تناول الروائي الأمريكي ديفيد إغناتيوس في مقال له بصحيفة "
واشنطن بوست"، تخوف السياسي المخضرم هنري
كيسنجر من عواقب
الذكاء الصناعي على البشرية.
واعتبر الروائي والصحفي الأمريكي أن الذكاء الصناعي أصبح بمنزلة هوس للسياسي والدبلوماسي هنري كيسنجر، الذي قضى معظم حياته محذرا من مخاطر الأسلحة النووية.
وديفيد إغناتيوس، هو محاضر سابق في كلية كينيدي بجامعة هارفارد وروائي وصحفي أمريكي من أصل أرمني، ويعمل حاليا مساعد تحرير وكاتبا صحفيا في صحيفة الواشنطن بوست.
وأضاف إغناتيوس أن كيسنجر أصبح مهتما بكيفية تحديد المخاطر التدميرية للذكاء الاصطناعي، التي قد تكون قوته أكبر من أي قنبلة.
وهنري كيسنجر، هو سياسي أمريكي، ودبلوماسي، وخبير استشاري جيوسياسي، أمريكي من أصول ألمانية يهودية، شغل منصب مستشار الأمن القومي في عام 1969 ووزير الخارجية الأمريكي في عام 1973.
وفي كلمة ألقاها في كاتدرائية واشنطن الوطنية يوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر، وصف كيسنجر الذكاء الصناعي بالجبهة الجديدة للتحكم بالسلاح.
وقال؛ إنه في حال لم تتوصل القوى الرئيسية إلى طرق للحد من مدى الذكاء الاصطناعي، "فسيكون ببساطة سباقا مجنونا نحو الكارثة".
وجاء التحذير من كيسنجر، الذي يعد من أهم الساسة والمنظرين الاستراتيجيين في العالم، كإشارة عن مظاهر القلق العالمي حول قوة "الآلات المفكرة"، حيث تتفاعل مع الحرب والتجارة والمال.
وجاءت كلمته عبر الفيديو لمنبر الكاتدرائية " الرجل والآلة والرب"، حيث كان موضوع ندوة هذا العام لبرنامج نانسي وبول إغناطيوس، والدي الكاتب.
وعبر عن مظاهر قلق كينسنجر نفسها، المشاركُ الآخر في الندوة، إريك شميدت، المدير التنفيذي السابق لغوعل ورئيس اللجنة الوطنية حول الذكاء الاصطناعي في الكونغرس، التي أصدرت تقريرها العام الماضي إلى جانب المشاركة الثالثة وهي آن نيوبرغ، مستشارة الرئيس جو بايدن لشؤون السايبر والتكنولوجيا الصاعدة.
وحذر كيسنجر من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستطيع تغيير الحروب؛ لأن لديها ألعاب شطرنج أو غيرها من الألعاب الاستراتيجية، ولأنها قادرة على القيام بتحركات لا يفكر بها الإنسان، ونظرا لتداعياتها المدمرة.
وقال: "ما أتحدث عنه هو طرح أسئلة مشروعة نطرحها عليها، فإنها تتوصل لنتائج ليست بالضرورة كنتائجنا، وعلينا العيش في عالمها".
وأضاف: "نحن محاطون بالكثير من الآلات لا نعرف تفكيرها الحقيقي.. وكيف يمكنك بناء قيود على الآلة".
ودعا كيسنجر الولايات المتحدة والصين عملاقي التكنولوجيا، إلى التباحث لوضع محددات أخلاقية حول الذكاء الاصطناعي.
وربما بدأ الحوار بالرئيس جو بايدن إخبار نظيره
الصيني شي جين بينغ: "لدينا الكثير من البرامج للنقاش، لكن هناك برنامج ملح، وأنا وأنت في وضع استثنائي نستطيع تدمير العالم بقراراتنا حول هذا (الحرب التي يحركها الذكاء الإصطناعي)، ومن المستحيل الحصول على نفع من طرف واحد. ولهذا، فيجب علينا البدء بالمبدأ رقم واحد، وهو أننا لن نخوض حربا تكنولوجية بعضنا ضد بعض".
وربما بدأ القادة الأمريكيون والصينيون حوارا حول الأمن التكنولوجي، وتوقيع اتفاق "لخلق مؤسسات صغيرة نسبيا، بهدف إخبار القادة الوطنيين حول المخاطر، وتكون على تواصل لإخبار كل طرف حول كيفية تخفيف المخاطر"، كما قال كيسنجر.
ورفضت الصين أي مفاوضات حول التحكم بالسلاح النووي كذلك، الذي أجراه كيسنجر مع السوفييت في أثناء عمله في مجلس الأمن القومي وكوزير للخارجية.
ويقول المسؤولون الأمريكيون؛ إن الصينيين لن يوافقوا على مناقشة الحد من السلاح النووي حتى يكونوا في مستوى التكافؤ مع الولايات المتحدة وروسيا، التي حدت من أسلحتها عبر سلسلة من الاتفاقيات؛ مثل سالت 1972 التي تفاوض عليها كيسنجر.
اقرأ أيضا: كيسنجر: التوتر بين أمريكا والصين قد يؤدي إلى "دمار العالم"
ويرى إغناتيوس أن تغير القوة العالمية للذكاء الاصطناعي أصبحت شغل كيسنجر الشاغل في تسعينياته إلى جانب شميدت كمرشد له.
وكتب الاثنان العام الماضي كتابا بالتعاون مع البرفسور في معهد ماساشوستس التكنولوجي (أم أي تي) "عصر الذكاء الاصطناعي: ومستقبلنا الإنساني"، ووصفوا فيه الفرص والمخاطر من التكنولوجيا الجديدة.
وكان أول تعليق لكسينجر حول الموضوع في مجلة "ذي أتلانتك" عام 2018 في مثال "كيف سينتهي التنوير"، ولخص العنوان بـ"فلسفيا وفكريا وبكل الطرق، الإنسان غير جاهز لصعود الذكاء الاصطناعي".
وقارن كيسنجر في كلمته أمام الكاتدرائية الوطنية بين الخطر النووي والذكاء الاصطناعي قائلا؛ إن الأسلحة النووية "ليس لديها قدرة (الذكاء الاصطناعي) لتشغيل نفسها بناء على تفكيرها/مفهومها، وتفكيرها الخاص، الخطر أو اختيار أهداف".
وسئل إن كان متفائلا حول قدرة الإنسانية على تحديد القدرات التدميرية للذكاء الاصطناعي عندما يستخدم في الحروب، أحاب: "أحتفظ بتفاؤلي من ناحية أننا لو نحل المشكلة فستدمرنا فعليا، وليس لدينا أي خيار".