مقابلات

صوان لـ"عربي21": دخول باشاغا طرابلس سيكون سهلا بهذه الحالة

85966536555555555

صوان: دخول باشاغا طرابلس سيكون سهلا للغاية في هذه الحالة

 

ما يجري في ليبيا الآن هو محطة مفصلية خطيرة جدا ربما تعقبها تحولات إيجابية

 

حكومة باشاغا مُنعت من دخول طرابلس من قِبل مجموعات مسلحة تسعى لاستمرار الفوضى

 

بعض المجموعات المسلحة في طرابلس تقتات على تهريب الوقود والبشر والمخدرات

 

بعض الدول سمحت لقادة المجموعات المسلحة بفتح حسابات مصرفية وغسيل أموالهم

 

قادة المجموعات المسلحة أصبحوا رهائن لأجهزة مخابراتية وخطرا على الأمن القومي الليبي والمنطقة

 

باشاغا يدرك جيدا أبعاد وخفايا الأوضاع ومطلع بشكل كامل على كل ما يجري داخل وخارج البلاد

 

التسوية لا بد أن تتم بين أطراف الصراع الحقيقية الموجودة على الأرض

ما حدث هو بوادر توافق وطني غير مسبوق وليس مجرد تسمية حكومة جديدة فقط

 

حكومة الدبيبة تعمل جاهدة على التخلص من مجلسي النواب والدولة مقابل استمرار بقائها


الحزب الديمقراطي أصبح هو الكتلة السياسية الوحيدة والأقوى الداعمة للتوافق وجمع شتات الليبيين


قال رئيس الحزب الديمقراطي الليبي، محمد صوان، إنه "إذا تم تفكيك الأسباب التي حالت دون دخول حكومة فتحي باشاغا إلى طرابلس فإن الصدام (مع حكومة عبد الحميد الدبيبة) –إن حدث- سيكون بسيطا وضيقا للغاية، ودخول الحكومة للعاصمة سيكون سلسا وأسهل مما يتصور الجميع، وهذا ما يجري العمل عليه الآن على المستوى الداخلي والخارجي، ولا شك أنه يحتاج من باشاغا والداعمين لهذا الوفاق الوطني إلى صبر وجهد طويل".

وأكد أن "حكومة باشاغا لم تُمنع من دخول العاصمة طرابلس من قِبل حكومة الدبيبة؛ بل من قِبل بعض المجموعات المسلحة المستفيدة من استمرار الفوضى، لأن تلك المجموعات تقتات على تهريب الوقود والبشر والمخدرات وغيرها، ووجدت في حكومة الدبيبة ضالتها؛ فهي تتخذ منها غطاءً شرعيا مقابل استمرارها".

وأضاف رئيس الحزب الديمقراطي، في الحلقة الأولى من مقابلته الخاصة مع "عربي21": "قادة هذه المجموعات المسلحة يخشون على وجودهم ونفوذهم، كما أنهم يخشون الملاحقات القانونية والقضائية جراء تورطهم في قضايا تهريب وفساد وجرائم ضد حقوق الإنسان".

وكشف صوان أن بعض الدول، التي لم يسمّها، سمحت لبعض قادة المجموعات المسلحة في طرابلس بـ"فتح حسابات مصرفية، وغسيل الأموال الفاسدة، وبالتالي فإنهم أصبحوا رهائن لأجهزة مخابرات هذه الدول، وخطرا على الأمن القومي في ليبيا والمنطقة تبعا لخطورة المال".

ولفت إلى أنهم يدركون جيدا أبعاد دور بعض أجهزة المخابرات وعلاقتها ببعض المجموعات المسلحة، وأنهم يتابعون "اللقاءات التي تجري برعاية أجهزة المخابرات في العديد من الدول، وهذا يؤكد ضعف حكومة الدبيبة وفقدانها للسيطرة على هذه المجموعات، وأظن أن السيد باشاغا يعي جيدا هذه التعقيدات، ويدرك أبعاد وخفايا الوضع".

وعن رؤيته لمآلات الملف الأمني؛ شدّد صوان على أن "الوضع سيئ للغاية ومرشح للتفاقم أكثر، وهذه الظروف تفتح المجال للمجموعات المسلحة للتمسك أكثر بحكومة الدبيبة، لأنها تعطيها مساحة أكثر للاسترزاق والسيطرة والتحكم، وفي شكل أقرب لتبادل المنفعة والزواج غير الشرعي الذي سيعود على الليبيين بنتائج وخيمة وبالغة السوء".

وفي ما يأتي نص الحلقة الأولى من المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقرأون تطورات المشهد الليبي الراهن؟


إن ما يجري في ليبيا الآن هو محطة مفصلية خطيرة جدا ربما يعقبها تحولات إيجابية –وهو ما نرجوه - أو ربما ندخل في سيناريوهات لا قِبل لنا بها، وللأسف فإن هذه السيناريوهات قد تفتح لنا أبوابا من التمزق ومزيدا من الانقسام والهشاشة، وهذا ما لا نرجوه .

ففي هذه المحطة الآن تُختبر إرادة الليبيين؛ هل سيكون لنا وعي ونضج يرتقي إلى مستوى إدراك خطورة هذه المرحلة بعد كل ما لاقيناه من تجارب وانقسامات وحروب، ونستطيع كليبيين أن نلملم جراحنا، ونستعيد زمام المبادرة بأيدينا، ونتناسى خلافاتنا؟، وهل سنشهد تحركا إيجابيا للنخب بدلا من هذه السلبية المقيتة، التي أفسحت المجال لقلة قليلة مستفيدة من استمرار الصراع والفوضى ودول تتدخل بشكل سلبي وتصفي حساباتها وتنافسها على حساب بلادنا؟

قد يكون هناك بعض العذر على الصمت والانسحاب بسبب الإحباطات المتتالية، وتراكم الحلول الهشة، وفشل الحكومات المتعاقبة، ولكن يجب أن ندرك جميعا أن هذا من طبيعة أي تغيير جذري، وأن ما يجري في ليبيا لا يمكن أن يُعزل عما يجري في المنطقة من تغيرات أنتجت صراعات وتفكك، والأهم أن الوضع في ليبيا خطير ولا يحتمل مطلقا السلبية والسكوت .

ما أبعاد منع حكومة باشاغا من دخول العاصمة طرابلس؟ ومَن يقف وراء ذلك؟


حكومة السيد باشاغا لم تُمنع من دخول طرابلس بقدرات حكومة الدبيبة؛ فمَن يمنع دخول الحكومة إلى طرابلس هم بعض المجموعات المسلحة المستفيدة من استمرار الفوضى، لأن تلك المجموعات تقتات على تهريب الوقود والبشر والمخدرات وغيرها، ووجدت في حكومة الدبيبة ضالتها؛ فهي تتخذ منها غطاءً شرعيا مقابل استمرارها، وشجّع هؤلاء أيضا الموقف الرمادي الذي اتخذته بعض الدول المتداخلة والمؤثرة في المشهد الليبي؛ نظرا لتضارب مصالحها هي وليس مصلحة الشعب الليبي قطعا  .

كذلك فإن البعض من هذه المجموعات المسلحة التي ترفض دخول الحكومة إلى العاصمة –وهي الأقل من حيث العدد - يخشى قادتها على أنفسهم من الملاحقة القانونية والقضائية باعتبار بعضهم قد تورط في قضايا تهريب وفساد وجرائم ضد حقوق الإنسان؛ فهم يخشون على وجودهم ونفوذهم، وغير مطمئنون لاستلام حكومة السيد باشاغا لزمام الأمور، نظرا لموقفه الرافض لاستمرار سيطرة هذه المجموعات خارج إطار سلطة الدولة، وهذا ما ظهر جليا أثناء توليه حقيبة الداخلية في حكومة فايز السراج.

هؤلاء (قادة بعض المجموعات المسلحة) راكموا أيضا عشرات الملايين من جراء التهريب، ومن عطايا الحكومة والفساد في ملف الاعتمادات المستندية، وبعض الدول سمحت لهم بفتح حسابات مصرفية وغسيل هذه الأموال الفاسدة، وبالتالي فإنهم أصبحوا رهائن لأجهزة مخابرات هذه الدول، وخطر على الأمن القومي في ليبيا والمنطقة تبعا لخطورة المال .

إذن فهذه التشكيلات المسلحة تلتقي أيضا مصلحتها مع بقاء الوضع الهش الحالي على ما هو عليه.

هل تلك المجموعات المسلحة لها علاقة ما بجهات إقليمية أو دولية؟ ومَن الذي يحركها برأيكم؟


نحن ندرك أبعاد دور بعض أجهزة المخابرات وعلاقتها ببعض المجموعات المسلحة، وهذا ليس سرا؛ فكل الليبيين يتابعون اللقاءات التي تجري برعاية أجهزة المخابرات في العديد من الدول، وهذا يؤكد ضعف حكومة الدبيبة وفقدانها للسيطرة على هذه المجموعات، وأظن أن السيد رئيس الحكومة باشاغا يعي جيدا هذه التعقيدات، وهو مطلع بشكل كامل وكافي على كل ما يجري داخل وخارج البلاد، وعندما قرّر عدم الانجرار إلى أي صدام مسلح فهو يدرك أبعاد وخفايا الوضع .

وإذا تم تفكيك هذه الأسباب التي أشرت لها آنفا فإن الصدام – إن حدث- فسيكون بسيطا وضيقا للغاية، ودخول الحكومة للعاصمة طرابلس سيكون سلس وأسهل مما يتصور الجميع، وهذا ما يجري الآن على المستوى الداخلي والخارجي، ولا شك أنه يحتاج من حكومة باشاغا والداعمين لهذا التوافق الوطني إلى صبر وجهد طويل، ولكن في سبيل إنقاد الوطن، وجمع شتاته، على الجميع أن يسعى من خلال الحوار والطرق السلمية .

هل ترى أن حكومة باشاغا ستنجح في ممارسة عملها من العاصمة طرابلس؟ وهل يمكن ممارسة مهامها وحكم ليبيا من سرت؟


في تقديري أن السيد باشاغا قد أثبت أنه كان رجل الحرب في ظروفها، وهو أيضا رجل السلام عندما كسر كل الحواجز وجلس مع خصومه في بنغازي، ورغم كل الانتقادات التي وُجهت له، وللحزب الديمقراطي، بسبب دعم هذا التقارب، إلا أن هذه الخطوة الشجاعة قد فتحت أبواب التواصل بين كل الأطراف من أبناء الوطن الواحد، ونتائج ذلك تتضح يوما بعد يوم تجاه إبعاد شبح الحروب، وتعزيز خطاب المصالحة بدلا من خطاب الكراهية الذي كان سائدا، وهذا في حد ذاته نجاح له ما بعده مهما كانت العراقيل.

وبحرصه على دخوله سلميا للعاصمة قد أثبت مرة أخرى أنه عند وعده بالحرص على المسار السلمي، وربما قد أقام الحجة على مَن يلومه على العمل من خارج العاصمة، وللأسف كل ذلك أعطى رسائل سلبية للداخل والخارج عن سيطرة بعض المليشيات على العاصمة، وعلى مؤسسات الدولة فيها، وأصبح إعادة بناء الدولة بشكل صحيح يدور حول خيارين: الأول هو السيطرة على السلاح داخل العاصمة، وإخضاع المليشيات لسلطة الدولة والقانون، وإعادة إدماجها، وهذا أتضح أنه خيار صعب، وربما تترتب عليه صراعات مُكلّفة وصعبة وسط المدنيين؛ نظرا لتوسع نفوذ هذه المجموعات وتغلغلها في مفاصل الدولة.

أما الخيار الثاني هو سحب مؤسسات الدولة خارج العاصمة وتحريرها من قبضة هذه المجموعات، وإعادة البناء من جديد على أساس سليم لاستعادة الدولة، وهو خيار ليس سهلا أيضا، وتجارب بعض الدول التي مرت بظروف مشابهة عبر التاريخ تعزز هذا الخيار أحيانا؛ وربما دخول السيد باشاغا وخروجه مباشرة دون أي تردد كان لتوجيه رسالة لكل الليبيين وللخارج بأن العاصمة طرابلس أصبحت خارج سيطرة الحكومة، وهي مُقسّمة بين سيطرة عدة مجموعات مسلحة، وليس بالإمكان مباشرة عمله منها، أو بسط هيبة الدولة عليها بسهولة، خاصة في وجود حكومة تستخدم موارد الدولة لكسب ولاءات مؤقتة من بعض المجموعات.

وماذا عن رؤيتكم للاشتباكات المسلحة التي تحدث من وقت لآخر داخل طرابلس وعلى أطرافها؟


نحن نلاحظ من خلال إحصائيات الأشهر الأخيرة مدى الانفلات الأمني الذي لم نشهد له مثيلا فيما سبق، وقد أوقع هذا الأمر العديد من الأضرار البشرية والمادية في الزاوية، وجنزوري، وفي طرابلس ومصراتة، وفي كل مكان من العاصمة وما حولها، وهذا الأمر يؤكد أن المجموعات المسلحة تقسم العاصمة إلى كنتونات، كل مجموعة تسيطر على قسم منها تعتبره ملكا ومغنما لها وحدها، بل إن بعض تلك المجموعات أصبحت توزع التخصصات فيما بينها من السيطرة على خطوط تهريب الوقود الليبي إلى معابر حدودية معينة، ومجموعة أخرى تسيطر على تهريب البشر، وأخرى لتهريب المخدرات وتشارك الحكومة حتى في السيطرة على الوزارات والمؤسسات الكبرى والسفارات، وكل هذا لأن هذه المجموعات التي تسيطر على هذه المواقع هي مَن تسمي نفسها أجهزة أمنية .

وبالتالي، من المسؤول عن تلك الممارسات؟


بطبيعة الحال، فإن المسؤولية تقع على حكومة الدبيبة؛ لأن عددا كبيرا من هذه المجموعات على استعداد للانخراط في المؤسسات الرسمية بشكل فردي، والالتزام بالقوانين إذا وجدت حكومة لها رؤية ومشروع لإعادة دمج وتأهيل هؤلاء الشباب بشكل مدروس، ولكن لم يكن هذا من اهتمامات الحكومة من يومها الأول؛ إذ لم تلتفت لإصلاح وتنظيم الجانب الأمني، ولم تقدم أي مشروع لهذا الجانب المهم، بل وضعت كل اهتمامها  وتركيزها على إعادة ترتيب المناصب الإدارية، ومفاصل الدولة والسفارات، ومجالس الإدارات والشركات، وكل ما يتعلق بالعقود المالية، بناءً على الولاءات الشخصية للحكومة والعائلة، ولم تقم على أسس الكفاءات وتكافؤ الفرص، وهو ما يؤكد رغبة الحكومة من اليوم الأول في الاستمرار لأطول فترة، وليس العمل على انجاز الانتخابات كما هو مقرر، وحتى الخطوات التي قامت بها هي مجرد تقديم عطاءات وأموال ووعود بطريقة غير مدروسة ورّطت الدولة لخدمة هدفها الرئيسي، وهو التمترس والبقاء والاستمرار .

وما يؤكد ذلك رفضها للتسليم حتى بعد سحب الثقة وانتهاء مدتها وبالعودة للملف الأمني؛ فالوضع سيء للغاية ومرشح للتفاقم أكثر، وهذه الظروف تفتح المجال للمجموعات المسلحة للتمسك أكثر بحكومة الدبيبة، لأنها تعطيها مساحة أكثر للاسترزاق والسيطرة والتحكم، وفي شكل أقرب لتبادل المنفعة والزواج غير الشرعي الذي سيعود على الليبيين بنتائج وخيمة وبالغة السوء.


متى يمكنكم سحب تأييدكم لحكومة باشاغا أم إن دعمكم لها بلا حدود ولا تراجع عنه؟


نحن لا ندعم شخصا لذاته أو محبةً بشخصه، بل ندعم مشروعا، ولطالما كان هذا المشروع مُوَجِّها لسلوكنا السياسي منذ سنوات؛ وهذا المشروع قائم على دعم أي توافق بين الليبيين يجمع كامل ليبيا حتى لو حمل في طياته بعض التنازلات من كل الأطراف، وهذه هي استراتيجيتنا الواضحة لا في هذه المحطة فقط، بل حتى في المحطات السابقة كالصخيرات وجنيف، وكل الحوارات التي شاركنا فيها بفاعلية، وهذا ما يعرفه خصومنا قبل أصدقائنا.

وبالتالي، فإننا عندما دعمنا قائمة السيد فتحي باشاغا، والسيد عقيلة صالح، والسيد أسامة جويلي، والسيد عبدالمجيد سيف النصر، في حوارات جنيف، كان رأينا واضحا حول أن هؤلاء هم مَن يمثلون أطراف الصراع، وقلنا آنذاك أن الإتيان بشخصيات من خارج الصراع لن يؤتِ أي نتيجة، والدليل ما نراه اليوم من أن حكومة السيد الدبيبة بقت منزوية حصرا في العاصمة طرابلس، لأن بعض أطراف الصراع لم ترِ أنها جزءا من هذه الحكومة والتسوية بشكل مرضي لها  .

أما المجلس الرئاسي الذي أتى رفقة الحكومة في حوارات جينيف فلا يختلف وضعه عن الحكومة كثيرا، فهو أيضا موجود في العاصمة بلا أي حضور أو وجود أو تأثير في المنطقة الشرقية أو الجنوبية، هذه المعطيات أدت إلى استمرار حالة عدم التوازن السياسي الذي تشهده البلاد.

ولذلك، فإن فكرتنا واضحة، وهي أن التسوية لا بد أن تتم بين أطراف الصراع الحقيقية الموجودة على الأرض.

هل موقفكم هذا خصم من رصيد "الحزب الديمقراطي" لدى الشارع الليبي؟


بقدر ما يرى البعض أن دعمنا لهذا المشروع سلبيا؛ فإننا قد لمسنا ردود فعلٍ واسعة وإيجابية من كل أنحاء ليبيا، وهو الأمر الذي أتاح للحزب مساحات متمثلة في علاقات وآفاق جديدة، الأمر الذي أعطى للحزب تواجدا عبر فروعٍ جديدة في مدن ومناطق كانت تحمل تصورات مشوشة ومشوهة عن الحزب وقياداته ورموزه بحكم تاريخها السياسي خلال فترات الصراع السابقة، بهذا أصبح الحزب الديمقراطي هو الكتلة السياسية الوحيدة والأقوى الداعمة للتوافق وجمع شتات الليبيين، وبهذا أيضا استطعنا أن نصنع حضورا قويا داعما للوفاق الوطني  بالمجلس الأعلى للدولة، عبر التأثير بالنسبة الغالبة للدفع باتجاه التوافق، بالرغم من أن قيادة المجلس تُخالفنا الرأي.

ودعم التوافق هو رصيد استراتيجي للحزب الديمقراطي على المدى المتوسط والبعيد، ولن يُنقص من رصيدنا السياسي شيئا، بل ونعتبره واجب وطني، وهو جزء من مشروعنا النضالي الذي نؤمن به وقام على أساسه حزبنا والهادف إلى إقامة دولة مدنية ذات سيادة، تتبنى النموذج الديمقراطي وتطبقه على كامل التراب الليبي بعيدا عن الانقسام .

البعض يرى أن دعم حكومة باشاغا سينتج عنه في نهاية المطاف إعادة تدوير للديكتاتورية.. ما تعقيبكم؟


هناك تيار غير مؤطر ممن تجمعهم العاطفة والحماسة الثورية التي لا تقوم على معلومات وواقعية، وهم أسرى مراحل الصراع والخوف من عودة المشروع العسكري، وهذا سلوكهم في كل المحطات؛ فالأصل عندهم الرفض والخوف من أي تغيير أو مبادرة، وهؤلاء غالبا ضحايا للتضليل الإعلامي وهذا الخطاب  .

هذا التيار وقع في أذهانهم لبس من أن هذه التسوية ما هي إلا إعادة تدوير للديكتاتورية أو أنها خلق لمدخل جديد للمشروع العسكري في العملية السياسية، وهو تسطيح مخل إلى الحد الذي جعل بعض هؤلاء في مأزق وعدم القدرة على التراجع بعد أن أتضح زيف ما يُرفع من شعارات ومزايدات عن الوطن واتهام بالعمالة، واكتشفوا أن ما يجري ما هو إلا خلاف سياسي لا علاقة به بالثورة ومبادئها؛ فأصبح البعض يجد صعوبة في التراجع عن رأيه الذي طالما دافع عنه، ليتحول بذلك إلى مكابرة ومعاندة وهروب إلى الأمام وبحث عن مبررات للرفض .

أنتم دائما ما تتحدثون عن انتهاء ولاية حكومة الدبيبة لكنكم تحرصون على تجاهل انتهاء ولاية البرلمان.. لماذا؟


بمنتهى الوضوح أقول إن البرلمان ومجلس الدولة أجسام استمرت لفترة طويلة جدا، ويجب أن يغادروا، وسبب بقائهم هو العجز والانسداد السياسي والأزمة الحاصلة في البلد، وكانت الطريقة الصحيحة لمغادرتهم هي إجراء الانتخابات، والجميع يعلم مَن أفسد الانتخابات، والمضحك أن حكومة الدبيبة تعمل جاهدة على التخلص من هذه الأجسام مقابل بقاءها مع أنها تستند إلى شرعية أضعف من باقي الأجسام الأخرى، ونحن مع ذلك مع ضرورة تغيير هذه الأجسام، وهذا ما جعلنا ندعم الانتخابات التي كان من المزمع إجراؤها في كانون الأول/ ديسمبر 2021، والتي كانت الحكومة سببا رئيسيا في إفشالها.

ويجدر الاشارة إلى أنه قد تضطر إلى التعامل مع هذه الأجسام خوفا من الوقوع في فراغ وفوضى أسوأ من الواقع الآن؛ فنحن نرى أن التخلص منها يكون باستغلال هذه الأجسام للوصول إلى الانتخابات، وكدنا أن نحقق ذلك، ولكن مع الاسف فشلت الانتخابات دون أن تكون هذه الأجسام سببا في إفشالها، بل حكومة الدبيبة.

في تقديركم، ما نسبة الليبيين المؤيدين لحكومة باشاغا في مقابل مؤيدي حكومة الدبيبة؟


من وجهة نظري ما جرى هو بوادر توافق وطني غير مسبوق وليس مجرد تسمية ما حكومة جديدة فقط، وهو توافق بين مجلسي النواب والدولة يجب أن يدعم لنستعيد الإرادة الليبية ونستكمل باقي المسار الدستوري والانتخابي .

والشارع الليبي في عمومه يُهمه النتائج في تقديري، وهذا ما يبحث عنه الكثيرون، والناس لا تتفاعل مع أي مسار سياسي، إلا إذا كان ناجحا وحقق نتائج؛ فإذا ظهرت بوادر نجاح المشروع وانتصرت الفكرة دخل فيها الناس أفواجا، وهذه سنة عامة في كل الظروف  .

قد يتوقف عموم الناس إزاء أي مشروع وطني ولا يدركون أبعاده، ولا يتفاعلون معه، ويخافون من تحمل مخاطر فشله، وما يترتب عليه من تخوين واتهام، وما شابه، وتلك طبيعة في البشر، بل الغالب في العامة هو التربص وانتظار ما ستؤول إليه الأمور، ثم اللحاق بركبها.

وكنتيجة لذلك فأنا أعتقد أن الغالبية الصامتة قد ملت الحروب والنزاعات والانقسامات والتشظي، ويريدون أن يروا وطنا موحدا مجتمعا يسوده الأمن والرخاء والوئام، وبالتالي فعموم الناس تؤيد هذا التوافق وما نتج عنه من حكومة، بل وينتظرون دخولها للعاصمة طرابلس وممارسة مهامها، ولكن نظرا للوضع الراهن وتفضيل بعضهم لعدم الدخول في صدامات مع أي طرف أو تفويت بعض المصالح مع بقاء الحكومة الحالية؛ فيميل الأغلب إلى انتظار بوادر النجاح .