الولايات المتحدة تهدد المملكة العربية السعودية بعد الغارة على مجلس عزاء في صنعاء، وليكود صفحة الرأي في «نيويورك تايمز» يحرضون عليها.
افتتاحية الجريدة أمس ذكرتنا بأن تأييد الولايات المتحدة للتحالف العربي ضد الحوثيين ليس من نوع «شيك مفتوح». وأضافت أنه إذا رفضت السعودية وقف المجزرة، والعودة إلى المفاوضات السياسية، يجب على إدارة أوباما وقف دعمها العسكري.
هناك ابتزاز أمريكي، ولا دعم عسكريا على الإطلاق، حتى عندما أطلق الحوثيون صواريخ قرب مدمرة أمريكية في البحر الأحمر لم يردّ الأمريكيون بشيء، وإنما قال مسؤول في وزارة الدفاع إن إجراءات دفاعية اتخذت بعد إطلاق الصاروخ الأول.
افتتاحية «نيويورك تايمز» تقول أن السعودية تتحمل أكبر مسؤولية عن إذكاء النزاع. هذا كلام ليكودي معتاد من الجريدة، فالمسؤول قبل الجميع هو الإرهابيون من الحوثيين الذين يحاولون السيطرة على اليمن بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهو من الطائفة الزيدية مثل الحوثيين.
الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد ولي العهد السعودي، قال إن بلاده مستعدة لوقف إطلاق النار إذا تعهد الحوثيون بوقف مماثل. لم أسمع موافقة حوثية بعد.
«نيويورك تايمز» جريدتي الأمريكية المفضلة، باستثناء افتتاحيتها، وكتّاب الافتتاحية من ليكود الولايات المتحدة يقولون أن إدارة أوباما باعت السعودية سلاحا بنحو 110 بلايين دولار، ووافقت أخيرا على صفقة ثمنها 1.15 بليون دولار لتسليم السعودية دبابات وأسلحة أخرى. إذا أوقفت السعودية شراء السلاح الأمريكي، كم شركة سلاح أمريكية ستفلس؟ كيف تنقذها إدارة أوباما أو الإدارة المقبلة؟ لو اشترت السعودية مثل هذه الأسلحة من الصين أو روسيا لما دفعت أكثر من نصف ما تدفع للولايات المتحدة.
ثم إن الافتتاحية لا تذكر أبدا أن الولايات المتحدة قدمت كل سنة لإسرائيل «هدية» قيمتها 3.1 بليون دولار على مدى عشر سنوات، وأن «المساعدة» الجديدة تصل إلى نحو 3.8 بليون دولار كل سنة على مدى السنوات العشر المقبلة. الولايات المتحدة تدفع لدولة جريمة وإرهاب واحتلال اسمها إسرائيل، أي أنها شريكة في قتل الفلسطينيين، ثم تستخدم الفيتو في مجلس الأمن لمنع إصدار أي قرار ضد جرائم إسرائيل. سأوافق على الموقف الأمريكي من السعودية إذا بدأت الولايات المتحدة بنفسها، وأوقفت قتل الشرطة الأمريكية يوما بعد يوم، أو أسبوعا بعد أسبوع، مواطنين من السود، الغالبية بينهم يُقتَلون بسبب لونهم، وهم لا يحملون أي سلاح.
الكل يسخر من كلمة مؤامرة، إلا أن المؤامرة موجودة، والمحافظون الجدد في إدارة جورج بوش الابن، وهو جاهل أحمق، زوّروا أدلة لشن حرب على العراق بعد أفغانستان، وقتلوا مليون مسلم في هذين البلدين وبلدان أخرى. المملكة العربية السعودية لم تحتل بلدا آخر ولم تقتل أبناءه، وإنما تدافع عن نفسها ضد الحوثيين كما تفعل دول مجلس التعاون الأخرى. لا يجوز أبدا أن تنتقد الولايات المتحدة دولا أخرى وسجلها عبر القرن العشرين وحتى اليوم هو احتلال دول بعيدة والتدخل في شؤون دول أخرى.
ثم هناك الاتفاق النووي مع إيران، ونسمع أن الجانب الآخر ضم ست دول، إلا أن الواقع أن الولايات المتحدة قادت المفاوضات وأوصلتها إلى اتفاق غير متكامل. وهناك في الإدارة الأمريكية وحولها، وفي الميديا، جماعات لا تزال تحاول عقد تحالف جديد مع إيران ضد الدول العربية.
ما أكتب هو الحقيقة، وما يكتبون ويذيعون ويروّجون له كذب حقير. الحقيقة ستنتصر.