قال الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في مصر تفوق الـ130 بالمئة، دون مساءلة من برلمان أو إعلام اقتصادي أو مراكز بحوث اقتصادية، في ظل الجو غير الديمقراطي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات.
وتقدر الحدود الآمنة لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول بين 30 و50 بالمئة، وفقا لتصنيفات صندوق النقد والبنكيين الدوليين، و60 بالمئة وفقا لتصنيف الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن الدين العام في مصر تجاوز الحدود الآمنة بمعدلات مرعبة.
وأوضح الولي في مقال لـ"عربي21"، أن بيانات وزارة المالية الخاصة بالدين التي يخرج بها وزير المالية إلى وسائل الإعلام تنسب الدين الحكومي فقط سواء الداخلي أو الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي ذكر أنها بلغت 87.6 في المائة في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، بينما الأصح لمعرفة الصورة الحقيقية لحجم الدين العام لمصر إلى الناتج المحلي الإجمالي، هو نسبة كامل الدين المحلي بمكوناته الثلاثة، مع كامل الدين الخارجي بكل مكوناته الحكومة والبنوك والقطاع الخاص، إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهنا سنصل إلى نسبة ستفوق 130 في المائة.
وأشار الولي إلى سر تضارب البيانات بين وزارة المالية والبنك المركزي في حساب نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي قائلا: "وزارة المالية تذكر بيانات الدين المحلي الخاص بالحكومة فقط، على اعتبار أنها مسؤولة عن تدبير فوائده وأقساطه في الموازنة، بينما بيانات البنك المركزي تذكر الدين المحلي بمكوناته الثلاثة، الدين المحلي الحكومي ودين الهيئات الاقتصادية المحلي ودين بنك الاستثمار القومي المحلي، مما يجعل رقم البنك المركزي الخاص بالدين العام المحلي دائما أكبر من رقم وزارة المالية".
وأضاف: "وبالطبع تستخدم وسائل الإعلام النسبة المخففة التي تذكرها وزارة المالية للتدليل على أن نسبة الدين آمنة، بينما الأصح هو نسبة رقم الدين العام لمصر، شاملا الدين العام الخارجي والدين العام المحلي معا، إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأمر المتعذر حاليا حيث لا تنشر أية جهة رسمية بيانات الدين المحلي منذ بيانات حزيران/ يونيو 2020".
اقرأ أيضا: حقائق وأرقام رسمية تكشف كذب وزير المالية المصري
وقدر الولي، حجم الدين العام لمصر (كامل الدين المحلي بمكوناته الثلاثة، مع كامل الدين الخارجي بكل مكوناته الحكومة والبنوك والقطاع الخاص) إلى الناتج المحلي الإجمالي، بأكثر من 130 بالمئة، لافتا إلى أن النسبة الدقيقة غير معروفة لغياب بيانات الدين العام المحلي منذ أكثر من عامين.
وبحسب البيانات الفصلية للدين الخارجي فقد بلغت أرصدته في نهاية آذار/ مارس من العام الحالي كآخر بيانات معلنة؛ 157.801 مليار دولار. وتعددت تقسيمات هذا الرقم الإجمالي سواء من حيث الآجال، أو من الجهات المحلية المقترضة، أو من الجهات الخارجية المُقرضة لمصر، أو من عُملات القروض أو من حيث نوعية أدواته ما بين قروض وسندات، أو من حيث آجال سداده وقيمة السداد لكل فترة من الأقساط والفوائد.
فمن حيث الآجال توزع الدين الخارجي ما بين 131.359 مليار دولار للدين متوسط وطويل الأجل، والذي تبدأ مدته من العامين وحتى الخمسين عاما، و26.440 مليار دولار ديون قصيرة الأجل تصل أقصى مدة لها إلى سنة.
وقال الولي: "وتوجد خريطة شاملة لفترات سداد الدين متوسط وطويل الأجل تمتد حتى عام 2071، بشكل نصف سنوي تتضمن قيمة الأقساط والفائدة لكل فترة، بينما تتيح طبيعة الدين قصير الأجل إمكانية تحديد أقساطه وفوائده بشكل شهري، لمدة 12 شهرا فقط من تاريخ نشر بيانات الدين قصير الأجل".
والثلاثاء الماضي، فوجئ المصريون والمراقبون للشأن الاقتصادي في مصر بتصريحات وزير المالية محمد معيط التي أدلى بها لإحدى القنوات التلفزيونية الموالية للنظام، والتي قال فيها إن المديونية الخارجية لمصر تبلغ 83 مليار دولار، وذلك خلافا لما هو متداول، وخلافا لكافة التقارير السابقة، إلا أن مراجعة مالية سريعة أجرتها "عربي21" أظهرت بأن تصريحات الوزير المصري ليست سوى محاولة للتدليس على الجمهور.
وقال الوزير معيط في مقابلة مع قناة "صدى البلد" مساء الثلاثاء إن "مصر تعتبر من أفضل دول العالم من حيث العجز في الموازنة"، وأضاف أن "الدين الخارجي المصري يبلغ مقداره 83 مليار دولار أمريكي، وعندما يتغير سعر الصرف فكل جنيه فرق في سعر صرف الدولار يعني 83 مليار جنيه في قيمة الدين، وبالتالي فهناك 4% من الناتج المحلي في الدين زادوا بسبب تغير سعر الصرف".
يشار إلى أن وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني كانت قد أصدرت تقريرا في شهر نيسان/ أبريل الماضي كشف أن إجمالي الديون السيادية لمصر يتوقع أن تصل مع نهاية العام الحالي 2022 إلى 391.8 مليار دولار أمريكي، بعد أن كانت عند مستوى 184.9 مليار دولار فقط في العام 2017.
وتبين من التقرير الدولي أن مصر تستحوذ على 0.6% من إجمالي الديون التجارية في العالم، وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالعديد من الدول المماثلة لمصر، أو إذا ما قورنت بالاقتصادات الناشئة، حيث تشكل تركيا مثلاً 0.3% فقط من إجمالي الديون التجارية في العالم، وكذلك باكستان تُشكل النسبة ذاتها.
القطاع الخاص في مصر ينكمش للشهر الـ21.. "نظرة قاتمة"
حقائق وأرقام رسمية تكشف كذب وزير المالية المصري
أزمة في القطاع الصناعي بمصر.. ودعوات للبنك المركزي للتدخل