مرتكبي مجزرة المسجد.