ملفات وتقارير

بعد "الشماتة" بزلزال تركيا.. هل تحظى الكراهية في أوروبا بالحصانة؟

أحد مصابي زلزال تركيا لحظة انتشاله من تحت الركام- الأناضول
تواصلت المواقف اليمينية بأوروبا "الشامتة" من زلزال تركيا، بعد الرسم الذي أطلقته مجلة شارلي إيبدو، بوسم، شهد تفاعلا كبيرا في السويد، يسخر مما جرى ويطلب حرمان المنكوبين من المساعدات.

وقال نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن وسما أطلقه اليمين المتطرف، لـ"الشماتة" بزلزال تركيا، تصدر العبارات الأكثر تفاعلا عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في السويد، بعد يومين من الرسم الكاريكاتوري الساخر من الزلزال لمجلة شارلي إيبدو الفرنسية.


وأشاروا إلى أن اليمينيين أطلقوا عبارة "كارما" للدلالة على الكارثة التي خلفها الزلزال في تركيا وسوريا، وتسبب حتى الآن بمقتل أكثر من 20 ألف إنسان في المناطق التي ضربها بكلا البلدين.

ووفقا لعداد التفاعل فقد بلغ عدد المشاركين في هذا الوسم، للهجوم على تركيا والسخرية من كارثة الزلزال، بين اليمينيين في السويد، أكثر من 72 ألف تغريدة.

ومن بين التغريدات التي رصدتها "عربي21" ضمن هذا التفاعل، دعوات لسحب المساعدات الإنسانية، وحرمان المنكوبين من الإغاثة، بسبب رفض تركيا الموافقة على انضمام السويد لحلف الناتو، بعد سماح ستوكهولهم بحرق المصحف.

وقال أحد المغردين السويديين:
"إنها تسمى كارما! الآن تركيا تطلب المساعدة. لكن قبل أيام قليلة فقط صرخوا ضد السويد. يجب أن نسحب كل المساعدات لكل الدول التي تحرق علمنا وتهددنا!"

وقالت مغردة أخرى:

"يا لهم من.... يحفرون في الأنقاض. لدي تعاطف فقط مع الحيوانات المصابة في تركيا. اللعنة. الرقم 7000 قتيل أتمنى أن يكون فقط منهم. يجعلني سعيدة جدا. انتظر ... المزيد قادم... طعم الكارما جيد جدًا".


"لا يجب أن تذهب الكثير من المساعدات لتركيا، يمكن للآخرين المساعدة لكن ليس نحن".

تجرد من الإنسانية
وقالت الكاتبة السويدية آيلا لوفينغ، في موقع "إكسبريشن" المحلي، تعليقا على حملة "التشفي والعنصرية" بحق الضحايا في تركيا: "كلمة كارما باتت شائعة في تويتر السويد، هذا التجرد من الإنسانية بات أمرا وحشيا".

وأضافت: "بالكاد أتعرف على نفسي في هذه الأرض الجديدة المظلمة، وباتت كارما، تشير إلى أن هنالك أكثر من قلة من الحمقى الذين يفرحون بكارثة إنسانية".

وتابعت بالقول: "تترك الكلمة مذاقا مرا وإدراكا كئيبا للإنسانية التي يبدو أننا فقدناها".

تيار من المتطرفين
الناشط والإعلامي السويدي علاء البرغوثي قال إن اليمينيين في السويد، "لم يخجلوا من إظهار الشماتة بالمدنيين بكل وقاحة، بذريعة أن ما حدث عقوبة لتركيا، على موقفها من انضمام السويد للناتو".

وأوضح البرغوثي لـ"عربي21" أن "الحملة التي شنها المتطرفون اليمينيون، كانت غير مسبوقة وغير إنسانية، رغم وجود استهجان من شريحة في السويد".

وتابع: "لكن على ما يبدو فنحن أمام تيار واسع من المتطرفين في أوروبا، يضاف إلى ذلك الرسم الصادم لمجلة شارلي إيبدو، بشأن حجم الدمار في تركيا، وهو بالمحصلة يعكس تنامي التيار اليميني المتطرف المعادي للاجئين والمسلمين ومن ضمنهم تركيا".

وعلى صعيد العمل الإغاثي في السويد، بعد وقوع الزلزال، أشار الإعلامي إلى أن التبرعات الأولية التي أعلنت عنها الحكومة السويدية كانت صادمة، وهزيلة، مقارنة بما قامت الجمعيات الأهلية والمهاجرون في أوروبا بجمعه".

وأوضح أن الرقم الأولي للمساعدة في جهود الإغاثة كانت قرابة 700 ألف دولار، لافتا إلى أن المهاجرين وحدهم جمعوا أضعاف هذا المبلغ، قبل أن يصابوا بالإحراج ويرفعوا المبلغ، رغم أن السويد والدنمارك على سبيل المثال، لديهم قدرات كبيرة في المساعدة بمثل هكذا ظروف خاصة في المعدات الثقيلة الخاصة بالإنقاذ.

حصانة للتطرف
بدوره قال الباحث ومحلل الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر، "إن المشكلة اليوم ليست اتساع حجم أو تزايد اعتداءات وانتهاكات مرتبطة بأقصى اليمين في أوروبا، لكن المعضلة في وجود حالة من التسويغ والشرعنة لهذه المسلكيات وتوفير الحماية لها".

وأوضح لـ"عربي21"، أن الذريعة أمام فتح الباب لهكذا مسلكيات، هو حرية التعبير، وباتت وكأنها مسوغات معينة، أو حصانة أدبية، وهو ما سمح بالانزلاق إلى خطابات لأقصى اليمين، واليوم ليس فقط المشكلة في اليمين المتطرف، لكن في ممارسات وسياسات ضمن خطاب الوسط السياسي".

وأشار إلى أن هناك الكثير من الشواهد عن  حملات التحريض والعنصرية لليمين المتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أوروبا، وتطرق إلى ما قامت به مجلة شارلي إيبدو، عبر السخرية من الزلزال، وقال إن المجلة استغلت التعاطف الدولي مع الهجوم عليها، ما دفعها لتمارس الكراهية، بشكل يمنح الانطباع، وكأنها تحظى بحصانة لتقول ما تشاء وترسم ما تريد دون أي معايير.

وشدد على أن ما جرى في حالة زلزال تركيا، "هو تقديم مادة مغرقة بالإساءة للبشر وأوجاعهم، ومعاناتهم، وقبل ذلك الإساءة البالغة لمقدسات المسلمين واستهداف شخصيات مسلمة مثل القيادية الطلابية الفرنسية مريم، فقط لأنها ترتدي الحجاب، بشكل يعكس أسلوب الصحافة الرخيصة، التي تحظى بالحماية".

سخرية شارلي إيبدو
وكانت مجلة شارلي إيبدو الفرنسية المثيرة للجدل، أثارت موجة غضب بعد نشرها رسما كاريكاتوريا، وصفه مغردون بأنه "حاقد وشامت" بزلزال تركيا، والذي ظهرت فيه أبنية مهدمة مع عبارة "لا يوجد حاجة لإرسال الدبابات".

وأعرب نشطاء عن استيائهم من رسم المجلة الساخر من كارثة ومأساة راح فيها أكثر من 20 ألف قتيل، وأصيب نتيجتها عشرات الآلاف في تركيا وسوريا.

وعلق الناطق باسم الرئاسة التركية على الرسم بالقول: "البرابرة المعاصرون.. يغرقون في الحقد والكراهية".