ملفات وتقارير

ما تأثير تشكيل "حرس قومي" تحت سلطة بن غفير على فلسطينيي الداخل؟

يسعى بن غفير إلى تشكيل حرس قومي - تويتر
يسعى وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، إلى الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السيطرة على الأجهزة الأمنية العاملة في المناطق المحتلة، خاصة في الداخل المحتل عام 1948.

ويتضح جليا أن بن غفير عمل بشكل كبير على استغلال الورطة التي وقع فيها رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، عقب قراره إقالة وزير الأمن يؤاف غالانت الأحد، ما تسبب بانفجار الاحتجاجات الرافضة لقراره ولخطة "الإصلاحات القضائية".

نتنياهو يرضخ لبن غفير
وأجبرت هذه الاحتجاجات الواسعة التي اجتاحت المدن الإسرائيلية، وتسببت بشل "إسرائيل" بشكل شبه كامل، نتنياهو على تعليق طرح التصويت على التعديلات القضائية، علما أن هذه الخطوة لم تكن لتمر دون موافقة أحزاب الائتلاف الحاكم، التي من أبرزها "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش، وحزب "قوة يهودية" بقيادة إيتمار بن غفير.

وقال بن غفير، وهو وزير الأمن الوطني، في بيان له: "وافقت على تأجيل التصويت على خطة الإصلاح مقابل تعهد نتنياهو بالمصادقة عليها بعد الأعياد".

وفي مقابل موافقته على تأجيل تمرير التعديلات القضائية، حصل بن غفير -بحسب البيان- على التزام من رئيس الحكومة نتنياهو على تشكيل ما يسمي "الحرس القومي" أو "الحرس الوطني".

وسبق أن زعم الوزير اليميني، أن خطته لضم قوة "حرس الحدود" إلى "الحرس القومي" الذي من المخطط إقامته، "ستكمل بدلا من ذلك القوى العاملة في المناطق التي فيها وجود قليل للشرطة الإسرائيلية، مثل منطقة النقب الجنوبي"، وفق ما نقله موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وحذر أعضاء في المعارضة السياسية ومؤسسة الأمن، من منح بن غفير السيطرة على "حرس الحدود"، مؤكدين أنه "قد يستخدمها لبناء مليشيات تكون مسؤولة مباشرة أمام مكتبه الوزاري، وليس أمام الجيش الإسرائيلي أو سلاسل قيادة الشرطة".

وردا على هذه التحذيرات، رفض بن غفير هذه التحذيرات أو أنه "يسعى لبناء مليشيا تكون مسؤولة أمام وزارته"، زاعما أن الخطوة المخطط لها تهدف إلى "تعزيز الشرطة".

وأوضح وزير الأمن القومي بن غفير، أنه "لا يحاول إنشاء جيش خاص/ من خلال خطته لتغيير وضع شرطة "حرس الحدود" داخل المؤسسة الأمنية"، علما أن إقامة هذه القوة جاء ضمن الاتفاق الائتلافي الذي وقع علية حزب "قوة يهودية" مع "الليكود" في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قبيل أداء حكومة نتنياهو اليمين الدستورية.

قرار سيئ يستهدف الفلسطينيين
وعن تأثير تشكيل هذه القوة الأمنية تحت قيادة الوزير المتطرف بن غفير، أوضح النائب في الكنيست عن دائرة النقب، وليد الهواشلة، أنه "كانت هناك ضغوط داخل حزب "الليكود" وأحزاب الائتلاف الحاكم وضغوط دولية على نتنياهو اليوم، عقب الاحتجاجات الكبيرة التي وقعت اليوم في البلاد، وأدت إلى إغلاق المطارات والموانئ والمجال الجوي".

وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "بن غفير استغل الموقف، وتوصل لاتفاق مع نتنياهو على تشكيل "الحرس القومي" التابع لجهاز الشرطة"، محذرا من أن "تشكل مثل هذا الجهاز، ستكون لها الكثير من المساوئ على العرب في الداخل، ومن المتوقع أن يعزز حدة التوتر بين فلسطينيي الداخل وجهاز الشرطة الإسرائيلية، الذي على مدار السنوات يعمل على قمع فلسطينيي 48".




ورجح الهواشلة، أن "تشكيل مثل هذا الجهاز سيقابله ردة فعل جماهيرية على مستوى فلسطينيي الداخل، ولن يمر قرار تشكيل "الحرس الوطني" مرور الكرام، بن غفير يريد الضغط على نتنياهو ومحاولة الحصول على مكاسب سياسية، وهو يعول كثيرا على إقامة هذا "الحرس القومي" كي يمكن من خلاله إضافة عدد كبير من المتقاعدين من الجيش وسلك الشرطة، إلى المنظومة الأمنية في إسرائيل".

ونوه بأن "هذا "الحرس القومي" سيمنح صلاحيات للمستوطنين بإمكانية حمل السلاح والسير به، وإقامة دوريات في البلدات العربية والمختلفة في الداخل، وبالتالي سيكون له دور في قمع الناس والاحتجاجات وتضييق الخناق على العرب في الداخل"، مؤكدا أن حزب "القائمة العربية الموحدة" الذي ينتمي له، يرفض تشكيل هذا الجهاز الذي جاء بناء على اتفاق بين بن غفير ونتنياهو".

وطالب النائب العربي حكومة الاحتلال بضرورة "إعادة النظر في هذا القرار السيئ لفلسطينيي الداخل، لأن هدف إقامة هذا الجهاز هو تضييق الخناق على الفلسطينيين في الداخل".

مواجهة الجماهير العربية
وأوضح المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن "إقامة "الحرس القومي" هو فكرة بن غفير لمواجهة فلسطينيي الداخل وقمعهم، في حال اندلعت احتجاجات يقودها فلسطينيو 48، كما حدث بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2021، والتي أطلقت عليها المقاومة معركة "سيف القدس".

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "قيادة جهاز الشرطة الإسرائيلي عارضت تشكيل قوات "الأمن القومي" على اعتبار أن ذلك يخل بصلاحيات مفتش عام الشرطة، علاوة على وجود انتقادات واسعة من المعارضة؛ خشية أن يتم توظيفها خارج الأهداف التي أقيمت من أجلها، لأنها تتبع الوزير المتطرف ولا تتبع مفتش عام الشرطة".

ورأى أبو عامر، أن "إعادة طرح تشكيل هذه القوة، مقابل موافقة بن غفير على تأجيل التصويت على الإصلاحات القانونية في هذا التوقيت بالذات، يطرح تساؤلات مهمة؛ هل أن بن غفير وجد فرصته في ضعف نتنياهو ليملي عليه شروطه وتجهيز مليشيات خاصة به؟".




وقدر أن "بن غفير ربما يستغل فترة التهدئة وتأجيل التصويت على القوانين، لإنشاء مليشيات خاصة تحت لافتة مواجهة فلسطينيي الداخل، لكن هذه المرة لأهداف لها علاقة بالخلافات السياسية المتصاعدة في المجتمع اليهودي، ومن خلالها يمكن أن يستخدم هذه القوات لمواجهة المعارضين للإصلاحات القانونية".

ولفت المختص إلى أن "الأمر ليس سهلا، والمعارضة تخشى من هذا التطور، وسيكون تشكيل "الحرس القومي" مثار جدل أكبر من قبل، علما أنه إذا كانت الاعتراضات سابقا مهنية، اليوم ستكون اعتراضات من الجمهور والنخب السياسية تجاه تولي بن غفير مسؤولية هذه القوة بشكل مباشر".