لم يجد عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع
غزة، مكانا للترفيه عن أنفسهم وعائلاتهم خلال عطلة
عيد الفطر سوى شاطئ البحر، وقليل من المنتزهات والحدائق العامة.
وتفتقر غزة التي يحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ عشر سنوات، لأماكن الترفيه، باستثناء بعض الحدائق الصغيرة المتواضعة، ومساحات نظيفة محدودة من شاطئ البحر الملوث بفعل تصريف كميات كبيرة من المياه العادمة غير المعالجة فيه.
وبدت السعادة ظاهرة على وجوه أطفال عائلة الفلسطيني "محمد زقوت"، عندما اصطحبهم والدهم إلى أحد المنتزهات في مدينة غزة.
ويقول "زقوت" (30 عاماً) للأناضول: "سعيد بقدوم عطلة عيد الفطر. إنها متنفس لأطفالي أحاول خلالها الترفيه عنهم والخروج من أجواء البيت المملة إلى المنتزهات".
ويضيف: "الوضع النفسي لسكان القطاع سيء للغاية بفعل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والحروب الإسرائيلية التي قتلت الآلاف ودمرت مئات المنازل، لذلك أحاول استغلال كل فرصة متاحة للترفيه عن أطفالي وزوجتي".
ويتابع: "غزة محاصرة ولا يمكننا الخروج منها لأي دولة أو حتى مدينة فلسطينية أخرى للتنزه، لذلك لا نملك سوى الذهاب للحدائق العامة الضيقة".
ويتزامن حلول عيد الفطر لهذا العام، مع ظروف اقتصادية وإنسانية قاسية، يعيشها قرابة مليوني مواطن في قطاع غزة، بسبب الحصار وما خلفته الحروب الإسرائيلية من تشريد لعشرات آلاف الفلسطينيين بعد تدمير منازلهم، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، إلى مستويات قياسية.
رامي الشرقاوي (38 عاما)، اصطحب عائلته هو الآخر، إلى إحدى مدن الألعاب التي ازدحمت بالآلاف. ويقول الشرقاوي إن "الخروج مع عائلتي للتنزه في عطلة العيد فرصة جميلة، خاصة في ظل تواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة قد تمتد إلى 12 ساعة يوميا، بالتزامن مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة".
وبينما كان يداعب طفلته ذات الثلاثة أعوام استطرد في قوله: "انظر إلى الأطفال كم هم سعداء باللعب مع أقرانهم. أجمل ما يمكن أن أفعله في عطلة العيد هو الذهاب مع أسرتي إلى مدينة الألعاب، فهي رغم تواضعها إلا أنها توفر لهم أجواء ترفيه جميلة".
ويعاني قطاع غزة منذ نحو 10 سنوات من أزمة
كهرباء كبيرة، بدأت عقب قصف إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006.
ويحتاج القطاع إلى نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها سوى 212 ميغاوات، توفر إسرائيل منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات (خاصة بمدينة رفح)، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، التي تتوقف بين فينة وأخرى عن العمل، بسبب نفاد الوقود، 60 ميغاوات.
أما أحمد السوافيري (42 عاما)، الذي اصطحب عائلته لحديقة "الجندي المجهول" أشهر حدائق القطاع، فأعرب عن حزنه الشديد بسبب ازدياد الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع سوء، ما يضطر الكثير منهم للمكوث في المنزل حتى خلال عطلة العيد.
ويقول "السوافيري" الأب لثلاثة أطفال: "خرجت اليوم مع أطفالي وزوجتي إلى الحديقة، فذلك أهم ما أفعل خلال العيد، لتقضي عائلتي يوما سعيدا بعيدا عن هموم الحياة".
ويمضي قائلا:" الوضع النفسي سيء ومحبط للغاية لكافة سكان القطاع، نتيجة الحصار الإسرائيلي، وإغلاق المعابر وانقطاع التيار الكهربائي".
وعلى شاطئ مدينة غزة، كان خالد عدوان (27 عاما)، يلاحق طفلته ذات الثلاثة أعوام بمحاذاة مياه البحر الهادئة، على الرمال الذهبية، والابتسامة لا تفارق وجه زوجته التي تراقبهم من مكان قريب.
"عدوان" الذي يسكن مخيم الشاطئ للاجئين (غربي مدينة غزة) حيث المنازل هناك متلاصقة جدا، والحرارة مرتفعة للغاية خاصة في فصل الصيف، "يقتنص فرصة عطلة العيد ليخرج إلى شاطئ البحر أو إلى أية حديقة".
"شاطئ البحر أجمل ما في غزة. أصطحب أسرتي الصغيرة إلى هنا في كل عطلة ونجلس لساعات طويلة نتناول الطعام ونحتسي المشروبات، وألعب مع طفتلي الوحيدة هنا. هذا أفضل ما يمكن أن أفعله لأرفه عن أسرتي في ظل الظروف المعيشية الصعبة"، هكذا يقول "عدوان".
وتسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، منذ صيف العام 2007، في أعقاب تولي حركة "
حماس" تسيير القطاع، بالعديد من الأزمات الاقتصادية والإنسانية للفلسطينيين.