خيار الضرورة (سورية و2023)
شاركت مؤخرا في إحدى ندوات أحد مراكز الأبحاث والدراسات تحت عنوان لاعبو المنطقة...
تركيا – إيران – إسرائيل. وكعادة هذه المرحلة من عمر المنطقة، ووفق متطلبات محددة، انكب المحاضر في تحليل وإبراز دور إيران وماهية هذا الدور.. وإيران الخطيرة...
وعندما توقفنا عند الدور التركي، متسائلين: ماذا تريد تركيا من المنطقة وماذا نريد نحن؟! كانت الإجابة الجاهزة: تركيا تريد إحياء أمجادها العثمانية، وكأن الدول والأمم بلا مصالح وبلا فضاءات حيوية!
في عالم السياسة والضرورات والأهداف والمشاريع؛ لا وجود إلا للمصالح، أما المبادئ فتناقش بالتوازي والتزامن كونها لا تبني لوحدها أمما ومجتمعات (صلح الحديبية).
بعيد الانتهاء من ملفي الخلافة والسلطنة على التوالي، في عامي (1923 – 1924) ولدت تركيا الجديدة. وقبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى (1916)، وضعت خطوط سايكس – بيكو، فانتهت دولة الخلافة الأخيرة من دول الإسلام، وخُلقت كيانات ما بعد سايكس – بيكو ؛ ووعد بلفور وسان ريمو وسيفر ولوزان..
تخيل الكثيرون أنه في عام 1945 (سنة انتهاء الحرب العالمية الثانية) أن خريطة العالم السياسية توقفت وتحددت أبعادها. تناسوا (جهلا) أم غيبوا (عمدا) عن أم الحقائق (الجغرافية)، وأبعدوا صاحب التغييرات المستقبلية (الذئب).
مع بداية الألف الثانية، استمرت نكبة فلسطين، وتم توريث الحكم في دولنا لنسل المستبدين. إلا أن عام 2011 أعلن عن نتيجة واحدة ثابتة: تركيا انتصرت في ثورتها منذ سنوات عشر - أي قبل ذلك التاريخ - على "صائد الذئاب"، فانطلق الذئب "حرا"، وإن أرادوا أن ينعتوه بالمنعزل أحيانا.
يكشف الحراك السوري الدموي عن اهم أصول اجتهادات المودودي وقطب وآخرين. إن دولة ما في الوسط، ذات راية ما وذات حدود ما، يحكمها شخص يطلق عليه لقب "الخليفة السلطان". كل هذه الأمور خطفت إلى أجل غير مسمى وربما يكون "مسمى"...
دعونا نعود بالذاكرة إلى عام 2010 عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما المنطقة، حيث ظهر من مكانين اثنين (استنبول والقاهرة).
في الأولى لم ينتصر لذلك عاود الكرة في عام 2016 وهزم، وفي الثانية انتصر وبالعلامة الكاملة.
أمام تراجع وانكفاء قوى المنطقة الفاعلة التاريخية (المركزية) تتقدم قوى المنطقة الفاعلة التاريخية (الأطراف) لملء الفراغ الحاصل.
تتقدم تركيا حاملة مشروع (استنهاض الأمة). 2023 هدف وغاية وبداية الأمل..
خرج علينا الإعلام بخارطة تواجد القواعدالعسكرية الأمريكية في شمال
سوريا.. شمال سوريا الجريح من "انفصاليين" أقل ما يقال عنهم "مرتزقة".. شمال سوريا الجريح بعبء نتائج سايكس - بيكو.
سلخ الشمال السوري عنوة وأمرا واقعا عن حدود و"حضن" الدولة العثمانية (قلب الشمال السوري
حلب، وكان ميناؤها الإسكندرونة).. دولة المواطن الأممي المسلم الممسك بقدره وقوته وإرادته.
انتمي أنا إلى الشمال السوري.. أنتمي انا إلى عاصمة الشمال السوري (حلب) العثمانية الهوية قبل الهوى. لا بديل عن الثوابت (الهوية – الثقافة – الإنسان والجغرافية).
قبيل 2023 تتلاشى الحدود، وتتداخل المصالح والمخاوف وتضمد الجراح.. في 2023 تعود دولتنا "العثمانية" تحت ضوء الشمس رغما عن أنف الانهزاميين والانفصاليين.