تعزيز قيمة العمل الجماعي، والسعي إلى جعله سجية لدى الصغير والكبير، المتعلم والأمي، قيمة جميلة وجب العمل على تحقيقها بكافة الوسائل المشروعة؛ وذلك لما يترتب عليها من إيجابيات عظيمة، وإنجازات ضخمة؛ لذلك حثَّ القرآن الكريم المؤمنين في غير موضع على ضرورة الاعتصام والتعاون والتعاضد، قال الله تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا...] {آل عمران:103}، وقال: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ] {المائدة:2}.
ورغم إيماننا بكتاب ربنا العظيم، وحبنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومعرفتنا بتاريخنا المختلف، وتنوع خبراتنا المتراكمة، إلا أننا في الوطن العربي والإسلامي أمام معضلة واضحة، وسؤالٍ مرير يطرح نفسه دائما، لماذا نجحنا نجاحا مميزا على المستوى الفردي، وفشلنا فشلا ذريعا على المستوى الجماعي - غالبا -؟
أعتقد أنَّ السبب الرئيس وراء ذلك يكمن في عدم الثقة بالآخر؛ لأنَّ الثقة مفتاح النجاح، ومعزوفة الحياة الجمعية، فعندما يعتقد الواحد منا أنَّ الآخر سينسب الإنجاز لنفسه دون الإشارة إلى بقية الفريق، أو إلى فرد مهما صغر دوره في عملية الإنجاز، فإنه لن يثق بالآخر، وعندما يعتقد الواحد منا أنّه الأفهم، والأقوى، والأقدر على البناء والعطاء لوحده، وأنَّ الآخرين مجرد أعداد يحركهم كيف يشاء، فإنّه لن يثق بالآخر، وعندما يشعر الواحد منا أنَّ الفشل سُيرمى في حجره، وأنّه سيكون كبش فداء في أي موقف من المواقف السيئة، وأنَّ الآخرين لن يتحملوا المسؤولية الجماعية في الفشل كما النجاح، فإنه لن يثق بالآخر، وعندما يفقد الواحد منا ثقته بربه سبحانه وتعالى، ويستعجل النتائج، ولا يُخطط جيدا لأهدافه المتنوعة، ولا يختار الفريق الجيد للعمل، فإنه لن يثق بالآخر.
جميع هذه العوامل التي تتمركز حول الثقة بالآخر هي السبب المحوري في عدم نجاحنا عندما نعمل كفريق؛ لذلك وجب علينا أن نتخلى عن هذه الأنانية المفرطة، ونتدرب على إنكار الذات، وتقديم الفكرة على الشخص، وذلك من خلال برامج تدريبية تُشرف عليها المؤسسات ذات التأثير الأقوى في حياتنا - المدرسة والجامعة، والإعلام -.