صحافة دولية

لوموند: الإيرانيون يكتشفون حجم القمع الأخير بعد عودة الإنترنت

خرجت احتجاجات غاضبة في إيران بعد رفع أسعار الوقود - جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن السلطات الإيرانية نظمت مظاهرات مؤيدة لنظام الملالي، الذي خلفت سياسته القمعية تجاه الحركة الاحتجاجية نحو 143 قتيلا، وفقا لمنظمة العفو الدولية.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه حسب نائب إيراني، يتراوح عدد المعتقلين بين أربعة آلاف وسبعة آلاف شخص، في الوقت الذي تحشد فيه السلطات مؤيديها لغزو الشوارع واستنكار "نهب الممتلكات العامة والخاصة".

ونقلت الصحيفة عن محسن رضائي، وهو نائب الأمين العام لمجمّع تشخيص مصلحة النظام، قوله إن "رسالة المظاهرات اليوم تتمثل في أننا نحل مشاكلنا بأنفسنا وأننا لا نحتاج إلى تدخلات أجنبية. أتوجه بالشكر إلى الشعب الذي فصل صوته عن أصوات المحتجين". من جانبه، ذهب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، إلى أبعد من ذلك، حين وصف المحتجين الذين خرجوا يوم الاثنين "بالرجال الحقيقين"، داعيا البلدان الأجنبية إلى مشاهدتهم عن كثب".

دهشة ورعب

ذكرت الصحيفة أن عباس موسوي تحدث بقوله "رجال حقيقيين" عن الذين خرجوا لتأييد النظام في مواجهة المحتجين الذين يستنكرون اليوم بغضب شديد موجة القمع الوحشي الذي انتهجه النظام. ومنذ رفع الحظر عن الإنترنت، يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، نشر بعض الإيرانيين صورا للمظاهرات، جعلت الآخرين يكتشفون في دهشة ورعب حجم العنف.

 

اقرأ أيضا: العفو الدولية: وثقنا سقوط 143 قتيلا باحتجاجات إيران

وتدريجيا، انتشرت أسماء الضحايا، خاصة الشباب منهم، الذين قتلوا تحت نيران القمع. ففي أحد الفيديوهات، ظهر في ساحة مدينة جرجان، الواقعة شمال شرق البلاد، مواطن وهو يهاجم رجال الشرطة حاملا سيفا، فيما يحمل مواطن آخر فأسا. وفي فيديو آخر، ظهر فيه المواطن ذاته، دون فأس، وقد هوى على الأرض بعد تلقيه رصاصة من مسافة قريبة، قبل أن تجره قوات حفظ النظام من قدميه وتنقله بعيدا عن الساحة.

"يمكنهم فعل ما يريدونه بنا"

قالت الصحيفة نقلا عن سارة (اسم مستعار)، وهي طبيبة في شمال إيران، إنه "مع عودة الإنترنت، أكاد أُصاب بالجنون من هول الفيديوهات التي شاهدتها، خصوصا مع اكتشافي وفاة أحد أقاربي. وأنا أشعر الآن بمزيج من الإحساس بالوحدة والإحباط حين أفكر بأن هؤلاء الأشخاص قادرين على فعل ما يريدونه بنا، وبأننا لا نستطيع القيام بأي شيء حيال ذلك".

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع إعادة تزويد البلاد بالإنترنت، انتشرت قائمة تحمل أسماء الطلبة الموقوفين بعد تداول أقاربهم معلومات عنهم. ولكن خلال حظر هذه الخدمة، لم يتلق أهالي الموقوفين أي معلومات عن ذويهم، إذ يتراوح عدد الموقوفين من الطلبة في طهران فقط قرابة الثلاثين طالبا قبل أن يقع نقلهم إلى سجن "إيفين" سيئ السمعة، الواقع شمال العاصمة فيما اقتيد البعض الآخر إلى سجن "فاشافياه"، الواقع جنوب طهران، والمعروف بظروف الاحتجاز الصعبة.

ومن جهته، عبّر حسن خليل عبادي، رئيس مجلس الشورى في مدينة ريشهير التابعة للعاصمة طهران، عن قلقه مؤكدا أن "مركز اعتقال فاشافياه، الذي يقبع فيه أيضا مجرمون خطيرون، لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من المعتقلين". وعقب ذلك، كذّب المسؤول عن السجون في طهران هذه الادعاءات.

"آلات دعائية"

أضافت الصحيفة نقلا عن المواطن "مهدي"، أحد سكان مدينة أصفهان، قوله "إنهم سينشرون قريبا اعترافات لهؤلاء السجناء، الذين تتجاوز أعدادهم الآلاف، من أجل تغذية آلاتهم الدعائية وتبرير سياسة القمع. وذكر مهدي أنه كان شاهدا على فتح قوات حفظ النظام النار "بصفة ممنهجة" على الجماهير الغاضبة خلال مظاهرات شهدتها أصفهان بين يومي 15 و18 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وواصل هذا المواطن حديثه قائلا إنه "في منطقتنا فقط، قُتل حوالي عشرة أشخاص، وفي بعض المناطق الأخرى، كان الجو أشبه بحرب أهلية. لقد قمت بإخفاء متظاهر في منزلي بعد إصابته برصاصة في ساقه، كما شاهدت حرق ثلاث محطات مترو وخمسة بنوك". ومن جانبها، تتحدث السلطات عن حرق 900 بنك خلال الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.

ونوهت الصحيفة بأنه بالنسبة لبعض الإيرانيين، تقف عناصر مرتبطة بالنظام وراء عمليات النهب. وحسب صندوق النقد الدولي، تجاوز التضخم المالي في إيران نسبة 40 بالمئة، فيما بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب قرابة 30 بالمئة، وهي النسبة التي لا تعكس حقيقة الواقع. ومنذ استئناف العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إثر انسحاب واشنطن في أيار/ مايو 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، تراجعت عائدات البلاد، التي تتعلق أساسا بالنفط، بشكل كبير. ويتعرض الاقتصاد، الذي تأثر بالفعل بالفساد وسوء الإدارة، بدوره لضغط شديد الآن. كما تسبب حظر الإنترنت في خسائر قدرت بنحو 1.4 مليار يورو، وفقا لعضو سابق في غرفة التجارة الإيرانية.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى تغريدة المقاول ناصر غانم زادة على موقع تويتر التي أورد فيها أن "القطاعات الأكثر تضررا تتمثل أساسا في الأعمال التجارية عبر الإنترنت والشركات الناشئة"، قبل أن يضيف أن "حظر الإنترنت سيبقى بمنزلة ضربة عنيفة للذين اعتقدوا بأنه من الممكن البناء والقيام بإصلاحات في إيران على الرغم من العثرات والصعوبات".