نشرت صحيفة "نيوزيلاند هيرالد" تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التقدم الذي تحرزه الصين في مجال الفضاء وخططها المستقبلية للقيام بالمزيد من الاكتشافات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن العالم لا يزال يحتفل بالهبوط التاريخي للمركبة الصينية
"تشانغ آه 4" على سطح القمر في الثالث من كانون الثاني/ يناير، وخلال
الأسبوع الماضي، أعلنت الصين عن خططها للقيام بثلاث بعثات أخرى للقمر ووضع حجر
أساس القاعدة التي ستقوم بإنشائها هناك.
وأكدت الصحيفة أن استعمار القمر لطالما كان طموح
البشرية، وقد ساعد التقدم العلمي والتكنولوجي واكتشاف مصدر كبير من المياه القريبة
من أقطاب القمر على جعل هذه الفكرة أكثر جاذبية. ومن المرجح أن تكون القاعدة
الأولى التي سيقع إنشائها على سطح القمر غير مأهولة وتديرها الروبوتات الآلية، على
غرار مستودعات الأمازون، لضمان جاهزية وعمل البنى التحتية وأنظمة الدعم قبل وصول
البشر إليها.
وتفيد التقارير بأن البذور التي حملتها بعثة
"تشانغ أه 4" إلى القمر بدأت في النمو الآن. وتعتبر هذه المرة الأولى
التي تزرع فيها النباتات على سطح القمر، مما يمهد الطريق لزراعة المنتجات
الاستهلاكية في المستقبل في القاعدة التي سيقع إنشاؤها على سطح هذا الكوكب.
وأوردت الصحيفة أن بناء قاعدة على سطح القمر لا
يختلف كثيرا عن بناء أول منصة نفطية في المحيط. وللقيام بهذه الخطوة، يجب دراسة
اللوجستيات المتعلقة بنقل أجزاء المبنى، وإجراء دراسات الجدوى. وفي هذه الحالة،
لابد من اختبار عينات من التربة المتواجدة على سطح القمر. وقد اتخذت الصين الخطوة
الأولى من خلال فحص تربة سطح القمر. ويعتبر هذا الأمر ضروريا لبناء الهياكل
الأساسية الداعمة التي ستحمي القاعدة من الظروف القاسية هناك.
اقرأ أيضا: تقنية الجيل الخامس تجلب المزيد من المنافع والمخاطر
ومن بين جميع التقنيات الممكن استخدامها لبناء قاعدة
على سطح القمر، تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد الاستراتيجية الأكثر فعالية. وفي
الحقيقة، أحدثت هذه التقنية ثورة في ما يتعلق بإنتاجية وكفاءة التصنيع، مما ساهم
في التقليل من النفايات والتكلفة.
وأوضحت الصحيفة أن رؤية الصين تتمثل في تطوير
إمكانات الطباعة ثلاثية الأبعاد داخل وخارج القاعدة التي سيقع إنشائها على سطح
القمر. لكن هذه التقنية تمثل تحديا حقيقيا في الفضاء. وسوف يتطلب بناء هذه القاعدة
استخدام تقنيات جديدة يمكنها العمل في بيئة القمر ذات الجاذبية الصغرى. ويجب تطوير
آلات طباعة ثلاثية الأبعاد قادرة على تشكيل أجزاء المبنى في فراغ الفضاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن المواد التي نستخدمها في
الأرض، على غرار الألياف البصرية، تتغير خصائصها عندما تصل إلى الفضاء. وقد تكون
المواد الفعالة على الأرض غير فعالة على سطح القمر. ومهما كان الاستخدام المقصود
من صناعة العنصر المطلوب بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، فيجب أن يكون مقاوما
للظروف المناخية على سطح القمر. ويعد تطوير مواد الطباعة أمرا بالغ الأهمية. ويقوم
الباحثون تدريجيا بتطوير مواد وتقنيات جديدة لمواجهة هذا التحدي.
فعلى سبيل المثال، يتوقع الباحثون في ألمانيا تطوير
أولى المعدات المصنوعة من الفولاذ والمقاومة للصدأ "الجاهزة للاستخدام"
ليتم طباعتها بتقنية ثلاثية الأبعاد تحت بيئة ذات جاذبية صغرى في المستقبل القريب.
كما أوضحت وكالة "ناسا" كيفية استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في
حالة انعدام الجاذبية مما يدل على أنه من الممكن استخدام هذه التقنية في الفضاء.
وبينت الصحيفة أن هناك تركيزا على الجدوى
التكنولوجية لبناء قاعدة على سطح القمر، لكن لا زلنا بحاجة إلى التركيز على
التأثيرات طويلة المدى للعيش على القمر بالنسبة للبشر. وحتى الآن، أجريت دراسات
محدودة لفحص التأثير البيولوجي للفضاء على وظائف الإنسان على المستوى الخلايا.
ونعلم كذلك أن الأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية تستجيب بدرجة عالية للجاذبية.
ومع ذلك، لا يوجد فهم واضح لكيفية عمل الخلايا البشرية وتجديدها.
وعلى المدى الطويل، ستلعب الطباعة الحيوية ثلاثية
الأبعاد للأعضاء والأنسجة البشرية دورا حاسما في استمرار البعثات القمرية عن طريق
السماح بإجراء العمليات الجراحية الروبوتية.
وفي
الختام، أكدت الصحيفة أن الصين قادرة على إنشاء قاعدة على القمر، لكن إمكانية عيش
البشر هناك، على المدى الطويل، غير واضحة إلى حد الآن. وسوف تستغل الصين السنوات
العشر أو الخمس عشر القادمة لتطوير القدرات الفنية اللازمة للقيام بالبعثات
المأهولة إلى القمر وتمهيد الطريق لاستكشاف الفضاء.
لماذا تحتاج الولايات المتحدة إلى التواجد على سطح القمر؟
الصين: أمريكا طلبت مساعدتنا لبلوغ الجانب البعيد من القمر
الصين تنجح باستنبات أول "بذرة" على سطح القمر