زادت التقديرات الإسرائيلية بإمكانية وقوع اغتيال سياسي جديد،
ولكن هذه المرة قد يكون من جانب
اليساريين، وليس اليمينيين، كما كان في اغتيال رئيس
الحكومة الراحل اسحق رابين في 1995، على يد الناشط اليميني يغآل عامير.
أفنير
بارنياع، أحد كبار المسؤولين السابقين في جهاز الأمن العام- الشاباك، والباحث بمركز
دراسات الأمن القومي بجامعة حيفا، كشف أن "شيئا ما جديدا حصل في إسرائيل، ويتمثل
في استدعاء ضابطي احتياطي رفيعي المستوى، وهما ديفيد هوداك وزئيف راز، للاستجواب من
قبل الشرطة للاشتباه بالتحريض على العنف بعد أن أعلنوا أنهم سيستخدمون الأسلحة إذا
أصبحت إسرائيل دولة ديكتاتورية".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه
"رغم تراجع الاثنين عن دعواتهما باستهداف
نتنياهو، فإنه بالنظر إلى الجو الساخن
في دولة
الاحتلال، هناك مجال لفحص احتمال وقوع اغتيال سياسي من قبل عناصر يسارية، مع
التذكير أن المقال يتناول إمكانية اغتيال سياسي ليهودي على يد يهودي، وبعيدا عن الصف
الطويل من اليمينيين الذين قتلوا الفلسطينيين على مر السنين، لمجرد العنصرية البحتة،
أو بذريعة الانتقام، أو محاولة تحقيق هدف سياسي، كما فعلوا ذلك لوقف خطة الانسحاب عن
قطاع غزة".
وأكد
أن "مثل هذه الأحداث تسبب الارتباك والقلق الإسرائيلي، ولكن من حيث الاستعداد
وطريقة العلاج، فهاتان مسألتان مختلفتان، لأنه في الأيام القليلة الماضية ازدادت الإجراءات
الأمنية للنائبة العامة لأعلى مستوى، والمعنى أن هناك تهديدات بالقتل ضد النائبة العامة
ذاتها شخصياً، وربما يرجع ذلك أساسًا إلى الرأي الذي نشرته بشأن تضارب الصلاحيات بين
نتنياهو بسبب محاكمته الجنائية، والتغييرات الساعية في النظام القضائي الذي يروج له
الائتلاف الحكومي الذي يقوده، مع العلم أنه لم يتم الكشف عمن يهددها، ومن أي جانب من
الخريطة السياسية، من اليمين أو اليسار".
وأشار
إلى أن "السؤال الذي لا يزال مفتوحًا هو ما إذا كان قد تم التحقيق مع من يهددها،
وما الخطوات التي تم اتخاذها ضدهم، إن وجدت، ولكن في جو المشاحنات الحالي، هناك محاولة
من جانب مؤيدي الحكومة للمساواة بين الجهات التي تصدر التهديدات بإمكانية تنفيذ اغتيال
سياسي جديد، سواء من الجانب اليميني أو اليساري من الخريطة السياسية الإسرائيلية، مع
العلم أن نتنياهو امتنع عن التنديد الصريح والحازم بالتهديدات الموجهة للمدعية العامة،
تمامًا كما امتنع عن التنديد بشدة بتصريحات مماثلة صدرت في السنوات الأخيرة ضد مسؤولي
الشرطة المنخرطين بالتحقيقات ضده".
ولفت إلى أنه "من المهم توضيح الفرق بين التهديدات القادمة من عناصر يسارية مقابل تلك
الموجودة في اليمين، حيث يظهر التاريخ أن العنف السياسي في العقود الأخيرة في إسرائيل،
وبلغ ذروته في اغتيال رابين تم من اليمين ضد اليسار، صحيح أن تغييرا جوهريا حصل اليوم
يتمثل بلجوء عناصر اليسار لتوجيه تهديد كبير لرئيس الوزراء على وجه الخصوص، واتهامه
بالديكتاتورية، لكن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية دأبت على تقييم صورة التهديدات ضد
رموز الدولة أو كبار المسؤولين في الحكومة، ويتم فحصها بدقة".
تعيد
المخاوف الإسرائيلية من تنفيذ اغتيال يساري ضد أحد وزراء الحكومة اليمينية، وربما رئيسها،
ما حصل من توجيه ناشط ليكودي مظروفًا لزوجة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، يحتوي
على رصاصة حية من عيار 5.56 مللم، وورقة كتب عليها: "هذه الرصاصة ستصيب بطنك الرخوة،
إذا لم تستقل"، دون القبض عليه، ومحاكمته، في حين أن الشرطة تتابع خلفية شخصية
المهدِّد، ولأي مدى تورط في أفعال عنف في الماضي، بجانب ما إذا كان التهديد محددًا
ومركّزًا على شخصية معينة، أو مجرد تعبير عام، فضلا عن تقييم مدى التأثير العام للمهدد
على الآخرين لارتكاب عمل عنيف.
في الوقت
ذاته، قام نجل رئيس الوزراء، يائير نتنياهو، ببث ضد المتورطين في محاكمة والده، بوصف
كبار مسؤولي الشرطة والنيابة بأنهم "خونة"، ويعلم الجميع ما هي عقوبة الخيانة وأنها ليست السجن، والغريب أن نتنياهو الابن يتمتع بالتأثير والشعبية بين الإسرائيليين،
ومئات آلاف المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي، ولذلك لاقت كلماته صدى واسعًا.
الخلاصة
الإسرائيلية أن هناك تخوفا متصاعدا من وجود ناشط يساري في منزله هذه الأيام يستعد لاستخدام
بندقيته في تنفيذ اغتيال سياسي جديد ضد المسؤولين اليمينيين، وهذه مخاطرة سياسية غير
محسوبة، لأن رئيس الوزراء الحالي قد يكون هدفًا للاغتيال السياسي من قبل الأحزاب اليسارية،
بغض النظر إن كانت المخاطرة منخفضة للغاية أو معدومة.