حذرت صحيفة عبرية من التداعيات الخطيرة
لإجراءات حكومة
الاحتلال الإسرائيلي اليمينية بزعامة بنيامين نتنياهو، التي تستهدف
الفلسطينيين في المناطق المحتلة.
وأكدت صحيفة "
معاريف" في
تقرير أعده الخبير، تل ليف رام، بعنوان "عاصفة تقترب"، أن تقديرات
الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتوافق مع رسالة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية
الأمريكية "CIA"،
وليام بيرنز، بشأن "التخوف من اندلاع انتفاضة ثالثة، حيث إننا نقترب من تصعيد أمني
دراماتيكي في الضفة الغربية".
تصعيد دراماتيكي
ونوهت إلى أن "رئيس الوزراء
نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالنت، حاولا تفكيك ألغام لوقف التصعيد، بكلمات أخرى: اتخذت الحكومة سلسلة أعمال لتهدئة المنطقة، ومع ذلك لا نوصي بالمسارعة للإعلان أن
بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير تراجعا قليلا إلى الوراء".
وذكرت الصحيفة، أن "رسالة
واشنطن،
أنه لا تسامح مع أعمال إسرائيلية من طرف واحد، فالبناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة
ينذر بأن المتفجرات السياسية على الطريق، كما أن توسيع المستوطنات لغم مركزي
لنتنياهو، في شكل تورط مع الأمريكيين أو تهديد على استقرار ائتلافه".
وقالت: "يسعى نتنياهو ليوضح
للأمريكيين أنه لا تغيير في السياسة
الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، بينما تجاه الوزراء من اليمين يتعهد بالتغييرات
التي وعد بها في الاتفاقات معهم، لكن يتعين عليه أن يتراجع عن بعض وعوده"،
موضحة أن "تقديرات أجهزة الأمن تشير إلى أن هناك احتمالا لتصعيد دراماتيكي
آخر في الميدان أعلى بكثير مما كان في السنوات الماضية، خصوصا في شهر
رمضان
المقبل.
ورأت "معاريف"، أن تحذير
بيرنز، هو "رسالة أمريكية حادة للحكومة في إسرائيل، بشأن الاقتراب من حافة
الهوة؛ مواجهة عنيفة سيكون من الصعب جدا التراجع عنها، فمثل هذا القول الحاد الذي
يتوقع نشوب انتفاضة ثالثة في المناطق لم يصدر عن أي مسؤول أمريكي منذ سنوات عديدة،
وبالتأكيد ليس في هذا الشكل الحاد".
وبين السطور، الرسالة الأمريكية أوضحت
أن "توثيق التعاون تجاه إيران وتطبيع السعودية، لا يمكن أن يكون مع تصعيد
كبير وانعدام الرضا الأمريكي عن السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة".
وأشارت إلى أن تأجيل إخلاء قرية
"الخان الأحمر"، وكبح نوايا بن غفير هدم البيت الفلسطيني في حي سلوان،
والتوافقات التي تحققت بين مصلحة السجون وقادة الأسرى، كلها "تجسد الفهم
الإسرائيلي للموقف الأمريكي الذي يطالب بسياسة براغماتية ومعتدلة لا تختلف جوهريا
عن السياسة التي أدارتها الحكومة السابقة".
ولفتت إلى أنه من الصعب على نتنياهو أن
يلتزم بما صرح به وزير المالية المتطرف سموتريتش أمام رؤساء مجلس "يشع"
للمستوطنين، بأن "الحكومة ملتزمة بتسوية الاستيطان وتنميته وإقامة مستوطنات
جديدة، فهذا الموضوع يصعب على نتنياهو توفيره في وجه الضغط الأمريكي الذي يطالب
بالامتناع عن خطوات من طرف واحد، وهذا توتر دائم سيتعين على الحكومة في السنوات
القادمة أن تتصدى له".
محفزات التصعيد
وأضافت: "افتراض أن نتنياهو لن
يجمد البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة معقول، مثلما فعل في الماضي إبان إدارة
أوباما، وهذه الرسالة نقلها للأمريكيين، بالمقابل، في ضوء الصلاحيات على الإدارة
المدنية التي لم تنقل بعد لسموتريتش وتوجد صعوبة حقيقية في تحقيقها، فالأزمة السياسية
التالية باتت على الأبواب، وهنا من الواضح أن رئيس الوزراء لا يمكنه أن يفي بشكل
كامل بالتعهدات التي قطعها لسموتريتش".
في هذا الواقع، "حتى بدون تصعيد
إضافي في الساحة الفلسطينية، فإن نقطة الضعف المركزية لحكومة نتنياهو في الجانب
الأمني كفيلة بأن تكون عدم انعدام سموتريتش (رئيس حزب الصهيونية الدينية) للمساومة
على مبادئه الأيديولوجية وإصراره على تنفيذ كل الوعود التي قطعت له عند التوقيع
على الاتفاق الائتلافي".
وأفادت "معاريف" بأن أربعة عوامل
مركزية تشكل محفزات للتصعيد في جهاز الأمن هي: أولا، ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين،
ثانيا، الصراع على الأرض في المناطق "ج"، ثالثا، قضية الأسرى وأخيرا، التوتر في القدس والمسجد الأقصى.
وذكرت أن المعطيات تفيد بأن عدد
الشهداء في 2022 كان كبيرا، ووصل إلى 160 شهيدا، وأما المعطيات منذ بداية 2023، فتكاد
تكون مضاعفة وتبلغ بالمتوسط شهيدا فلسطينيا كل يوم، حيث بلغ عدد الشهداء منذ بداية
العام 38 فلسطينيا، وهذا مؤشر على تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في المناطق
الفلسطينية.
وفي هذا الشأن، أوضحت "تل أبيب
للأمريكيين، أنه لن تكون مساومة وأن ضعف السلطة وأجهزة الأمن يستوجب من الجيش
الإسرائيلي العمل في مخيمات اللاجئين"، بحسب الصحيفة التي نبهت إلى أن "جهاز
الأمن يعتبر كل حدث شاذ مع قتلى كثر، كمحفز لزيادة الدافع للثأر وتنفيذ عمليات،
ويقدر جهاز الأمن أن حماس ستحاول تنفيذ عمليات ثأر في الضفة وفي داخل
إسرائيل".
إيجاد التوازنات
وبينت الصحيفة، أن "الجيش سيواصل
العمل في مخيمات اللاجئين أمام ميل العمليات المتعاظم، وبلغت واشنطن بهذا، ومع ذلك فإنه في المسائل الحساسة الأخرى، ومنها المسجد الأقصى، ومناطق "ج" والأسرى،
يسعى جهاز الأمن لأن يخفض مستوى التوتر وألا يشعل نيرانا أخرى مثلما فعل عدة مرات
في الأسابيع الأخيرة الوزير بن غفير في شرق القدس وفي السجون".
وتابعت: "تحت السطح يعتمل غضب
الشباب الفلسطيني، ممن يعتقدون أنه يجب العودة إلى انتفاضة عنيفة، وإلى هذا ينبغي
أن تضاف القطيعة المطلقة في المستوى السياسي بين تل أبيب ورام الله والتنسيق
الأمني الجاري بشكل جزئي جدا من تحت السطح، وهذا الخليط المتفجر من شأنه أن يعبر
عن نفسه في شهر رمضان القريب سواء بعمليات أو انتفاضة شعبية".
وأكدت أنهم "في جهاز الأمن،
يحاولون إيجاد التوازنات في هذه المتاهة لأجل تخفيض مستوى الضغوط وتحرير صمامات
الضغط الاقتصادية قدر الإمكان، ولكن عندما تكون بين إسرائيل والسلطة قطيعة مطلقة فإنها تصبح هذه المهمة معقدة على نحو خاص، عندما لا يكون حوار بين الطرفين، وعلى الأقل
رسميا لا تكون علاقات عمل، فإن الأدوات التي لدى جهاز الأمن في محاولة تخفيض
التوتر تكون محدودة جدا ومن هنا أيضا التقديرات المتشائمة".
وأشارت "معاريف"، إلى أن
"جهاز الأمن على مدى السنين، يحذر من وضع آخذ بالتدهور في المناطق وخاصة في
فترة أعياد اليهود (يزداد اقتحام الأقصى)، ويعد شهر رمضان نقطة اختبار للاستقرار
الأمني، وجهاز الأمن مثلما في كل سنة، يأملون أن تمر هذه الفترة بهدوء نسبي".