آراء ثقافية

جلال برجس يبوح لـ"عربي21" عن بداياته وعلاقته بـ"الوراق"

جلال برجس دفاتر الوراق - تويتر

قدوم جلال برجس إلى تونس للمشاركة في المعرض الدولي للكتاب، كان حدثا فكريا وثقافيا، تترجم في الاهتمام الجماهيري والإعلامي بصاحب "دفاتر الوراق" الحائز على جائزة "البوكر".

يحظى برجس بعدد كبير من القراء التونسيين، وقد انعكس ذلك على نسبة المبيعات، ونجاح كل حفلات التوقيع التي نظمها الكاتب في جناح "دار مسكلياني للنشر".

وكان الأردن حاضرا أيضا في المعرض، من خلال مشاركة وزارة الثقافة، وعدد هام من المنشورات التي لاقت إقبالا كبيرا من القارئ التونسي، وقد تأكد هذا التبادل الفكري المعرفي بين البلدين بالحوارات واللقاءات الثقافية التي أشرف عليها الروائي جلال برجس.

 

اقرأ أيضا: جائزة البوكر للرواية لـ"دفاتر الوراق" للأردني جلال برجس

"عربي21"، جمعها لقاء خاص بالروائي الأردني جلال برجس، وهو يستعد لمغادرة تونس، بعد مواكبته المعرض الدولي للكتاب، فكان حديثا مليئا بشغف البدايات، وألق النجاحات و"شطحات" منتصف الطريق.

ماذا قال صاحب دفاتر الوراق عن إبراهيم الوراق، وعن انطلاقته وهل فعلا حاول الابتعاد عن الكتابة، وماذا وراء كل نجاحاته، والعديد من المواضيع الأخرى حول المعارض الدولية للكتاب وواقع الرواية العربية.

واكبت المعرض الدولي للكتاب بتونس، لو تحدثنا عن مشاركتك وعن حضورك الإعلامي الكبير أيضا في أكثر من منصة إعلامية تونسية؟


جاءت مشاركتي تلبية لدعوة مهرجان تونس الدولي للكتاب الذي احتفى بتجربتي عبر ندوة تحدثت فيها عما كتبت من روايات، وعن دفاتر الوراق وعوالمها.

 

في الحقيقة كنت في غاية السعادة في ذهابي إلى تونس، التي لي فيها قراء وأصدقاء احتفوا بي احتفاء أبهجني، عبر عدد من الندوات، واللقاءات الإعلامية، إلى جانب الأوقات التي أمضيتها مع قرائي وأصدقائي. 
لتونس مكانة كبيرة عندي ثقافيًا وإنسانيًا وهي من البلدان التي تشرع لي أفقًا على الكتابة.

من بلد الى اخر ومن قارئ إلى آخر، تتلون القراءات لرواية دفاتر الوراق بثقافات قرائها، إلى أي مدى أَثرت القراءات معاني الرواية؟

 

النص الساكن نص لا يعول عليه، ولا يعكس شكل الحياة الحقيقي الذي نريده. من هنا سرني أن الرواية خضعت لعدة قراءات ومن أكثر من بعد، وخلقت جدلا يروقني. لقد سارت الرواية إلى عقول القراء وقلوبهم بيسر، فتابعت بعض ردود الفعل القرائي حولها وبت أرى كيف صنع بعض القراء رواياتهم الخاصة أثناء تعمقهم بدفاتر الوراق، وكيف تعاطى البعض مع الفكرة، وكيف كانت الجدلية عنصرًا حاضرًا في القراءة ليس في تونس فحسب، إنما في مختلف الدول العربية.  

جلال برجس قبل البوكر: كيف كانت انطلاقة جلال برجس؟

 

أمضيت في الصحراء الأردنية الشرقية ثمانية عشر عاما كانت مرحلة للقراءة والتجريب الكتابي. في عام 2008 نشرت أول كتبي وهو مجموعة شعرية بعنوان (كأي غصن على شجر) ومن ذلك الحين كانت البداية ما بعد البداية، إذ إن ما سبق كل ذلك التاريخ كان تحضيرا لما أنا فيه الآن، من تواجد بين قرائي.


الروائي يروض شخوصه، ولكن في حالات استثناء تروضه شخوصه، أي الشخوص التي نجحت في ترويض صاحب دفاتر الوراق؟


لو حدث أن روضتني شخصية روائية لما واصلت الكتابة. أحاور شخصياتي، لكن لا أرضخ لها. ترافقني لزمن لكنني أتخلص منها. إن هزم الروائي أمام إحدى شخصياته فقد حكم على نفسه بالفشل. هناك الكثير مما لم يكتب بعد.

أي التجارب الأدبية التي كانت متعبة بالنسبة لك؟  

 

دفاتر الوراق، هي الرواية الأكثر تعبًا بالنسبة لي، لكنها الأكثر متعة، فقد رافقتني شخصياتها لما يزيد عن ثلاث سنوات. وهذا الزمن ليس هينا، ففيه تشكلت حيوات نقلت إلى الورق، ومصائر، وخسارات، وآمال، وأحلام، وكثير من الأمل الذي حاولت استخراجه من بطن الألم.

أي الشخصيات التي أبكتك وأنت تعالجها؟


إبراهيم الوراق، فهذه الشخصية أردتها أن تكون معادلا موضوعيا للإنسان العربي في هذه المرحلة، وأنا أحد هؤلاء الناس الذين يحلمون بزمن عربي أفضل مما هو عليه الآن. زمن فيه الحرية، والديمقراطية، والعدالة. 

أي نوع من الخوف يصيبك وأنت تكتب؟


في أي رواية عادة ما تكون الكتابة الأولى لي، وعبر الكتابات الأخرى التي تخضع لها تلك الرواية يتجه العمل للقارئ. الخوف يصيبني حينما انتهي مما أكتب، فمع كل رواية أقدمها للقارئ يساورني الإحساس نفسه المتعلق بالنجاح أو الفشل. إنه شكل من القلق المرتبط بمواصلة الكتابة.

العالم العربي توج دفاتر الوراق أفضل رواية، ولكن أي من إصداراتك الأقرب اليك؟


كل رواياتي قريبة مني، لكل رواية جهتها، وذكرياتها، وأثرها في نفسي. 

هل مررت بالمرحلة التي كنت تنوي فيها الابتعاد عن الكتابة؟ ولماذا؟


حاولت ذات مرة أن أفعل ذلك، فقط لأستريح، لكني وجدت نفسي غير قادر على العيش بلا كتابة، إنها تحدث لي توازنًا كبيرًا، وتجعلني أفهم أين أقف، وما الذي يخبئه الزمن القادم. إنها تشبه الأذن الوسطى التي إن أصيب إنسان بها ألم به الدوار.

من الطيران الى الرواية: كيف يناغم خطاط الدفاتر بين العلم والأدب؟


كلاهما تحليق، وكل طرف من هذين العنصرين يدعم الآخر، فمهنتي علمتني الدقة، والتخطيط، والكتابة علمتني الحياة. أعمل لأعيش، وأكتب لأشعر بالتوازن، وبالتالي محاولة فهم ذاتي، وما يحيط بي.

ما هو آخر كتاب قرأته؟


وديع والقديسة ميلادة لغالب هلسا. مجموعة قصصية أعدت قراءتها وفي كل قراءة أكتشف الجديد.

لأي موسيقى تستمع؟


أميل للكلاسيكيات من الموسيقى العربية، والغربية. ففي العربية صباحي يبدأ مع فيروز، وليلي ينتهي مع أم كلثوم، وأثناء الكتابة والقراءة يرافقني (شوبان).

هل لديك طقوس معينة في الكتابة؟


لا طقوس لي سوى أنني أشرب كثيرًا من الماء أثناء الكتابة.

قبل وبعد البوكر، ما الذي تغير في مخططاتك؟


لا شيء تغير، ما زلت أنا الذي ينصت لصوته الداخلي ويكتب.

الرواية سنراها عملا دراميا لو تحدثنا أكثر عن المشروع؟


خلال عام تقريبا سيبث مسلسل على الشاشات العربية، وعن طريق شركة إنتاج مهمة، وطاقم عمل مهم، من سيناريست، ومخرج، وممثلين من النجوم العرب.

هل بدأت في التخطيط لعملك الجديد؟


أفكر به، ولكنني للآن لم أبدأ بالتخطيط له. فهذه المرحلة مليئة بالانشغالات الإعلامية والثقافية. 

هل استطاعت الرواية العربية اليوم كسر النمطية ومواكبة عصرها؟


بالطبع استطاعت، خاصة رواية ما بعد الحداثة التي باتت شرفة لكل ألوان الفنون والآداب، وعلم النفس، وحتى ثقافة وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الشكل من الروايات بات الأقرب إلى القارئ لأنه يعاين أزمة الإنسان بوعي جديد قادر على أن يخلق الأسئلة، ويخلق حالة من الجدل. 

هل تخطت الرواية العربية مساحة الممنوعات؟


ليس بعد، فمازالت الرواية العربية تعاني من متلازمة التابوهات الثلاث الجنس والدين والسياسة، لهذا غرقت بعض الروايات في الرمزية، وبعضها عاد إلى التاريخي المسقط على الحاضر. لكن ثمة بارقة أمل تلوح في الأفق.