سياسة عربية

عالم تونسي: "الحشد الشعبي" ميليشيا تهدد كيان الدولة

أبو يعرب المرزوقي يدعو مؤسسات الدفاع والأمن والخارجية إلى التصدي للحشد الشعبي قبل فوات الأوان

حذّر عالم الاجتماع الكاتب والفيلسوف التونسي أبو يعرب المرزوقي، من خطورة الإعلان عن تكوين ما وصفه بـ "فيروس الحشد الشعبي" في تونس، معتبرا ذلك خطرا داهما يهدد أمن واستقرار ووحدة التونسيين، وأن أي تأخير في مواجهته لا يمكن تداركه.

ورأى المرزوقي في تدوينة نشرها اليوم الإثنين على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "الحشد الشعبي مشروع لا يكتفي بضرب الأحزاب والمنظمات المدنية بل هو يضرب أداتي الحماية في كل دولة لإفقادها شروط السيادة الداخلية والخارجية".

وقال: "يضرب الحماية الداخلية أي سلطان القانون ممثلا بالقضاء والأمن الداخلي وجعل المليشيات صاحبة القول الفصل فوق كل قانون أو بقانون تابع لإرادة الحشد الشعبي. ويضرب الحماية الخارجية أي سلطان السيادة الوطنية ممثلة بالدفاع والدبلوماسية وجعل الملالي والحاخامات والمستعمر من خارج البلاد يأمرون فتطبق المليشيا بعد أن تكون قد أخضعت الدفاع والدبلوماسية".

وأوضح المرزوقي أن هذه الخطة هي التي أتت بنزيل المنيهلة (أي الرئيس قيس سعيد) وأن هدفها ضرب أداتي الحماية في الدولة وأنه ليس على الأحزاب والقوى السياسية إلا أن تتحد لدرء هذا الخطر. 

وقال: "ما أخشاه هو أن يكون القصد بتلهية هذين القوتين الأخيرتين لحماية تونس داخليا وخارجيا وجعلها تنشغل بما ليس من مهامهما إلا بصورة ثانوية لمساعدة المؤسسات المعنية بها ـ أي الصحة وحسبة الأسواق ـ بصورة ظرفية لتلهيتها عن واجبها الحمائي".
 
وأضاف: "بعد الفشل في توظيف الجيش والدبلوماسية لخدمة مشروع فيروس الكابوتشينو الباطني الماركسي جاءت مرحلة السعي للقضاء عليهما بالحشد الشعبي، كما حصل في كل بلاد غزتها إيران وإسرائيل والاستعمار: تكوين مليشيات حشدية ومنها اليد الحمراء الفرنسية: فهذا الحشد وظيفته إلغاء سلطان شروط السيادة في الخارج بجعل القرار يأتي من عند من أوصلوا رئيسه إلى الحكم كما في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي كل مستعمرات فرنسا الإفريقية: ليس لتونس رئيس لأنه رئيس الحشد الشعبي لا غير".

وأعرب المرزوقي عن خشيته من "إشغال الجيش والدبلوماسية بما هو ليس من مهامهما الجوهرية حتى وإن كانت تطلب منها المساعدة في بعض الأحيان الهدف منه إخفاء هذا القصد حتى لا تتصدى لحشدنة الحماية التي تصبح عين التخلي عن السيادة كما نرى ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن". 

كما أعرب أيضا عن خشيته من "إشغال الأمن والقضاء بما هو ليس من مهامهما الجوهرية أي حسبة الأسواق وادعاء نيابة الله في تحقيق العدل السماوي هي أساس كل فساد بدلا من دولة القانون لنفس الغاية لتمرير الحشدنة في مجال الحماية الداخلية التي تصبح عين التخلي عن القانون ببديل كاذب هو نزاهة الولي الفقيه".

وشدد المرزوقي على قناعته بأن الدفاع والدبلوماسية والأمن والقضاء ليسوا نياما وأنهم هم دون شك يتابعون ما يجري في الحشدنة ربما لحصر بؤرها والتعامل معها في لحظة ما. 

وأكد المرزوقي أنه "سيكون من اليسير التغلب على جائحة كورونا حتى في شكلها الأخير، لكن فيروس الحشد الشعبي إذا ضرب بعروقه في أرض فكل معمور فيها يصبح بورا". 


وقال: "إذا كانت القوى السياسة والمدنية والنخب والنقابات قد تغافلت عن أفعال المنقلب فأملي ألا تتخلى القوتان الحاميتان للسيادة وللقانون عن الواجب: لا بد من الحسم والحسم السريع. لا بد من منع التمديد في التجميد وتخيير الدمية بين العودة لتطبيق أحكام الدستور أو المغادرة سلميا لأن الحشد يعني بداية الحرب الأهلية".

وأنهى المرزوقي تدوينته قائلا: "ما زلت واثقا من الدفاع والدبلوماسية لحماية السيادة ومن الأمن والقضاء لحماية القانون علما وأنهما خط الدفاع الأخير ليس بالتدخل بل بعدم التصدي للشعب إذ يعيد كرة الثورة ليواصلها. وأملي أن تكون القوى السياسية المخلصة قد استفاقت للخطر ومعهم الكثير من النخبة وقد يستيقظ بعض الإعلاميين: أما النقابات فهي قد بدأت تشعر بالخطر الذي يستهدف الجميع وأنها ستكون الضحية الثانية بعد شماتة الحماقة من الإسلاميين"، وفق تعبيره.

 



وكان قد تم الإعلان في تونس مؤخرا عن تكوين الحشد الشعبي التونسي الذي يصف نفسه بحراك شعبي شبابي مدني، يقول إنه ضد منظومة الربيع العربي ويصفه بأنه "خراب"، ولا يخفي ولاءه لبشار الأسد في سوريا وإعجابه بنظرية القذافي "من تحزب خان"، وأعلن تأسيس مجلس قيادة ثورة.

ويأتي الإعلان عن تيار الحشد الشعبي بعد ظهور التنسيقيات الموالية للرئيس التونسي قيس سعيد التي كانت وراء قيادة حملته الانتخابية الرئاسية، ثم حراك 25 تموز (يوليو) التي قادت المظاهرات المساندة للانقلاب مع انعقاد أول جلسة لما سمي بالمجلس الأعلى للشباب.

ومنذ 25 تموز (يوليو) الماضي، تشهد تونس انقساما سياسيا حادا، عقب قرار سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، ولاحقا أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.

ورفضت غالبية الأحزاب التونسية قرارات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، بينما أيدتها أخرى رأت فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

 

إقرأ أيضا: انتقادات وقلق بتونس من تيار يحمل اسم "الحشد الشعبي"