تجدد القتال بمنطقة تيغراي شمالي أثيوبيا بين مسلحين محليين وقوات الحكومة المركزية في محيط بلدة كوبو، بعد أشهر من وقف إطلاق النار بناء على اتفاق هدنة، وسط دعوات أممية لوقف القتال.
ويمثل القتال ضربة كبيرة لمحاولات إجراء محادثات سلام بين حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الحزب الذي يسيطر على الإقليم، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن اندلاع القتال.
وقالت خدمة الاتصالات الحكومية في بيان: "في الخامسة من صباح اليوم، هاجمت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الجبهة الشرقية من اتجاه بيسوبر وزوبيل وتيكولشي. وبهذه الخطوة، تكون قد انتهكت وقف إطلاق النار فعليا".
وفي اليوم السابق، عندما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمزاعم عن تحرك القوات، أصدر الجيش بيانا اتهم فيه قوات تيغراي بالاستعداد لشن هجوم، والتغطية على تحركاتهم من خلال نشر أخبار كاذبة عن تحركات عسكرية.
وقال البيان: "لقد تكشف السر، واتضح أن (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) تقوم بحملة لتجريم جيشنا"، متهما الجبهة بإثارة "دعاية ما قبل الصراع".
وبدورها، اتهمت القيادة العسكرية لقوات تيغراي الحكومة بخرق وقف إطلاق النار، قائلة في بيان إنها تعتقد أن الهجوم بالقرب من كوبو الواقعة جنوبي تيغراي يعد تحولا، وإن قواتها تتوقع هجوما كبيرا من جهة الغرب.
وحدد بيان قوات تيغراي الوحدات التي قالت إنها أُرسلت إلى خط المواجهة، وذكر أن الحكومة تعيد تمركز قواتها منذ خمسة أيام.
وقال ثلاثة سكان إنهم سمعوا دوي أسلحة ثقيلة منذ الصباح الباكر. وأضافوا أن هناك تحركات لجنود إثيوبيين وقوات أمهرة الخاصة وقوات فانو (مليشيا متطوعة) خلال اليومين الماضيين.
وقال السكان إنهم لا يعرفون الطرف الذي بدأ القتال. ولم يتسن لرويترز الحصول على معلومات حتى الآن عن تحركات قوات تيغراي؛ إذ أن الاتصالات الهاتفية داخل تيغراي معطلة منذ ما يزيد على عام.
ولم يرد كل من المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية ليجيس تولو، والمتحدث العسكري الكولونيل جيتنت أدان، والمتحدثة باسم رئيس الوزراء بيلين سيوم، على طلبات للتعليق.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات الإثيوبية أنها أسقطت طائرة شحن تحمل أسلحة عبرت مجالها الجوي من السودان وكانت متجهة إلى إقليم تيغراي شمالي البلاد.
وقال رئيس عمليات القوات المشتركة، اللواء تسفاي أيالو، لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إن الطائرة كانت متجهة إلى منطقة تيغراي الواقعة في أقصى الشمال، والتي كانت تحت سيطرة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
وأضاف أيالو أن "الطائرة التي أسقطتها القوات الجوية الإثيوبية يُعتقد أنها ملك لأعداء تاريخيين يريدون إضعاف إثيوبيا وكانت تدعم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لقرون".
وأشار إلى أن "جميع قوات الأمن الإثيوبية في حالة تأهب، واستعداد كامل لحماية سيادة البلاد من الهجمات الإرهابية".
وتم إسقاط الطائرة حوالي الساعة 10 مساء أمس بالتوقيت المحلي ( 19:00 تغ) قرب بلدة حميرة الحدودية، بحسب المصدر نفسه.
وقف القتال
وفي السياق، ناشد الأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، كلا من الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من أجل "الوقف الفوري للأعمال العدائية واستئناف محادثات السلام بينهما".
وتعليقا علي هذا التطور، قال غوتيريش في تصريحات لصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك: "أشعر بصدمة وحزن عميقين لأنباء استئناف الأعمال العدائية في إثيوبيا".
وأضاف: "عانى شعب إثيوبيا و(عرقيات) تيغراي وأورومو والأمهرات وعفار أكثر مما ينبغي".
وتابع: "مناشدتي القوية هي الوقف الفوري للأعمال العدائية، واستئناف محادثات السلام بين الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مع الضمان الكامل لوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وإعادة تشغيل الخدمات العامة".
أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن "قلقه العميق" الأربعاء من تجدد القتال في شمال إثيوبيا بين الحكومة ومتمردي جبهة تحرير شعب تيغراي، ودعا إلى "وقف التصعيد".
وفي بيان للاتحاد الأفريقي، دعا موسى فقي محمد "إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وحضّ الطرفين على استئناف المحادثات؛ سعيا إلى حل سلمي" للصراع المستمر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بعدما استؤنف القتال الأربعاء، بعد هدنة استمرت خمسة أشهر.
وأكد فقي "التزام الاتحاد الأفريقي المستمر العمل مع طرفي النزاع لدعم عملية سياسية توافقية لصالح البلاد"، داعيا الجانبين إلى التواصل مع أوباسانجو.
حرب طويلة
واندلعت الحرب في تيغراي في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، وامتدت إلى منطقتي عفار وأمهرة المجاورتين قبل عام.
وجرى إعلان وقف لإطلاق النار في آذار/ مارس الماضي، عندما وصل الجانبان إلى طريق مسدود في قتال دام، وأعلنت الحكومة هدنة إنسانية، ما سمح بدخول المساعدات الغذائية التي تشتد إليها الحاجة إلى المنطقة.
اقرأ أيضا: تجميل أديس أبابا بتمويل صيني إماراتي.. ما هدف آبي أحمد؟
وفي حزيران/ يونيو، شكلت حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد لجنة للتفاوض مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قالت الحكومة إنها تريد عقد محادثات "دون شروط مسبقة"، بينما اشترطت حكومة تيغراي إعادة الخدمات للمدنيين أولا.
وتسبب القتال في ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان إلى نزوح الملايين، ودفع بأجزاء من تيغراي إلى شفا المجاعة، وأودى بحياة الآلاف من المدنيين.
إثيوبيا تعلن اكتمال المرحلة الثالثة من ملء سد النهضة