أصبح مصير الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015 على المحك، بعد وجود ثلاث حكومات في البلاد، إثر عودة المؤتمر الوطني وحكومته "الإنقاذ" لممارسة مهامهما وإعلان عدم الالتزام ببنود الاتفاق ومخرجاته، بحسب بيان للنائب الأول لرئيس
المؤتمر العام.
وبرر المؤتمر الوطني عودته للمشهد ورفضه للاتفاق وبنوده، بأنه لا يزال يضطلع بمسؤولياته الدستورية والقانونية والسياسية والتأسيسية، مطالبا الأطراف في الداخل والخارج باحترام حكم القضاء والإعلان الدستوري، لأنه الكفيل الوحيد بفض النزاعات، حسب بيان للمؤتمر، والذي اعتبر نفسه في "حل من الاتفاق".
تحذير أممي
حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى
ليبيا "مارتن كوبلر" من انتهاء الأثر الدستوري لاتفاق الصخيرات، بنهاية كانون الأول/ديسمبر المقبل، مؤكدا خلال مؤتمر صحفي، الثلاثاء، بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، أن "الاتفاق سينتهي إذا لم ينفذ".
وبحسب متابعين للشأن، فإن هذه التصريحات المتضادة من أطراف النزاع تجعل مصير الاتفاق السياسي على المحك، وفي حين انتهاء أثره الدستوري دون تنفيذ، فإن الأزمة الليبية ستعود إلى نقطة الصفر، ومن ثم يستمر الصراع السياسي والعسكري.
اتفاق انقلابي
وقال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام عمر حميدان: "نرفض الاتفاق السياسي ومخرجاته، لأنه سياسيا: لم يحظ بالتوافق والقبول من الأطراف السياسية، فالمؤتمر لم يوافق عليه، والبرلمان لم يقبله، فهو برنامج سلطوي مدعوم من الغرب أفرز لنا جماعة سياسية ثالثة تحاول السيطرة على الحكم وتتبنى قضية عيوب وأخطاء الجسمين المؤتمر والبرلمان لتسبغ من خلالها الشرعية على نفسها".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "
اتفاق الصخيرات هذا، أجهض عملية حقيقية للتوافق بين الأطراف السياسية الحقيقية الفاعلة، وهو الحوار الليبي- الليبي، وهو من الناحية الدستورية والقانونية، يهين سيادة ليبيا، حيث يعتبر نكوصا عن ثورتها وانقلابا على دستورها ومؤسساتها السيادية، ويفرض الوصاية علينا".
مصير غير واضح
وقال رئيس اللجنة المركزية لانتخاب المجالس البلدية، عثمان قاجيجي إن "الاتفاق السياسي مازال صامدا رغم التحركات الأخيرة من قبل المؤتمر الوطني الذي انتهى بقيام مجلس الدولة وتعديل الإعلان الدستوري".
وأضاف لـ"
عربي21": "لكن يظل مجلس النواب هو المسؤول عن تأخر اعتماد الاتفاق السياسي وإجراء التعديل الدستوري حتى يتحصل على الشرعية ويقوم بدوره".
ورأى الناشط الحقوقي، عصام التاجوري أن "مصير الاتفاق السياسي غير واضح وسقف التوقعات بالمراهنة على المجتمع الدولي ضئيل وهذا ليس بجديد، فكل الملفات بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا عندما يتم "تدويلها" تراوح مكانها".
وأضاف التاجوري لـ"
عربي21": "حل أزمة ليبيا يكمن في إمكانية تحرر الإرادة السياسية في الداخل من الارتباطات الخارجية وليس في اتفاق سياسي أو غيره".
البديل: تيار عسكري
توقع الإعلامي الليبي، عاطف الأطرش "أن اتفاق الصخيرات سينهار ويصبح ذكرى للتاريخ مع استمرار التعنت وحالة العبث السياسي الراهن"، موضحا في تصريحات لـ"
عربي21" أن "استمرار العبث سيؤدي إلى ظهور تيار سياسي عسكري مستبد سيجرف جميع الساسة ويترك الشعب يعاني وحده".
لكن المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، رأى من جانبه أنه "من الصعب التكهن بمآلات الأمور في ليبيا الآن، ومنها الاتفاق السياسي، فالإرادة الداخلية للثوار مع حكومة الغويل والمؤتمر الوطني، وحكومة السراج، مدعومة دوليا".
واستدرك خلال حديثه لـ"
عربي21": "في تقديري الأمر مرهون بحسم المعارك في مدينة سرت وماذا سيفعل المقاتلون بعدها؟ والغرب مع من يملك الأرض ويفرض نفسه كشريك أساسي ومهم، وهو ما سيحدد مستقبل اتفاق الصخيرات ومخرجاته".
اتفاق قوي
وأكد الناشط السياسي الليبي وعضو حزب العدالة والبناء، المبروك الهريش، أن "الاتفاق السياسي لايزال قويا، لعدة أسباب، منها: "عدم وجود بديل واقعي وقوي يمكن أن يشكل خطرا عليه، كذلك الدعم الدولي للاتفاق لا يزال مستمرا، وما تقوم به الحكومات الموازية من محاولة تشكيل حكومة بديلة عن المجلس الرئاسي لم تلق زخما داخليا أو خارجيا كافيا".
وأضاف لـ"
عربي21": "أما بخصوص المؤتمر الوطني ورفضه للاتفاق، فإن المؤتمر لم يعد له وجود إلا في أذهان قلة متطرفة لا تملك أي حل منطقي ولا ترتكز على أي قاعدة أو مبدأ إلا رفض بنود الاتفاق السياسي".