نشرت صحيفة
"كيدونا" الإيطالية تقريرا، تحدّثت فيه عن مظاهر العنف النفسي المسلط ضد
الرجال، الذي يُعد موضوعا محظورا، لكنه يشهد سنويا تطورا.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من علامات العنف النفسي الذي يعاني
منه الرجال المعاناة من أزمة قلق بسبب السلوك المحرج للزوجة، وحدّة الطباع، وعدم
الخروج مع الأصدقاء، وعدم القدرة على إدارة الشؤون المالية للأسرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن
اهتمام وسائل الإعلام بالعنف الأسري، خاصة العنف ضد المرأة، أدى في السنوات الأخيرة
إلى اتخاذ خطوات كبيرة في حماية الأمن الجسدي والنفسي للمرأة. لكن لسوء الحظ، لا
يتم إيلاء الكثير من الاهتمام إلى ظاهرة العنف ضد الرجال، سواء المعنوي أو الجسدي.
ونوهت الصحيفة بأن الرجال
الذين اعتادوا اجتماعيا على دور الجلاد من الصعب عليهم فهم أنهم هم بدورهم ضحايا
للعنف؛ لأنه وفقا "للمعايير الاجتماعية" الأكثر شيوعا، لا يمكن أن يكون
الرجال ضحايا.
وأكدت الصحيفة أن
النساء يتحملن مسؤولية كبيرة في وقف ظاهرة العنف النفسي ضد الرجال، تماما كما يقع
على عاتق الرجال واجب أخلاقي في الإبلاغ عن العنف ضد المرأة، ومنعه وتجنبه عندما
يكونون في وضع يسمح لهم بذلك.
ماذا
يعني العنف النفسي ضد الرجال؟
أوضحت الصحيفة أنه لفهم
ماذا يعني العنف النفسي ضد الرجال بالكامل، يكفي البدء من افتراض بسيط للغاية لا
يؤخذ دائما بعين الاعتبار، مفاده أن العنف النفسي لا يرتبط بأي جنس، ويمكن أن يلحق
بأي شخص. وفي الحقيقة، إن ما يتغير هو الطرق التي يُرتكب بها العنف ضد الضحية. لكل
شخص "نقاط ضعف" مختلفة، ومن الطبيعي أن يتم استغلالها بشكل مختلف من قبل
أولئك الذين يرتكبون العنف النفسي.
لإعطاء مثال ملموس على ذلك، يعد الجمال من بين العوامل الاجتماعية التي تقدرها المرأة كثيرا. وإذا استمر
الشريك مثلا في التقليل المستمر من شأن زوجته وجمالها من خلال التأكيد على أن
العديد من النساء أجمل منها، فهي بذلك تواجه عنفا نفسيا.
في المقابل، تعد الوظيفة
المرموقة عاملا يكسب الرجل الاهتمام الاجتماعي. وإذا كانت زوجة رجل فقد وظيفته
تشدد باستمرار على مدى عجزه وعدم قدرته على توفير وضع اقتصادي جيّد، فهو يواجه في
هذه الحالة عنفا نفسيا.
العنف
الجسدي ضد الرجال موجود
أفادت الصحيفة بأن
النساء أقل قوة جسديا من الرجال، وهذا معيار بيولوجي يعرفه المجتمع تماما. لهذا
السبب، من غير المرجح أن تكون المرأة قادرة على ارتكاب عنف جسدي ضد الرجل. لكن
الحقيقة هي أن العديد من النساء يمارسن سلوكا عنيفا ضد شركائهن؛ لأنهن يعرفن
جيدا أنه حتى لو حاول الرجل الإبلاغ عن الحادث، فلن يتم الاستماع إليه أو النظر
في شهادته والاعتماد عليها.
وعلى النقيض من ذلك،
إذا اشتكت امرأة من سلوك زوجها العنيف، وأظهرت الكدمات على جسدها، فسيتم استجواب
الرجل على الفور، حتى لو كان بريئا وكانت المرأة هي من ألحقت تلك العلامات
بنفسها. ولا يزال هذا المعيار المزدوج للعدالة يمثل مشكلة كبيرة، ولكن يمكن للمرأة
أن تساعد في الإطاحة به.
النساء
منقذات الرجال
ذكرت الصحيفة أنّه
غالبا ما يكون الرجال غير قادرين على إدراك أنهم ضحايا للعنف المنزلي. وحتى عندما
يدركون ذلك، سيجدون صعوبة بالغة في الابتعاد عن زوجاتهم، لأنهم حينها سيشعرون بقدر
كبير من الخزي في الاعتراف علنا بأنهم يفسحون المجال لطغيان زوجاتهم.
على العكس من ذلك، إنّ
المرأة (خاصة المرأة صديقة المرأة الأخرى ضحية العنف) تتمتّع بجميع الأسلحة
الثقافية لتحديد علامات العنف النفسي والجسدي بسرعة وفعالية. كما أن لديها ميزة
إضافية، تتمثل في فهم الفروق الدقيقة في سلوك "المرأة المنفذة" وأهدافها؛ لأنها ببساطة امرأة، وتفهم علم النفس الأنثوي أفضل من الرجل.
ما
هي علامات العنف النفسي ضد الرجال؟
نوهت الصحيفة بأن أفضل
طريقة للتعامل مع الرجل، ضحية العنف النفسي، هي ببساطة الاستماع إليه، وجعل عش
الزوجية مساحة ترحاب وأمان. ومن بين أبرز مظاهر العنف النفسي ضد الرجال، معاناة
الضحية من أزمة قلق وإحباط بسبب السلوك المُحرج للزوجة، والإحساس بالعجز، وفقدان
الثقة بالنفس، وعدم الرغبة في رؤية أحد، أو حتى الخروج مع الأصدقاء.
ويضاف إلى ذلك عدم
إمكانية الوصول إلى حسابات الأسرة، إذ يصبح واجبه فقط نقل راتبه لحساب الزوجة
المتصرفة الوحيدة في الأمور المالية، لتسلب منه الحق في إدارة الشؤون المالية
للأسرة.
وتتعقد الأمور بمنع الزوجة زوجها من قضاء بعض الوقت مع أطفاله دون إذنها،
فتتشوّه صورة ربّ الأسرة أمام الأطفال. هذا بالإضافة إلى إرغامه على ممارسة
العلاقة الحميمة.
كيف
يمكن مساعدة الرجل ضحية العنف النفسي؟
لمساعدة الرجل على
الخروج من حالته الخطيرة، والحفاظ على سلامته العقلية والبدنية، يجب أولا وقبل كل
شيء الاستماع لشكواه، وإحاطته بالدعم النفسي، مع تذكيره بأنه ليس وحيدا، وأنه ليس
لديه ما يخجل منه.
وأكدت الصحيفة أنه من
واجب الزوجة أخلاقيا تذكير زوجها الواقع ضحية للعنف النفسي بأنّ العلاقات ليست
كلها على هذا النحو، وأن العلاقات الزوجية الصحية تقوم على دعم الشركاء بعضهم
بعضا.
وأشارت الصحيفة إلى أن
الرجال الذين يقعون ضحايا للعنف النفسي يشعرون بالاكتئاب؛ بسبب التقويض الشديد في
تقديرهم لذواتهم، الذي يجعلهم يعتقدون أنّهم لا يستحقون أي شيء أفضل مما يملكون،
وهم على قناعة بأن أي علاقة زوجية أخرى لن تكون أحسن من التي يعيشونها. في هذه
الحالة، تتمثل أول خطوة على الرجل الضحية أن يتخذها في استشارة أخصائي يقدم الدعم
النفسي الكافي لإدارة المشكلة، والتعامل معها، وحلها، وعدم اعتبارها علامة ضعف ووهن.