دعت شخصيات سياسية وفكرية ودينية مغاربية العالم برمته، وفي مقدمته
العالمين العربي والإسلامي، إلى إسناد الشعبين التركي والسوري في تجاوز مأساة الزلزال،
والقيام بما يلزم من أجل الحد من التداعيات الكارثية، التي من شأنها أن تأتي على
آلاف الأرواح البشرية.
وأكد رئيس المجلس الوطني في حزب العدالة والتنمية
المغربي، إدريس
الآزمي، في حديث مع
"عربي21"، أن موقف المواساة والتضامن الإنساني وحده
لم يعد كافيا لمواجهة تداعيات الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وخلف عشرات الآلاف من
الضحايا بين قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين.
وقال: "المطلوب من كل المسلمين والعالم أجمع أن يتضامن مع
الشعبين السوري والتركي.. وهذا أقل الإيمان.. المطلوب هو الإسناد من الناحية
المادية والحاجيات اللوجستية المطلوبة لإبقائهم على قيد الحياة."
ورأى الآزمي أن "مسؤولية إغاثة المنكوبين في تركيا وسوريا لا
تقع على العرب والمسلمين وحدهم، وإنما على جميع شعوب العالم".
وأضاف: "أغلب دول العالم أقبلت على تقديم المساعدات، حتى أن أحد
البرلمانات العالمية قبل بدء أعماله قام بدقيقة صمت ترحما على أرواح موتى الزلزال
الذي ضرب تركيا وسوريا.. أما المسلمون، فإن وقوفهم إلى جانب الشعبين التركي والسوري
فرض عين عليهم"، وفق تعبيره.
وفي العاصمة الليبية طرابلس، أكد الباحث في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور
علي الصلابي، في حديث مع
"عربي21"، أن ما جرى الزلزال الذي ضرب تركيا
وسوريا هو كارثة حقيقية، تستوجب من جميع شعوب العالم التضامن؛ من أجل الحد من
التداعيات الخطيرة التي أحدثها الزلزال".
وقال الصلابي: "المشاهد المؤلمة التي تنقلها عدسات الكاميرات
العالمية مؤسفة، ولا يمكن تحمل قساوتها، وأقل الواجب الإنساني ليس المواساة
والتضامن بالدعاء، وإنما تلبية الحاجيات الإنسانية التي يمكنها أن تساعد في مداواة
الجرحى والمشردين في العراء".
وأضاف: "علينا أن نتذكر محنة الشعب السوري الذي يجد نفسه الآن
في مواجهة كارثة إضافية، والواجب الإنساني يقتضي منا جميعا أفرادا ومؤسسات حكومية ومنظمات
مجتمع مدني أن نقف صفا واحدا في مداواة جراح المنكوبين، بعيدا عن أي حسابات سياسية
أو دينية أو طائفية".
وحث الصلابي الدول العربية جميعا، وفي مقدمتها الدول الغنية، وكذلك
دول العالم المتحضر، على عدم ترك الشعبين التركي والسوري وحدهم في مواجهة كارثة
طبيعية أكبر من حجم الدولتين، وأن يقدموا الدعم المادي والطبي والإنساني لإنقاذ ما
يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان"، وفق تعبيره.
من جانبه، رأى القيادي الإسلامي
الجزائري عبد الله أنس في حديث مع
"عربي21"، أنه وعلى الرغم من أن الكوارث والزلازل تحدث في كل بقاع
العالم، إلا أن ما نراه من مآس في تركيا وسوريا شيء محزن فاق كل التصورات، وقال:
"لكن الله ألطف بعباده.. في هذا الزلزال الذي أصاب تركيا وسوريا".
وأضاف: "من جهة ثانية، قد تكون المنح في المحن، لعل الله يجعل
عباده ينتبهون إلى أن هذه المحن تولد منها المنح، فإذا نظرنا إلى التشنجات السياسية
التي تؤدي إلى الحروب، كما هو حاصل في سوريا، وغيرها من الدول، يأتي هذا الجرح
الأليم ليدفع الناس لتجاوز الحسابات السياسية والعقائدية والطائفية، هذه المحن
لعلها تذكر الناس أن سلامة الناس وإغاثتهم أكبر من الخلافات السياسية".
وأضاف: "الآن لا بد من تقديم الإغاثة لكل المنكوبين، ولذلك
رأينا كيف أن بعض الدول مع بشار الأسد قدمت بعض المساعدات لسوريا، وأخرى ضد الأسد قدمت
مساعدات كذلك لسوريا، وهناك دول ضد النظام التركي لكنها قدمت مساعدات لتركيا، وهذه
من حكم الله، أن الله من خلال هذه الكوارث يريد أن يقول لعباده: كونوا يدا واحدا، وتجاوزوا خلافاتكم، وتوحدوا في رسم صورة منسجمة لمعنى القيم الأصيلة".
وأكد أنس أن "الإعلامي عليه واجب التعريف لنقل معاناة الناس وشحذ
همم المجتمع للتضامن معهم، ورجل الأعمال واجبه أشمل من الإعلامي، لأنه قادر على دفع
الأموال، ورجل الدين يذكر الناس بمبادئ الدين، وكذلك الدول والمؤسسات الحكومية
والإغاثية.. كل على مستواه، الأفراد عليهم واجب، والمؤسسات عليهم واجب، والحكومات،
وهكذا تتحرك الإنسانية لتخفيف الأزمة".
وفي الجزائر أيضا، دعا رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقّري الدول
والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى الدعم والتضامن مع الشعبين التركي
والسوري، معربا عن تعازيه الحارة لأهالي الضحايا.
وفي العاصمة الموريتانية، أكد الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني
للإصلاح والتنمية " تواصل"، محمد جميل منصور، في حديث مع
"عربي21"، أن الوقوف إلى جانب الشعبين السوري والتركي في مواجهة تداعيات
كارثة الزلزال تتجاوز عند المسلمين الواجب الإنساني إلى الفرض الديني.
وقال: "نحن نتألم فعلا لما يجري في تركيا وسوريا جراء الزلزال،
لكنه قضاء الله وقدره الذي لا راد له، المطلوب منا جميعا، مسلمين وغير مسلمين، أن
نقف الآن من أجل مواجهة هذه المأساة، بالعمل على معالجة تداعياتها، سواء تعلق
الأمر بعلاج المصابين وتوفير الرعاية لهم، وحماية الناجين من ويلات العراء في ظل
ظروف مناخية قاسية"، وفق تعبيره.
وفجر أمس الاثنين،
ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا، بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات
بقوة 7.6 درجات وعشرات الهزات الارتدادية، مخلفة خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات
في البلدين.