اقتصاد عربي

هل تتسبب شهادات الـ18% في بنوك مصر بزيادة الركود الاقتصادي؟

خبير لـ"عربي21": لا بد لهذه الحكومة أن تستقيل لأن استمرارها سيؤدي إلى إفلاس مصر- جيتي

تجاوزت حصيلة شهادات الادخار ذات العائد 18% لمدة عام في البنوك المحلية (الأهلي ومصر) منذ طرحها نهاية الشهر الماضي 613 مليار جنيه، في أكبر حصيلة شهادات ادخار في التاريخ المصرفي المصري.

وجاء طرح شهادات الادخار أمام المواطنين بعد قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة 1% وخفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي بنحو 19%، وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له في 3 سنوات متجاوزا تقديرات البنك المركزي.


وتهدف الخطوة، بحسب المركزي المصري، إلى السيطرة على التضخم من خلال سحب السيولة من الأسواق ووضعها في وعاء ادخاري وعدم إنفاقها، ما يساهم في خفض حدة الطلب، وبالتالي تراجع الأسعار وانخفاض نسبة التضخم.


من جانبها، قالت وحدة الأبحاث ببنك الاستثمار بلتون في تقرير الشهر الماضي، إن "40% من معدل التضخم المحلي المرتفع منه تضخم مستورد، أي أنها لا تعود لأسباب محلية وإنما بسبب ارتفاعات الأسعار العالمية في مواد الغذاء مثل القمح والذرة والزيوت وغيرها، وكذلك أسعار الطاقة، والتي ترفع من تكلفة التنقل للأفراد ومن تكلفة شحن السلع المستوردة".


القطاع الخاص


بدوره، قلل خبير الاقتصاد الاستراتيجي علاء السيد، من نجاعة إجراء المركزي المصري في احتواء التضخم وخفض الأسعار، قائلا: "كالعادة سوف ينخفض التضخم على الورق، وسوف تزيد الأسعار في الأسواق وعلى أرض الواقع، وحصيلة هذا المبلغ التي تتجاوز 33 مليار دولار سوف توجه لإقراض الحكومة، وليس لمشروعات اقتصادية".


وحذر خلال حديثه لـ"عربي21" من أن "حبس الأموال في شهادات ادخارية مرتفعة العائد، سيؤدي إلى عدم خلق وظائف جديدة، مع الأخذ في الاعتبار استمرار تراجع أداء القطاع الخاص غير النفطي".


وأضاف: "كما أنها تدفع أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحو تصفية أعمالهم ووضع أموالهم في البنوك، للحصول على تلك الفائدة، وبالتالي إحباط جهود بعض الراغبين في إنشاء مشروعات صغيرة من المغامرة في إنشاء مشروعه الخاص".


وخلال شهر نيسان/ أبريل الجاري، سجل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي بمصر الذي يقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي، تراجعا جديدا، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في 21 شهرا بنحو 46.5 نقطة، أي أقل من 50 نقطة وهي الحد الفاصل بين النمو والانكماش، وكان السبب الرئيس هو معاناة الشركات من أسوأ انخفاضات في الإنتاج والطلبات الجديدة.


وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه "يتوقع أن يواصل التضخم ارتفاعه في مصر خلال الشهور القادمة، خاصة أن معظم هذا التضخم مستورد من الخارج بسبب ارتفاع الأسعار وليس بسبب زيادة الطلب على المنتج المحلي".

 

ونوه إلى أن "الإجراءات الحكومية بما فيها المركزي المصري بعيدة عن السياسات النقدية والاقتصادية الرشيدة وتعمل على المسكنات فقط، لذلك لا بد لهذه الحكومة أن تقال أو تستقيل لأن استمرارها سوف يؤدي إلى إفلاس مصر في ظل السياسات الراهنة".


وترى وحدات البحث لشركات الاستشارات المالية، أن هذه الشهادات ذات العائد المرتفع قد تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى زيادة الركود الاقتصادي، من خلال المساهمة في انحسار الاستثمارات في الأعمال الجديدة، التي بالأساس ستنحسر في ظل الركود الاقتصادي وعدم تعافي الطلب الاستهلاكي منذ أزمة كورونا، وتأجيل العديد من الشركات لخططها التوسعية.

 

اقرأ أيضا: دعوات للتظاهر في العيد بمصر.. و"ارحل يا سيسي" يتصدر

منع المضاربات على الدولار


من جهته، قال الخبير المصرفي، شريف عثمان، إن "مشكلة التضخم في مصر بالأساس مرتبطة بضعف الجنيه المصري وفي نفس الوقت عدم وجود رقابة حكومية على التجار لضبط الأسواق، وبالتالي نشاهد ارتفاعات في الأسعار لا تتناسب مع قيمة ارتفاع الدولار مقابل الجنيه".


وأضاف خلال حديثه لـ"عربي21": "هذه الخطوة هدفها منع عملية المضاربة على سعر الدولار والتكالب على شرائه بعد رفع سعره مقابل الجنيه، وبالتالي سحب هذه الأموال من خلال تلك الشهادات مرتفعة العائدة من أجل تعويض مشتري هذه الشهادات بعد أن فقدت العملة 18% من قيمتها من خلال دفع الفارق بنفس النسبة تقريبا".


ورأى أن "رفع سعر الفائدة وسحب السيولة هو الطريقة الأمثل لكبح جماح التضخم"، منوها إلى أنه "لا يعتقد أن ذلك يضر بقطاعات اقتصادية في مصر؛ لأن هذه الأموال جاءت من مدخرات الأفراد ولم تكن توجه بأي حال إلى استثمار صناعي أو زراعي".


واختتم الخبير المصرفي حديثه بالقول: "البنك المركزي يفترض جدلا عدم حدوث ارتفاع جديد للدولار بعد الاتفاق مع دول خليجية للحصول على ودائع واستثمارات مباشرة وغير مباشرة ولكن لم يتحقق الجزء الأكبر حتى الآن لكن البنك المركزي يبدو مطمئنا للحدوث على هذه الأموال".