دارت عجلة الاستعدادات للانتخابات النيابية في
تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد
الحريري، لكن الغموض والتساؤلات تحضر بقوة حول التغيير المتوقع في المشهد النيابي للمستقبل في ظل معلومات يتمّ تداولها في وسائل إعلام
لبنانية عن بدء الحريري مرحلة تصفية الحسابات مع قيادات في تياره ممن يتهمها بأنها طعنته خلال أزمة استقالته الأخيرة وتواجده في الرياض في الرابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
وتتكثف معلومات عن نيّة الحريري استبعاد فؤاد السنيورة رئيس كتلته النيابية ورئيس الحكومة الأسبق عن السباق الانتخابي، إضافة إلى شخصيات أخرى كوزير الاتصالات جمال الجراح والنائب أحمد فتفت، بينما ترجح آراء أخرى عدم إقدام الحريري على استخدام أسلوب الإقصاء الحاد لتجنيب تياره زلزالا قد تنسحب تداعياته على المشهد السني في لبنان.
تصفية الحسابات
تيار المستقبل وعلى لسان النائب عاطف مجدلاني أبدى تحفظه حول ما يشاع من أنباء عن تصفية حسابات داخل تيار المستقبل، وقال المجدلاني في تصريحات لـ"
عربي21": "لا أمتلك معلومات حول حدوث إقصاء لشخصيات في تيار المستقبل، غير أن الرئيس الحريري لا ينظر مطلقا إلى الأمور من منظار شخصي ولا يعتمد بتاتا أسلوب تصفية الحسابات".
وحول قدرة تيار المستقبل على إبقاء زخمه في الانتخابات القادمة، قال: "القانون الجديد يحتم علينا اعتماد أسلوب جديد للتعامل مع ملف الانتخابات وأيضا التحالفات"، مرجحا "حصول تغيرات في مشهدية ممثلي تيار المستقبل في البرلمان عبر دخول دماء جديدة ضمن السياق الطبيعي"، غير أنه أكد أن "القوة الحقيقية لتيار المستقبل تكمن في الاعتماد على نفسه وقدراته الذاتية".
وتخوف مجدلاني من مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، قائلا: "أترقب بحذر مرحلة ما بعد الانتخابات خصوصا لجهة صعوبة تشكيل السلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة"، موضحا: "ينثر هذا القانون القوى بما يعطي الكتل الصغيرة حضورا، وبذلك تبرز معضلة التأليف والدخول في متاهات تأمين التوازنات بين مختلف القوى".
هل يتبدل المشهد؟
وبدوره، استبعد أستاذ العلوم السياسية الدكتور شارل شرتوني أن يحافظ تيار المستقبل على الزخم نفسه الذي كان عليه عام 2009، قائلا في تصريحات لـ"
عربي21": "هناك متغيرات عدّة تشهدها الساحة السنية وتبدلات نتوقع حدوثها في الأحجام السياسية"، مشيرا إلى أن "القانون الانتخابي كفيل بتوزيع المقاعد النيابية بين مختلف الأطراف وبالتالي فإننا قد نشهد حضورا لأطراف سنية تتصدر الواجهة على حساب النفوذ السابق لسعد الحريري".
ولفت إلى "حدوث تحجيم للحريري في الوسط السني خصوصا أن المرحلة السابقة لم تأت على المنوال الذي يعزز حضوره على مستوى الساحة اللبنانية".
ورأى شرتوني أن الحديث عن تصفية حسابات يخوضها الحريري في تيار المستقبل يعني بالتأكيد حدوث اختلال كبير في قاعدته، وأشار إلى أن "الأسماء المتداول بها تعدّ من أركان تيار المستقبل وهذا ما يرسم علامات استفهام حول قدرة الحريري على تحمل هذا العبء"، وتساءل: "إن كان هذا سيحدث لفريقه المقرب فكيف ستكون العلاقة مع الأقطاب السنية الأخرى المقربة منه، كرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي"، مؤكدا بأن "الحريري لم يعد يمتلك الأوراق التي كانت في متناوله خلال الفترة السابقة".
واعتبر أن التخلي عن رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة لن يكون حدثا عابرا، وقال: "حضور السنيورة له علاقة بإرث رفيق الحريري ولن يكون سهلا على نجله سعد تحييده لما يتمتع به من حضور داخل التيار".
ورجح الشرتوني "انفراط الائتلاف السياسي (قوى 14 آذار) الذي تزعمه الحريري وجاهد للمحافظة عليه وإبعاده عن الاهتزازات".
العامل السعودي
وحول ما يجري في التيار السني الأكبر في لبنان، رأى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أن "الحديث الدائر حول إقصاءات محتملة في تيار المستقبل يقابله صمت من الدائرة اللصيقة الحريري وأوساط التيار".
وشدد في تصريحات لـ"
عربي21" على أن "الحريري يقف حاليا أمام مشهدين، الأول عنوانه الانتخابات النيابية والتحالفات، والثاني يتمحور حول مستقبل علاقاته مع المملكة العربية السعودية بما أظهرته الأخيرة من نفوذ متواصل في الوسط السني اللبناني".
وعن حسابات الحريري في المرحلة المقبلة، قال: "أي إقصاء لأسماء وازنة في تيار المستقبل يدخل في إطار المخطط الانتخابي لزعيم التيار"، متوقعا أن "لا يتخلى الحريري عن الأسماء التي تحظى بشعبية أو ثقل سياسي لأنّه يعرف بأن الانتخابات وفق القانون النسبي ستؤدي إلى خسارته بعض المقاعد وستضعف خياراته وقدرته على حسم الفوز في الدوائر التي يخوض فيها الانتخابات".
وتحدّث علم عن عامل سعودي مهم ومؤثر للغاية حيث لا يستبعد أن "تخرج شخصيات من عباءة المستقبل قبل أن يتخلى عنها الحريري".
وعن تحالفات المستقبل مع
التيار الوطني الحر، قال: "هناك اتفاق بين الرئاستين الأولى والثانية وتفاهم حاضر بين المستقبل والتيار الوطني الحر، لكن القانون الانتخابي لا يتيح إبقاء التحالف بين الطرفين في كل الدوائر"، متابعا: "التحالفات وفق هذا القانون تخضع لحسابات انتخابية بغض النظر عن التفاهمات والاتفاقات السياسية".