نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا أعده راف سانشيز من بلدة جلجولية في المثلث الجنوبي. يشير فيه إلى نضال صالح (23 عاما)، الذي غادر إلى
سوريا من خلال التحليق بمظلة شراعية. ويقول إن الطائرات
الإسرائيلية والقوات الخاصة حاولت اعتراض طريقه، لكنه اختفى في جنح الظلام، ووصل إلى سوريا.
ويشير التقرير إلى أنه بحسب المصادر الإسرائيلية، فإن هناك 50 متطوعا من فلسطينيي 48 دخلوا سوريا. مستدركا بأنه رغم قلة عدد المتطوعين في صفوف
تنظيم الدولة من فلسطينيي عام 1948، إلا أنهم يمثلون تحديا أمنيا لدولة إسرائيل، التي تواجه ما يشبه انتفاضة في القدس الشرقية والضفة الغربية وداخل إسرائيل.
ويقول سانشيز إن القوات الأمنية الإسرائيلية، التي قضت سنوات في مواجهة جماعات الإرهاب، تحركت وبقوة لمواجهة من يشبته بدعمهم للجهاديين في داخل إسرائيل وخارجها. مشيرا إلى أن تجربة إسرائيل قد تكون مفيدة للبريطانيين، خاصة في مرحلة ما بعد هجمات باريس الأخيرة.
وتنقل الصحيفة عن الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية أفيف أوريغ، قوله: "لسوء الحظ، فنحن في هذا المجال منذ وقت طويل، ونعرف عملنا عندما يتعلق الأمر بالإرهاب". وشغل أوريغ مدير فرع تنظيم القاعدة والجهاد العالمي في الجيش الإسرائيلي، حيث قال: "أعتقد أننا في وضع أفضل من الأوروبيين".
ويرى الكاتب أن معرفة السبب الذي يجعل إسرائيل تقلق لقيام عدد قليل من المواطنين بالانضمام لتنظيم الدولة، وهي التي تواجه حركة حماس وحزب الله اللبناني، تقتضي معرفة وضع المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. لافتا إلى أنه على خلاف سكان الضفة الغربية المحتلة، الذين لا يحملون الجواز الإسرائيلي، وتحدد إسرائيل حركتهم، يستطيع سكان إسرائيل العرب، وعددهم 1.4 مليون نسمة، التحرك بحرية في أي مكان، وهم من حملة الجوازات الإسرائيلية.
ويستدرك التقرير بأنه مع أن الغالبية العظمى من العرب الإسرائيليين يعارضون تنظيم الدولة، حيث أظهرت دراسة مسحية أن نسبة 84% يشعرون بالخجل أو القرف من التنظيم، إلا أن هناك قلة من الجهاديين لديهم ارتباط بتنظيم الدولة. وهناك خشية من عودتهم إلى إسرائيل، وقيامهم بتوجيه ضربات داخلها بالطريقة ذاتها، التي يستطيع فيها الجهاديون البريطانيون في التنظيم العودة والقيام بهجمات.
وتبين الصحيفة أن رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو على الطائرة الشراعية التي استخدمها نضال صالح، كان بإعلانه عن سحب جنسية أي شخص يسافر إلى سوريا للانضمام للجماعات الإرهابية، وقال: "أي شخص ينضم إلى تنظيم الدولة لن يكون مواطنا إسرائيليا، وفي حالة تجاوزه حدود الدولة، فإنه لن يعود مرة ثانية".
ويلفت سانشيز إلى اقتراح مماثل تقدم به عمدة لندن بوريس جونسون، والنائب المحافظ ديفيز ديفز، مستدركا بأن المقترح تعرض للنقد؛ لأن القانون الدولي يمنع الدول من تجريد مواطنيها من جنسيتهم.
وينقل التقرير عن مساعد لنتنياهو قوله إن النائب العام يقوم بدراسة التداعيات القانونية للسياسة، إلا أن رئيس الوزراء مصمم للبحث عن طرق للتقدم في هذا الموضوع. ويرى نقاد الحكومة أنها تتلاعب دائما في القانون الدولي، خاصة أنها تواصل التوسع الاستيطاني غير الشرعي في الأراضي المحتلة.
وتكشف الصحيفة عن أن المخابرات الإسرائيلية شعرت بالصدمة؛ لفشل المسؤولين الأمنيين بملاحقة ومراقبة المشتبه بهم المعروفين بعلاقتهم بالجهاديين، قبل وقوع هجمات باريس.
وينقل الكاتب عن ضابط أمني إسرائيلي قوله: "تعد بلجيكا المركز الرئيسي الذي خطط منه لهذه العمليات. ومن الواضح أنه يمكن اتخاذ خطوات تشريعية تقوم بها فرنسا وبلجيكا، ولكن هناك عدد من الخطوات التكتيكية التي يمكن اتخاذها لتحسين الظروف الأمنية".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن تعليق أوريغ، الذي ترك العمل الآن، كان واضحا في نقده، حيث قال: "تعرف الدول الأوروبية هؤلاء الأشخاص، وتعرف أنهم كانوا في تركيا وسوريا، ولكنها لم تفعل شيئا على ما يبدو".
وتقول الصحيفة إنه على خلاف الوضع في أوروبا، فإن الحرب الطويلة التي تخوضها إسرائيل تعطي الأجهزة الأمنية السلطة لمراقبة واعتقال المشتبه بعلاقته بشبكات الإرهاب. مشيرة إلى أن مؤسسة الأمن الداخلي "شين بيت" اعتقلت ستة أشخاص؛ بتهمة تقديم المساعدة لصالح، كي يطير إلى سوريا، والتخطيط للانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة.
ويورد سانشيز أن طارق نعامنة، محامي المتهمين الستة، يرى أنهم أبرياء، وأنه تم اعتقالهم في حملات واسعة قامت بها السلطات الأمنية.
وبحسب التقرير، فإن الفلسطينيين في إسرائيل يسافرون إلى سوريا منذ ثلاثة أعوام، وكانوا مهتمين بالانضمام إلى صفوف الجماعات السنية المعتدلة هناك، التي تقاتل نظام بشار الأسد، أكثر من اهتمامهم بالقتال في صفوف الجهاد العالمي. وتم السماح لمن عاد منهم بدخول إسرائيل، وأطلق سراحهم، بعد الحكم عليهم بمدد قصيرة في السجن.
وتنوه الصحيفة إلى أن هناك بعض التحول تجاه تنظيم الدولة، الذي على ما يبدو يمنح طريقا لقتال إسرائيل. ففي تشرين الأول/ أكتوبر، زعمت إسرائيل أنها أحبطت هجوما للتنظيم في الجليل. وقال محامو الادعاء إن الهجوم خططت له خلية من المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يقاتلون مع تنظيم الدولة في سوريا. وبعد أسابيع نشر تنظيم الدولة أول شريط فيديو بالعبرية، وعد فيه متحدث ملثم بـ"ألا يبقي ولا يهودي في إسرائيل".
ويلفت الكاتب إلى قرار إسرائيل منع الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في داخل إسرائيل؛ بتهمة التحريض على العنف. وقد اتخذ القرار ردا على العمليات التي يقوم بها شبان
فلسطينيون، ولا علاقة لهم بتنظيم الدولة.
وينقل التقرير عن محمد دراوشة، وهو خبير في شؤون العرب داخل إسرائيل، قوله إن القرار كان خطأ، وسيدفع أعضاء الحركة للعمل السري والتشددد. ويضيف دراوشة: "كانت حركة قانونية تعمل تحت الشمس، ولكنها الآن ستعمل في الظلام، ولا تعرف ماذا ستكون أفعالها".
وترى الصحيفة أن أهم دفاع تستخدمه إسرائيل ضد المواطنين الذين يذهبون للقتال مع تنظيم الدولة، ليس السياسات المتشددة، ولا أفعال المؤسسات الأمنية، ولكن اعتدال المواطنين العرب، ورفضهم للتشدد.
ويقول سانشيز: "على الرغم من التمييز ضدهم، حيث لا تحصل المجتمعات العربية إلا على ميزانيات قليلة من الحكومة للتعليم والاستثمار والنقل، لكن الاستطلاعات تظهر أن معظم الفلسطينيين ملتزمون بالعيش داخل الدولة".
ويورد التقرير نقلا عن عمدة بلدة جلجولية فائق عودة قوله: "لسنا متطرفين"، ويضيف: "الناس هنا يريدون ممارسة حياتهم ويريدون خدمات عامة والتعايش مع اليهود". ويتابع عودة: "ليس من مصلحتنا دعم جماعة متطرفة مثل (داعش)".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن عددا من جيران نضال صالح عبروا عن خجلهم من قراره الانضمام لتنظيم الدولة. وقال أحد الأولاد: "نضال حمار"، و"لا أحد يدعم (داعش)، والكل يعرف أنه ضد الإسلام، ولكنه ذهب وانضم إليه".