قالت الكاتبة السعودية المعارضة، مضاوي الرشيد، في مقال على موقع "ميدل إيست آي"، إن خلافات داخل العائلة الملكية قد تحول دون وصول محمد بن سلمان إلى العرش.
وأوضحت في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه بينما يختفي العاهل السعودي الملك سلمان عن الأنظار فإن ولي العهد يبقى عالقا في وحل الخلاف والفضيحة.
وأضافت أنه من المتوقع أن يستمر محمد بن سلمان في تنفيذ سلسلة من الإجراءات الخلافية سياسيا ودينيا، والتي قد تبقى تطارده عندما يتولى الحكم بشكل رسمي فيما لو توفي الملك.
وتابعت بأنه لعل أكبر كابوس يخشى منه ويحذر هو الخلاف داخل أسرة آل سعود الحاكمة. فليس مؤكدا أنه يحظى بإجماع أفراد العائلة على مبايعته في المستقبل ملكا.
وأوضحت أنه ليس من المحتمل أن يواجه ولي العهد تمردا مفتوحا، ولكنه سيظل مطاردا في المستقبل من قبل شبح التعرض للاغتيال.
وتاليا النص الكامل للمقال كما ترجمته "عربي21":
احتفل السعوديون بانتهاء عام 2021 بالمشاركة في حفلات موسيقية صاخبة نظمت في الصحراء بينما اختفى ملكهم الذي بلغ من الكبر عتياً وأعياه المرض عن الأنظار فلم يره أحد منذ شهور.
يقبع الملك سلمان في داخل مدينة نيوم المستقبلية وقد لا يكون قادراً جسدياً على حضور التجديد له بالبيعة، والذي يجري في العادة في مثل هذا الوقت من كل عام، احتفاء بمرور سبعة أعوام على وصوله إلى السلطة. ولكن لن يتنازل الملك سلمان عن العرش، وسيبقى ملكاً غائبا إلى أن يغيبه الموت نهائياً، بينما تأكد أن ولي عهده الأمير محمد بن سلمان هو الحاكم الفعلي في المملكة.
محليا، من المتوقع أن يستمر محمد بن سلمان في تنفيذ سلسلة من الإجراءات الخلافية سياسياً ودينياً، والتي قد تبقى تطارده عندما يتولى الحكم بشكل رسمي فيما لو توفي الملك. لعل أكبر كابوس يخشى منه ويحذر هو الخلاف داخل أسرة آل سعود الحاكمة. فليس مؤكدا أنه يحظى بإجماع أفراد العائلة على مبايعته في المستقبل ملكاً. ولا أدل على ذلك من أنه ماض وبلا هوادة في تصفية خصومه من آل سعود.
طفت إلى السطح مؤخراً فضائح حول اعتقاله وتعذيبه لعدد من الأمراء المنافسين له، بما في ذلك ولي العهد المخلوع محمد بن نايف وكذلك الأمراء من أبناء الملك الراحل عبدالله. تكشف مزاعم صرح بها المسؤول السابق في المخابرات السعودية سعد الجبري، والذي يعيش حالياً في المنفي داخل كندا، عن أسرار محرجة حول محادثات مع محمد بن سلمان عندما هدد كما يُزعم باستهداف الملك عبدالله باستخدام خاتم مسموم.
اقرأ أيضا: مضاوي الرشيد: هل غيّر ابن سلمان فعلا من سلوكه؟
أفادت صحيفة ذي نيويورك تايمز بأن الأمير بن نايف تعرض للتعذيب، بما في ذلك تعليقه من كعبيه مقلوباً رأساً على عقب. من الواضح أنه قد تم الآن نسيان الصورة القديمة التي يظهر فيها محمد بن سلمان وهو يقبل يد ولي العهد المخلوع. يبقى مصير محمد بن نايف في أيدى أسياده السابقين في واشنطن، وتحديداً وكالة المخابرات المركزية، السي آي إيه، والذين لم يتدخلوا حتى الآن لتخليصه من هذا الإذلال الذي لم يكن يخطر لأحد ببال.
الأمراء المهمشون
من الواضح أن محمد بن سلمان يتمنى رؤية محمد بن نايف جثة هامدة. ولكن لن يحل ذلك مشكلته الأكبر، فهناك أمراء آخرون يشعرون بالاستياء بسبب تهميشهم منذ عام 2015. ولكن يلتزم كلهم بالصمت حتى الآن، خشية على حياتهم – ولكن إلى متى سيستمر هذا الوضع؟
من غير المحتمل أن ينظم الأمراء المنافسون تمرداً ضد ولي العهد، فكلهم باتوا بلا مخالب، ومع ذلك لا يمكن استبعاد ثورات ستظل تطارد محمد بن سلمان لفترة طويلة من الزمن.
قتل الصحفيين واعتقال المعارضين، أو تركهم في حالة من الإهمال والحرمان من الرعاية الطبية داخل السجن إلى أن يموتوا، لا يستوي مع إخضاع الأمراء من أبناء العمومة لمثل هذه المعاملة. ليس من غير الشائع في الأنظمة الملكية المستبدة أن يعذب الحاكم مواطنيه، وقد يستمر على هذا الحال أمداً بعيداً، أما إحداث التصدعات داخل بيت العائلة الحاكمة نفسها فهو أمر مختلف وبالغ الخطورة.
ليس من المحتمل أن يواجه ولي العهد تمرداً مفتوحاً، ولكنه سيظل مطارداً في المستقبل من قبل شبح التعرض للاغتيال. لا يملك أي من الأمراء القدرة على تنظيم انقلاب سري، وخاصة بعد أن جردوا جميعاً من كل قوة عسكرية، ولكن قد تصبح الدسائس والمكائد التي تحاك داخل القصر هي الخيار الذي سيلجأ إليه هؤلاء ليتخلصوا من أمير شاب متغطرس لا يعرف الرحمة.
العامل الوهابي
فيما لو أصبح ذلك محتملاً، فمن المؤكد أن الأمراء سيعولون على جيش من الوهابيين المتشددين الذين يشعرون بالإحباط والسخط وهم يشاهدون انهيار امبراطوريتهم الدينية التي استغرق تشييدها قرناً من الزمن. فقد كان الوهابيون الأوفياء هم العمود الفقري لآل سعود، إذ عهدوا إليهم بمهمة استئناس وتدجين سكان شبه الجزيرة وتلقينهم ثقافة دينية متطرفة، وضمان طاعتهم للأمراء.
في المقابل، استفاد الوهابيون من هبات الدولة السخية، ومن الوظائف والامتيازات والمكانات الرفيعة. وكانوا حقاً حراس المملكة وحماتها، وكانوا هم الحكماء الذين ينبغي أن يدين لهم الناس بالطاعة رغماً عنهم، فما يصدر عنهم من أحكام تسنده قوة مسلحة. لقد عمل آل سعود والوهابيون معاً كفريق موسيقي متناغم، يعزف بعضهم الألحان التي تناسب البعض الآخر، وكل ذلك باسم طاعة الله وطاعة ولي الأمر. ولكن لم تعد هذه الصيغة قائمة اليوم، فقد غدت المملكة مقبرة لرجال الدين، لو حق لنا أن نستعير عنوان كتاب باسكال مينوريت الذي صدر مؤخرا.
اقرأ أيضا: مضاوي الرشيد تدعو لتطبيق "الملكية الدستورية" بالسعودية
بدأ محمد بن سلمان في تغيير هذه العلاقة التاريخية من خلال مشروعه الذي يهدف إلى تصفية الوجود الوهابي من الحياة الدينية والعامة، واستبدال مواعظهم وتهديدهم للمخالفين بالعقاب بحفلات الأغاني الشعبية والموسيقى الصاخبة. فإلى متى سيتمكن الوهابيون المهمشون من السكوت وهم يرون مملكتهم الذهبية تغرق في الفسق والفجور الذي طالما نعتوه بالفساد الغربي؟ لربما تعززت الآمال لدى الوهابيين المهانين في المملكة العربية السعودية عندما رأوا الطالبان يعودون إلى الحكم في الصيف الماضي بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي لبلادهم.
وإذا ما عاد الوهابيون فستكون لديهم راغبة جامحة في الانتقام، وحينها ستسفك الدماء، فغالباً ما يأتي انبعاث التعصب من جديد على هيئة طغيان جارف. ولكن سيتوقف ذلك على الطريقة التي يتعامل بها الشباب السعودي مع إحباطاتهم بسبب انعدام الوظائف والفرص الاقتصادية، وبسبب الغلاء، وفرض المزيد من الضرائب، وزيادة المصاعب المالية. إذا ما شعروا بأنه لا حظ لهم في المملكة الجديدة فلربما خلصوا إلى أنهم لن يخسروا شيئاً إذا ما انحازوا إلى معلميهم القدامى من الوهابيين.
قد يفلح محمد بن سلمان قريباً في الوصول إلى العرش، وبذلك يصبح ملك البلاد. ولكن لن يكون ذلك بلا تحديات. إن الذي سيحدد ما إذا كان ارتقاؤه إلى العرش سيفتح الباب على فجر جديد أم على طوفان من المشاكل الجديدة هو أسلوبه في التعامل مع مختلف القوى التي استعداها وأذلها.
"NYT": هكذا عُذّب ابن نايف.. والأميرة بسمة بحاجة عاجلة للسفر
ECO: غضب من نزعة التحرر في السعودية وتحذيرات من القمع