تثار التساؤلات حول مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، في ظل عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم مع تكتل يميني متطرف، بعد خطوات خطتها أنقرة وتل أبيب لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة استمرت سنوات.
والأربعاء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده ترغب أن تكون علاقاتها مع تل أبيب على أرضية مستدامة وعلى أساس الاحترام المتبادل للحساسيات والمصالح المشتركة مهما كانت نتيجة الانتخابات.
وأضاف أن بلاده تحافظ على أملها في تطوير العلاقات الثنائية مع تل أبيب بجميع المجالات من خلال مواصلة المسار عبر الاتصالات المتبادلة.
وأردف: "طالما يجري احترام القيم فإن المنطقة برمتها ستخرج رابحة من الدبلوماسية القائمة على الربح المتبادل وليس تركيا وإسرائيل فحسب".
ووصلت العلاقات التركية الإسرائيلية في حقبة نتنياهو إلى الحضيض في العديد من المجالات، وباستثناء فترة حكمه ما بين الأعوام 1996- 1999، كانت العلاقات بين البلدين تمر بفترة عاصفة خلال فترة حكم استمر فيه لمدة 12 عاما ما بين 2009- 2021.
وبعد تولي نتنياهو منصب رئاسة الوزراء، كانت الحادثة المشهورة في "دافوس" المعروفة بـ"دقيقة واحدة" من أردوغان في كانون الثاني/ يناير 2009، وتلاها بعام واحد فقط الهجوم على سفينة "مافي مرمرة".
وفي العام 2018، تبادل الجانبان طرد كبار الدبلوماسيين بسبب استشهاد أكثر من 60 فلسطينيا خلال احتجاجات على حدود قطاع غزة، ووصم أردوغان دولة الاحتلال بـ"الإرهاب".
الخبير التركي فائق بولوت في حديث لـ"عربي21"، استبعد توتر العلاقات كما كان سابقا بين أنقرة وتل أبيب في ظل حقبة نتنياهو المقبلة.
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي يتحدث عن مثلث المصالح مع تركيا.. ما هي؟
وأضاف أن عودة نتنياهو إلى الحكم ومعه شركاؤه من "اليمين المتطرف" ستؤثر على العلاقات الخارجية لدولة الاحتلال لا سيما مع تركيا والغرب ودول الخليج.
ونوه بولوت إلى حديث أردوغان بشأن العلاقات مع تل أبيب، مشيرا إلى أن الرئيس التركي معني ببقاء العلاقة معها عبر الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ حتى مع عودة نتنياهو.
وقال إنه من المتوقع تأجيل الخطط بشأن زيارة أردوغان إلى فلسطين المحتلة، حتى تنكشف الأمور في تل أبيب، لافتا إلى أن نتنياهو شخصية برغماتية، سيبدي تنازلا في بعض القضايا لكبح جماح "اليمين المتطرف" في تكتله، وسيسعى للحفاظ على العلاقات مع تركيا.
وأكد أن أنقرة بحاجة ملحة إلى علاقتها مع تل أبيب و"اللوبي اليهودي" من أجل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
ورأى أن تركيا منزعجة من وصول "اليمين المتطرف" إلى الحكم في تل أبيب، وتخشى من القمع الذي سيتزايد ضد الفلسطينيين والقدس في المرحلة المقبلة، مما يسهم في توتر العلاقات مع تل أبيب.
واستبعد المحلل السياسي التركي العودة إلى سحب السفراء كما جرى عام 2018، مشددا على أن أنقرة وتل أبيب تلقيتا دروسا بهذا الشأن، مشيرا إلى أن العلاقات قد تتوتر إلى حد معين بسبب النهج الإسرائيلي تجاه فلسطين لكن دون تكرار القطيعة مرة أخرى.
الكاتب التركي سيدات إرغين، في تقرير على صحيفة "حرييت"، أشار إلى أن نتائج الانتخابات في دولة الاحتلال تابعتها تركيا عن كثب، لأن فوز نتنياهو يثير تساؤلات هامة حول عملية التطبيع بين أنقرة وتل أبيب في المرحلة الحالية.
وأضاف أن هناك حقيقة بأن خروج نتنياهو عن الحكم العام الماضي، مهد الطريق أمام البدء بعملية تخفيف التوتر في العلاقات بين البلدين.
وقال إرغين، إن أردوغان ونتنياهو لم يتصالحا خلال السنوات الماضية لحكم الأخير، وقد غلب على تلك الفترة تصريحات وردود فعل قاسية بين الشخصين.
اقرأ أيضا: أردوغان يستقبل غانتس بأنقرة.. اتفاق لتحسين العلاقات
وعندما بدأت تركيا اتخاذ خطوات لتحسين علاقاتها مع دول المنطقة في عام 2020، كان التساؤل البارز حول إذا كان سيمتد هذا الانفتاح إلى "إسرائيل" أيضا، ومع ذلك لم يتحقق أي تقدم ملموس على الجبهة الإسرائيلية، بحسب الكاتب.
وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر 2020، قال أردوغان: "توجد مشكلات مع القادة السياسيين، ولا يمكن أن نقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين وهذه هي نقطة خلافنا معها والتي تستند لمفهومنا للعدالة ووحدة أراضي الدول، وما عدا ذلك نأمل أن ننقل علاقاتنا معهم إلى مستوى أفضل".
ويشير الكاتب إرغين، إلى أنه وفقا لأردوغان فإن السبب الرئيس لعدم تحسن العلاقات في ذلك الوقت، هو بنيامين نتنياهو.
وبعد أن أبدى أردوغان استعداده لبداية جديدة مع "إسرائيل"، تشكلت الفرصة الأولى في انتخابات الكنيست التي أجريت في 23 أذار/ مارس 2021، مع تشكيل تحالف معارض لنتنياهو للحكومة في 13 حزيران/ يونيو من العام ذاته.
أما التطور الرئيس الآخر، يكمن في انتخاب إسحاق هرتسوغ رئيسا لدولة الاحتلال في 7 تموز/ يوليو، والذي تدخل بقوة للدفع بالتقارب مع تركيا، وعليه فإن الوقت قد حان لإعداد البنية التحتية للتطبيع بحسب الكاتب التركي.
وبعد رسائل متبادلة في النصف الثاني من عام 2021، اتخذ هرتسوغ الخطوة التي أزالت الجمود في العلاقات مع زيارته لتركيا في أذار/ مارس الماضي، والتي خلقت جوا يسهل البدء بعملية التطبيع، كما يقول إرغين الذي أشار إلى أن التعاون بين موساد الاحتلال والمخابرات التركية في فك شيفرة استعدادات المخابرات الإيرانية للقيام بأعمال ضد إسرائيليين في إسطنبول مطلع حزيران/ يونيو الماضي، والقبض على الخلية أدى إلى ارتياح كبير من الجانب الإسرائيلي.
وزار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو دولة الاحتلال في أيار/ مايو، تلتها زيارة من نظيره يائير لابيد إلى أنقرة في حزيران/ يونيو.
ومع قرار إجراء انتخابات مبكرة في دولة الاحتلال، وتولي لابيد منصب رئاسة وزراء الحكومة الائتلافية قبيل الانتخابات، التقى لابيد الرئيس أردوغان في نيويورك الشهر الماضي، فيما وصلت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا باربيفاي، إلى تركيا مطلع الأسبوع الماضي، تلتها زيارة من وزير الجيش بيني غانتس إلى أنقرة.
اقرأ أيضا: سفير إسرائيلي يشكك في نجاح التقارب بين تل أبيب وأنقرة
وعلى الرغم من القرار الانتخابي الذي اتخذ في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن حكومة الاحتلال الائتلافية تحركت بوتيرة سريعة لتطبيع العلاقات مع تركيا، وتقرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، كما يشير الكاتب الذي أوضح أن التقارب بين أنقرة وتل أبيب سببه المصالح السياسية والاقتصادية المهيمنة والاعتبارات الأمنية والحقائق الجيوسياسية في المنطقة بالنسبة للطرفين.
ورأى أن تصريحات أردوغان الأخيرة بشأن العلاقات مع تل أبيب تشير إلى أنه إذا شكل نتنياهو الحكومة فإنه يريد الحفاظ على العلاقات دون الخوض بالماضي، والمضي قدما في عملية التطبيع، لكن المطلوب أولا بحسب الكاتب انتظار ردود فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد تجاه أنقرة.
أردوغان: اتفقت مع بوتين على مجانية الحبوب للدول الفقيرة
تشاووش أوغلو: أنقرة ليست السبب في تباطؤ التطبيع مع مصر
أردوغان يفتتح مصنعا لإنتاج أول سيارة كهربائية محلية (شاهد)