منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في إيران على خلفية رفع أسعار البنزين، انطلق جدال لا ينتهي عربيا حول الموقف من هذه الانتفاضة الشعبية، وهو أمر طبيعي بلا شك في ظل اشتباك الحالة الإيرانية مع مثيلتها العربية، وبفعل انقسام الشارع العربي سياسيا وطائفيا تجاه الموقف من إيران، خصوصا بعد دورها السلبي في دعم نظام الاستبداد السوري.
الموقف الشعبي العربي
يبدو أن حالة الاستقطاب السياسي والطائفي التي تعمقت بعد انطلاق الثورة السورية باتت تسيطر على الموقف الشعبي العربي تجاه أي حدث مهم، ولذلك فقد انقسمت معظم المواقف الشعبية العربية من انتفاضة الشعب الإيراني بناء على هذا الاستقطاب، بين فئة ترى في إيران حاضنة سياسية واجتماعية لها، وبين فئة -وهي الأغلبية برأيي- تعتقد أن إيران محكومة من نظام طائفي يلعب دورا سيئا في سوريا والعراق واليمن، وبالتالي فإن أي ثورة شعبية ضده هي في صالح العرب.
يمكن أن يكون دعم الانتفاضة الشعبية هو خيار أخلاقي بالدرجة الأولى، ولكن أيضا يجب التنبيه إلى أن ثمة أبعادا سياسية مهمة في الاحتجاجات قد تكون ذات طابع سلبي
كعرب نتمنى أن تكون هذه الخيارات في صالح المنطقة، وبعيدا عن الارتماء في المحور الأمريكي، لأن المنطقة العربية تتأثر وتؤثر بإيران بفعل التاريخ والجغرافيا والعوامل السياسية والديمغرافية
يحتاج العرب أن يبنوا مواقفهم على قراءة سياسية واستراتيجية معقدة، لأن العلاقة مع إيران كانت ولا تزال معقدة بسبب التداخل متعدد المجالات بين العرب والإيرانيين. ولكن المتتبع للمواقف الرسمية العربية وما يتبعها من مواقف إعلامية في الوسائل التابعة بشكل مباشر لسياسات الدول الممولة، يلحظ أن الموقف من الانتفاضة الشعبية الإيرانية يتلخص بمنطق المناكفات، ولهذا فإن ما يجري هو مجرد تأييد إعلامي، دون التفكير بإمكانية الاستفادة من التطورات لتحجيم الخطر الإيراني على الدول العربية.
وإذا كان بعض العرب يعتقد إن إيران التي ولدت بعد "الثورة الإسلامية" عام 1979 هي التي تمثل مشكلة بالنسبة للدول العربية فهم واهمون، لأن العلاقة بين العرب وإيران لم تكن مثالية قبل الثورة، بل إن إيران طالما نظرت للعرب نظرة استعلائية تحت وهم التفوق الحضاري والتاريخي، كما أن إيران كانت قبل "الثورة الإسلامية" حليفا بل تابعا قويا للولايات المتحدة، وكانت تتصرف بناء على هذه العلاقة، وإيران ما قبل الثورة هي التي احتلت الجزر الإماراتية الثلاثة دون أي رد فعل دولي يذكر.
العلاقة مع إيران كانت ولا تزال معقدة بسبب التداخل متعدد المجالات بين العرب والإيرانيين. ولكن المتتبع للمواقف الرسمية العربية وما يتبعها من مواقف إعلامية في الوسائل التابعة بشكل مباشر لسياسات الدول الممولة، يلحظ أن الموقف من الانتفاضة الشعبية الإيرانية يتلخص بمنطق المناكفات
لماذا تخشى إيران من انتفاضات العراق ولبنان؟
كيف تنجح تركيا وإيران في ما يفشل به العرب؟!