يقوم الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، بزيارات واتصالات مكثفة مع الفاعليين الإقليميين في القضية الليبية، وسط تكهنات حول محاولة إقناع هذه الأطراف بدعم موقف بلاده من أزمة ليبيا، خاصة مبادرة "باريس"، وما إذا كان لهذه التحركات الفرنسية لها علاقة بأحداث الجنوب الليبي.
وزار "ماكرون العاصمة المصرية "القاهرة"، في محاولة منه لإقناع النظام هناك بدعم مبادة باريس والموقف الفرنسي من الأزمة الليبية، خاصة مع تزايد النفوذ الإيطالي والأمريكي في ليبيا، وسط تراجع الدور الفرنسي هناك.
وأكد الرئيس الفرنسي أن "زيارته إلى مصر تأتي في إطار مناقشة الموقف المصري من مبادرة باريس بشأن ليبيا، وكذلك دعم الأطراف التي تحارب "الإرهاب" هناك، دون تسميتها، ودعم ملف المصالحة الوطنية.
وكان السفير المصري لدى فرنسا، إيهاب بدوي، قد قال في حوار مع صحيفة "لو جورنال دو ديمونش" الفرنسية، إن طائرات "رافال" فرنسية اشترتها مصر من باريس تعمل بشكل خاص في ليبيا، دون مزيد من التفاصيل حول طبيعة هذه المهام في هناك".
والسؤال: هل سينجح "ماكرون" في إعادة النفوذ الفرنسي في ليبيا؟ وكيف سيستغل أحداث الجنوب ويدعم "حفتر" هناك؟
ضغط على "حفتر والجنوب"
من جهته، قال رئيس اللجنة التسييرية للتجمع الوطني التباوي (مؤسسة في الجنوب الليبي)، حسين شكي، إن "إرباك الداخل الفرنسي ترك فراغا سياسيا لباريس في ليبيا، في المقابل حدث تقارب إيطالي مكثف مع "حفتر" ابتداء من مؤتمر "باليرمو" وتبني الأخير لحملة محاربة الهجرة غير الشرعية في الجنوب".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "تحركات ماكرون، خاصة زيارته للسيسي، جاءت من أجل إبعاد "حفتر" عن "الطليان"، خاصة أن فرنسا تأكدت أن مبادرة "باريس" لا يمكن إحياؤها، وكذلك ليذكّر المصريين وحفتر بأن الجنوب الليبي منطقة امتداد لفرنسا من النيجر وتشاد"، وفق كلامه.
وتابع: "التحركات الفرنسية في القاهرة لها علاقة محورية بما يحصل في الجنوب، لكن حصول فرنسا على موطئ قدم في جنوب ليبيا غير وارد لدى كل القوى السياسية الليبية في الوقت الحالي"، وفق تقديراته.
"أنانية وهروب للأمام"
ورأى الناشط والصحفي الليبي، مختار كعبار، أن "ماكرون يبحث عن انتصار سياسي خارج بلاده بسبب ما يواجهه داخليا، ومحاولة إحياء مبادرة باريس "الميتة" مجرد هروب للأمام، فالمبادرة بالأساس لم تحقق تطلعات الشعب الليبي، ولم تتوافق عليها الأطراف بشكل حر، بل بممارسة فرنسا للتهديدات".
وأضاف لـ"عربي21": فرنسا تحاول إبقاء نفسها داخل الصراع الليبي، وهي طرف فيه ضد أطراف أخرى، وبالتالي فهي غير حيادية وجادة في إيجاد حل لمصلحة ليبيا، بل حل يخدم مصلحتها الأنانية"، حسب وصفه.
وقال المحلل السياسي الليبي، خالد الغول، إن "الخلاف الإيطالي الفرنسي جزء كبير منه خلاف أوروبي وأيديولوجي، حيث الإيطالي نظرته قومية أوروبية، والفرنسي نظرته ليبرالية، أما نظرة الفرنسيين لليبيا وجنوبها فلم تتغير، فهي منطقة لهم فيها تأثير قديم، ولن يتخلوا عنه بسهولة".
وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "ماكرون له علاقة بالتأكيد بما يحدث في الجنوب الليبي، خاصة إذا ذكرنا الدعم الفرنسي لـ"خليفة حفتر"، فهل من المعقول أن يتحرك الأخير بسهولة دون مقاومة من الجهات والمليشيات التي كانت موجودة في الجنوب؟"، حسب تساؤلاته.
ربكة وفقد "التبو"
وقال الناشط الليبي في مؤسسات المجتمع المدني، طاهر النغنوغي، إن "تحركات ماكرون واضحة وصريحة لتثبت موطئ قدم له في مؤتمر بعثة الأمم المتحدة المرتقب، ووجود "حفتر" في الجنوب يصب في مصلحة "السيسي" كداعم له. أما فرنسا فلا تراه يصب كثيرا في مصلحتها؛ لأنها ستفقد جناحها الرئيسي وهم "التبو".
وتابع لـ"عربي21": "إذا سيطر "حفتر" على الجنوب، فسيستقطب القبائل العربية ويهاجم "التبو"، وهذا ما سيسبب "ربكة" للفرنسيين في حليفهم الذي سيزن لهم الكفة، خاصة أن إيطاليا مع حلفائها الدوليين والمحليين تخطط بقوة لوضع جناح قوي لهم في الجنوب في الفترة القليلة القادمة"، حسب رأيه.
فيسبوك يحذف صفحة لأحد منظمي احتجاجات "السترات الصفراء"
صدامات عنيفة بين "السترات الصفراء" والشرطة بباريس (شاهد)
استطلاع فرنسي: ثلاثة أرباع الشعب غير راضين عن ماكرون