ملفات وتقارير

رغم محاولة طمسها.. تفاعل واسع في الذكرى الـ9 لمذبحة رابعة

وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية فض اعتصام رابعة واعتبرته "أكبر عملية قتل جماعي للمتظاهرين في العصر الحديث"- الأناضول
أحيا المصريون الذكرى التاسعة لمجزرة فض اعتصام أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي بميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة، في 14 آب/ أغسطس 2013، على يد قوات الجيش والشرطة المصرية، واقتحامهما بالمدرعات والمركبات العسكرية المجنزرة، في مشهد دموي لم تشهده البلاد في تاريخها الحديث والمعاصر.

منذ ذلك التاريخ، أصبحت مذبحة رابعة نقطة تحول مروعة لحقوق الإنسان في مصر، وعلى مدى السنوات التالية لها وقعت انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن المصرية، مثل القيام بعمليات إخفاء قسري، وتنفيذ إعدامات خارج نطاق القضاء، بشكل لم يشهد له مثيل من قبل، وفق منظمة العفو الدولية.

في 30 من حزيران/ يونيو 2013، خرجت مظاهرات ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بدعم من الجيش والشرطة بميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية؛ للمطالبة بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، ومظاهرات أخرى مؤيدة له في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر.

ووثقت منظمات حقوقية محلية ودولية فض اعتصام رابعة، الذي استمر نحو 45 يوما، في واحد من أطول الاعتصامات السلمية في تاريخ البلاد، واعتبرته "أكبر عملية قتل جماعي للمتظاهرين في العصر الحديث"، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.



تفاعل منصات التواصل

ودشن رواد وسائل التواصل الاجتماعي وسم "#مذبحةرابعة" وآخر "#التاراللي بينا وبين_الجيش" تحدثوا فيها عن مطالبهم بالقصاص من القتلة، ونشروا قوائم بأسمائهم، إلى جانب نشر شهادات حية لبعض من المعتصمين السلميين في ميداني رابعة والنهضة.

واختلفت الروايات والتقديرات حول عدد ضحايا المجزرة ما بين بضع مئات وبضعة آلاف في جميع المجازر التي ارتكبتها عناصر الأمن بحق المؤيدين للرئيس مرسي، إلى جانب آلاف المصابين، فيما تحدث تقرير لوزارة الصحة المصرية عن 670 قتيلًا ونحو 4 آلاف و400 مصاب.

أيا كان العدد، فإن ما حدث بحق المتظاهرين السلميين منذ إعلان الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو وحتى 14 آب/ أغسطس، بحسب نشطاء وسياسيين وحقوقيين، يعد جرائم بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ويوما أسود في تاريخ البلاد .


وتداول ناشطون وسياسيون عايشوا تلك اللحظات العصيبة على مواقع التواصل الاجتماعي عددًا من العبارات والصور ومقاطع فيديو للمذبحة المروعة، التي حولت الاعتصام السلمي الذي كان يضج بالحياة وآلاف النساء والأطفال إلى أثر بعد عين، إلى جانب حرق مسجد رابعة والمستشفى الميداني، وجرف الجثث بشكل جماعي..

ونددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بتحصين السلطات المصرية جميع المتورطين بالمذبحة، وقالت عبر بيان على حسابها على موقع "تويتر": "خلال تسع سنوات، يخيم الصمت الدولي المشين على المشهد بصورة مكنت المسؤولين عن هذه المجزرة من الإفلات من العقاب حتى الآن، وشجعتهم على ارتكاب المزيد من الجرائم التي لم تتوقف منذ الثالث من تموز 2013".


حماية وحصانة قانونية

ورغم مرور 9 سنوات على سقوط دماء مصرية بنيران الجيش والشرطة، لم تتم محاسبة أي من مرتكبيها من قيادات الشرطة والجيش ووزير الدفاع حينها عبدالفتاح السيسي، الذي تولى حكم البلاد منتصف 2014، وقدم حصانات قانونية تمنع محاكمة المشاركين بجرائم الفض.

وتصف منظمة العفو الدولية تقاعس السلطات المصرية عن مساءلة أي شخص على مذبحة 2013، على أيدي قوات الأمن، لما لا يقل عن 900 شخص شاركوا في المظاهرات بميدان رابعة العدوية وميدان النهضة في القاهرة، يجسد أزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة في البلاد.

 

وخلال السنوات القليلة الماضية، حرص نظام رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي على القضاء على ذكرى مجزرة رابعة العدوية، من خلال تغيير اسم الميدان الذي وقعت فيه المجزرة تارة، وإنتاج عمل درامي يمجد فض الاعتصام، ورغم ذلك، فإن شبح ما حدث سيبقى دائماً مخيماً على نظام السيسي.

وعلى مدار السنوات اللاحقة للمجازر، تجاهل نظام السيسي كل الدعوات الحقوقية إلى فتح تحقيق دولي مستقل في مذبحة رابعة، ولم يخضع أي مسؤول حكومي أو أي من عناصر الأمن للتحقيق أو المقاضاة في مصر بتهمة ارتكاب انتهاكات أو جرائم في رابعة، في حين حُكم على الكثير من الناجين بالإعدام والسجن لفترات طويلة، في محاكمات وصفتها المنظمات بغير العادلة.