لا تقتصر عمليات "الكر والفر" بين
الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في الميدان فقط، بل تمتد الساحة العالم الافتراضي، حيث يعتبر موقع "
يوتيوب" أكثر المنصات العالمية استهدافا للمحتوى الفلسطيني، وهو ما رأى فيه متحدثون لـ"
عربي21"، سلوكا غير مبرر وانحيازا كاملا للاحتلال.
اقتلاع المحتوى
وضمن محاولة حصار الرواية الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي، أغلقت الخميس الماضي إدارة "يوتيوب" قناة "شبكة قدس الإخبارية" واسعة الانتشار، لتنضم للعديد من القنوات الفلسطينية التي تم حذفها سابقا.
واعتبر مدير قناة "شبكة القدس الإخبارية" على موقع "يوتيوب"، الناشط عز الدين الأخرس، أن ما قامت به شركة "يوتيوب"، هو "تصرف غير مهني، ويؤكد انحياز إدارة الموقع للاحتلال بشكل كبير".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "يوتيوب، هو موقع التواصل الأكثر استهدافا للمحتوى الفلسطيني، ويعمل على شن حملة متواصلة من أجل حصارنا واقتلاعنا، وذلك عقب توقيعه اتفاقا مع وزارة الخارجية الإسرائيلية".
ولفت الأخرس إلى أن "هناك مئات من الشكاوى التي تخص الصحفيين والنشطاء، بسبب حذف يوتيوب لقنواتهم التي عليها أكثر من مئات الملايين من المشاهدات، وهي التي توثق وتنشر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، تحت ذرائع وحجج واهية".
وأكد أن موقع "يوتيوب، أصبح أداة في يد اللوبي الإسرائيلي يتحكم فيه كيفما شاء"، مرجحا أن "السياسة التي تنتهجها إدارة يوتيوب الحاقدة والعنصرية والتي تعادي من خلالها جمهورا كبيرا، تتناقض بشكل واضح مع المعايير المهنية، وهي ستضر بالموقع بشكل كبير على المستوى القريب والبعيد".
التحريض الإسرائيلي
واتهم مدير القناة، موقع "يوتيوب" بـ"الانحياز الكامل للاحتلال، لحذفه بشكل مستمر لأي خبر أو مادة تتعلق بالمقاومة الفلسطينية، رغم أن وسائل الإعلام العالمية تقوم بنشر ذات الأخبار"، مؤكدا أن "قناة شبكة القدس تقوم بعملها ونشر ما يجري وفقا للمعايير المهنية المتعارف عليها".
وأضاف: "لا يوجد أي مبرر قانوني أو مهني لما تقوم به إدارة يوتيوب من حملة شرسة لحذف المحتوى الفلسطيني"، مشيرا إلى أن "حذف قناة شبكة القدس جاء تتويجا لحذف مئات القنوات الفلسطينية التي عليها مئات الملايين من المشاهدات".
وحول مدى تأثير الحف المتواصل للمحتوى الفلسطيني من على موقع "يوتيوب"، شدد الأخرس على أن هذه "السياسة الفاشلة لن تؤثر على عملنا في نقل الرسالة والصوت الفلسطيني المشروع على كافة الوسائل والأدوات"، مضيفا بنبرة التحدي: "سنطور ونبدع أدوات وأساليب جديدة للوصول للجمهور الفلسطيني والعالمي أينما كان".
من جهته أوضح الخبير الإعلامي، محسن الإفرنجي، أن "ما يحدث مع القنوات والمنصات الفلسطينية سواء على يوتيوب أو فيسبوك وغيرها، يعد جانبا من الحرب الافتراضية التي تعكس جزءا من صراعنا مع الاحتلال، وهي تشبه عمليات الكر والفر في الميدان".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بعد إغلاق العديد من الحسابات الفلسطينية في وقت سابق، وحذف محتواها بفعل نفوذ الاحتلال في التأثير على إدارات تلك المنصات العالمية، والرضوخ لمطالبها ولموجات التحريض الإسرائيلي المتواصل ضدها، نجد أن المنصات الفلسطينية نجحت أحيانا في استعادة موقعها ومواصلة مشوارها المهني والوطني".
وأكد الإفرنجي، أن ما قام به "يوتيوب"، من إغلاق بعض القنوات الفلسطينية "الداعمة للرواية والحق الفلسطيني، هو سلوك وعمل غير مبرر، خاصة أن تلك القنوات تنقل معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال وتفضح جرائمه ولا تخدع الجمهور أو تزيف الحقائق، وهو ما لا يروق للاحتلال".
قلب الصورة
ولفت إلى أن الاحتلال "جند فرقا من النشطاء والخبراء في شبكات التواصل للإبلاغ عن تلك القنوات ومحتواها الفاضح لجرائمهم"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن "عمليات الإغلاق للقنوات والصفحات الفلسطينية، لا يمكن التسليم بكونها عمليات رضوخ لإملاءات الاحتلال فقط، فثمة جوانب أخرى للموضوع ينبغي التعامل معها بوعي وحذر شديدين".
وأوضح الخبير والمتابع جيدا لما يجري في الساحة الإعلامية الفلسطينية، أن "هناك جوانب تقنية مهمة يجب أن تتضح للجميع، فإدارة يوتيوب لا تقدم على عملية حذف أي قناة من تلقاء نفسها مباشرة، إلا بعد وصول تبليغات الآخرين لها عبر المجندين حول العالم لمتابعة القنوات والإبلاغ عن أي محتوى يخالف شروط يوتيوب".
وقال إن "إسرائيل تستغل هذه الفرص المتاحة للإبلاغ والتحريض ضد القنوات الفلسطينية، بدعوى أن محتواها مخالف للشروط أو غير ذلك من المبررات الواهية"، مضيفا: "الاحتلال يقلب الصورة، والأحرى أن يتم إغلاق صفحاته وقنواته التحريضية ضد الفلسطينيين بموجب المحرمات التي يعتمدها يوتيوب ومنها؛ المحتوى الإباحي، والطائفي، والعدائي".
وذكر الإفرنجي، أنه "يوجد برنامج يتبع لإدارة يوتيوب، يعرف بـ"أبطال اليوتيوب"؛ ويضم آلاف المتطوعين المنتشرين حول العالم لمتابعة القنوات المخالفة والمحتوى المعروض، إضافة لتقديم الدعم الفني في أحيان أخرى لـ"اليوتيوبر"؛ وهم أصحاب القنوات وصناع محتوى يوتيوب".
وحول المطلوب من القنوات الفلسطينية على "يوتيوب"، شدد الخبير الإعلامي، على ضرورة "الانتباه جيدا لمثل تلك التطورات، وآليات عمل فرق المتطوعين المنضوين تحت اسم "أبطال اليوتيوب"، مع مراعاة الحقوق في كل أجزاء المحتوى من مضامين وصور وموسيقى ولقطات وغيرها"، مستدركا بقوله: "كل ذلك قد يتوفر وتتعرض قناة فلسطينية للإغلاق بسبب ما ذكرته من تبليغات فرق المتطوعين".