يقول المتابعون للملف الليبي، إن من شأن مرض اللواء المتقاعد خليفة حفتر وخروجه شبه الكلي من التأثير محليا وإقليميا، أن يفسح المجال أمام تقدم سياسي وتفاهمات ما بين مختلف الأطراف التي كانت مقيدة بحفتر في شرق ليبيا، أو المتربصة به في غرب البلاد.
وتأكد هذا المنطق بعد لقاء جمع في المملكة المغربية
بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري،
بعد انتخاب الأخير كرئيس أعلى للدولة في الثامن من نيسان/ أبريل الماضي.
واتفق المشري وعقيلة في لقائهما على ضرورة التوافق
على تعديل اتفاق الصخيرات السياسي، في جزئه المتعلق بالسلطة التنفيذية، مثل تقليص
أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلى ثلاثة أعضاء، وتشكيل حكومة وحدة وطنية منفصلة عن
المجلس الرئاسي.
وناقش المشري وعقيلة تطبيق المادة الخامسة عشر من
اتفاق الصخيرات المتعلقة بالمناصب السيادية السبعة الكبرى، "محافظ مصرف ليبيا
المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة
الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب
العام" والتي تتطلب توافقا بين الأعلى للدولة والبرلمان.
متغيرات متزامنة
وقال عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبد الفتاح
بورواق، إن لقاء المشري وعقيلة، جاء في ظل متغيرات متزامنة، أبرزها غياب حفتر عن
المشهد، وانتخاب المشري رئيسا لمجلس الدولة، حيث سيسعى الأخير بقوة للخروج بنتائج
يطرب لها الليبيون، ولإظهار صورة إيجابية عن حزب العدالة والبناء المنتمي إليه الرئيس
الأعلى للدولة.
وأضاف بورواق في حديث لـ"عربي21"، أن رئيس
البرلمان عقيلة صالح استبق لقاءه بالمشري، في المغرب، ببيان متفق عليه من قبيلته
"العبيدات" كبرى قبائل برقة، تؤكد فيه للشعب الليبي أن النوايا كانت تصب
في هذا الوفاق، وأن سلطة العسكر كانت تحول دون تحقيقه.
وتوقع عضو المؤتمر الوطني العام السابق، أن رئيس
البرلمان عقيلة صالح لن يفوت هذه الفرصة، وسيكون ذا لين سياسي، مع إمكانية إجرائه
تغيرات "دراماتيكية" بالتركيبة العسكرية لجيش شرق ليبيا، حتى يتحرر من
بعض القيود التي كانت تكبله، في الوقت الذي سيوظف فيه الرئيس الأعلى للدولة رغبة
عقيلة في رئاسة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بأي وسيلة وبكافة الطرق، ما يجعل
نسبة نجاح اتفاقهما كبيرة وممكنة.
اقرأ أيضا: بعد غياب حفتر.. فرقاء ليبيا بالمغرب لاستئناف المفاوضات
من جانبه، رجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة
المرقب الليبية، عبد المنعم عاشور، استمرار تعثر المسار السياسي بسبب أن مجلس
النواب ليس له إرادة حقيقية في المضي قدما، تجاه تعديل الاتفاق السياسي والحوار
السياسي، حيث أن البرلمان لم يعقد أي جلسة رسمية منذ فترة طويلة.
وشرح عاشور لـ"عربي21" أن إصرار عقيلة
صالح على الوصول إلى المجلس الرئاسي عبر مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي سيشكل
عائقا حقيقيا في تقدم المسار السياسي، موضحا أنه لا يمكن تجاهل تأثير القاهرة
وأبوظبي على قرار مجلس النواب، وهما طرفان كشف تسلسل الأحداث في ليبيا مدى قدرتهما
على عرقلة تطبيق اتفاق الصخيرات.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن "مجلس النواب لن
يتنازل عن صفة القائد الأعلى للجيش الليبي في الوقت الراهن، مما يعني أنه لن يُضمن
الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، حيث سيستمر البرلمان في سلوكه المعرقل".
الثابت الوحيد
في المقابل، قال عضو حزب العدالة والبناء عبد المجيد
العويتي، إن "رئيس البرلمان عقيلة صالح قد يكون الثابت الوحيد في الوجوه
المتداولة القادرة على التأثير في المشهد والمضي به قدماً نحو الحلحلة، إلا أنه استدرك بأن عقيلة سيجد نفسه أمام منطلقين الأول ارتياحه من اختفاء شخص خليفة حفتر
الساعي للسلطة عمن سواها، والثاني ثقته أن الطريق لم يعد ممهداً إلا للغة المصالحة
والحوار الفعلي مما يدفعه بأن يطمع في دور المنقذ للبلد".
وأوضح العويتي في حديث لـ"عربي21"، أن "الرئيس
الأعلى للدولة خالد المشري سيسعى إلى دفع العملية الحوارية قدما، منطلقا من دافع
قوي من قبل كتلة العدالة والبناء التي ينتمي إليها والتي أوصلته إلى هذا المنصب في
تفعيل اتفاق الصخيرات".
وتوقع عضو العدالة والبناء، اتجاه البرلمان والأعلى
للدولة إلى الإعلان عن جولة حوار جديدة تنتج تعديلات مطلوبة على الاتفاق السياسي
ممهدة الطريق أمام تسوية أسرع مصحوبة بإجراءات مصالحة شاملة أكثر قوة بدعم
المؤثرين على الصراع الليبي، إلا أن ذلك مرهون بمواقف الأطراف الإقليمية ومدى
قدرتها على استيعاب المتغير الجديد.
هل سينجح لقاء "المشري وصالح" في حل أزمات ليبيا؟
"عبد السلام الحاسي".. مرشح قوي لخلافة حفتر.. من هو؟
جدل واسع بين نشطاء مواقع التواصل عقب أنباء "وفاة حفتر"