سياسة عربية

بعد حديث مصر عن استيراد مياه افتراضية.. هل تفكر إثيوبيا في تحويلها لسلعة؟

خبير مياه: إثيوبيا تريد تسليع المياه وبيعها لمصر- عربي21
سلطت تصريحات وزير خارجية مصر، سامح شكري، بشأن استيراد بلاده ما تسمى بالمياه الافتراضية في صورة واردات غذائية بقيمة نحو 15 مليار دولار، الضوء على واحد من أهم الأسباب لتعثر مفاوضات سد النهضة بين دولتي المصب والمنبع حيث تصر إثيوبيا على حصولها على حصة إضافية في ظل وجود بدائل عديدة أمامها.

وقال شكري في كلمته أمام الجمعية العامة الـ 79 للأمم المتحدة، إن مصر تعاني من عجز مائي يزيد على الـ50% من احتياجاتها المائية؛ ما يفرض عليها إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة لعدة مرات، واستيراد مياه افتراضية في صورة واردات غذائية بقيمة تقترب من 15 مليار دولار سنويا.

بحسب شكري، فإن مصر تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة وتواجه ندرة حادة في المياه، فهي الأقل في معدل هطول الأمطار بين دول العالم، في حين يتجاوز عدد سكانها الـ105 ملايين نسمة، مشيرا إلى اعتماد مصر على نهر النيل بنسبة 98%.


وأنحى باللائمة على إثيوبيا في بناء سد النهضة دون تشاور ودراسات وافية لآثار السد، مشيرا إلى تمادي أديس أبابا في ملء وتشغيل السد بشكل أحادي، في خرق صريح للقانون الدولي. ورغم ذلك أكد حرص بلاده على الانخراط بجدية في عمليات التفاوض الجارية، وأنه لا مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع عندما يتعلق الأمر بحياة ما يزيد على 100 مليون مصري.


ولاقت تصريحات شكري انتقادات واسعة، واعتبر البعض أنها تفتح الباب أمام استيراد المياه من إثيوبيا لأول مرة في التاريخ نتيجة اعتراف النظام المصري بحق أديس أبابا في بناء السد من خلال التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ عام 2015 في الخرطوم بالسودان.

للمرة الثانية فشل جولة مفاوضات سد النهضة
وأعلنت مصر فشل جولة التفاوض الجديدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، للمرة الثانية في أقل من شهر منذ استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا) في 27 آب/ أغسطس، بعدما توقفت منذ نيسان/ أبريل 2021.

وقالت وزارة الري المصرية، في بيان، إن الجولة التفاوضية الجديدة بشأن سد النهضة مع إثيوبيا لم تسفر عن تحقيق تقدم يذكر، مشيرة إلى أن الجولة شهدت توجه أديس أبابا للتراجع عن عدد من التوافقات، التي سبق التوصل إليها مع القاهرة والخرطوم.

وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، محمد غانم إن إثيوبيا ترفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، والترتيبات الفنية المتفق عليها دوليا التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالا بسد النهضة، دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب.

 

حصة إضافية وراء استمرار فشل المفاوضات
في تقديره يقول خبير المياه والسدود الدكتور محمد حافظ إن "إثيوبيا تريد تسليع المياه وبيعها لمصر، والسبب الرئيسي لفشل جولات المفاوضات هو إصرار إثيوبيا للحصول على حصة كبيرة كنا نظن أنها ما بين 9 مليارات متر مكعب و16 مليار متر مكعب، لكنها بحسب تصريحات أحد أعضاء الوفد المصري تبلغ 20 مليار متر مكعب حتى تكون حرة في بيعها كيفما تشاء سواء لمصر المتعطشة للمياه أو إلى إسرائيل".

في حديثه لـ"عربي21" أوضح أن "تصريحات شكري بشأن استيراد مصر مياها افتراضية تقدر بنحو 15 مليار دولار ليس كلامه هو بل كلام النظام المصري، وتكرر كثيرا وهو أمر واقع بالفعل، وجاء في سياق توضيح الموقف المصري"، مشيرا إلى أن "مصر تستورد تقريبا 50 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية؛ فكل رغيف خبز أو أي منتجات زراعية أو غذائية تنتج مصر نصفها وتستورد النصف الثاني من الخارج".


وبشأن إصرار أديس أبابا على الحصول على حصة إضافية، أكد حافظ أن "إثيوبيا لا تحتاج للحصة التي تطالب بها لاستخدامها في الزراعة لأن لديها مصادر كثيرة للمياه، ولكنها تحتاجها من أجل الضغط على مصر وجعلها في حاجة دائمة وماسة لها لأنها تملك مفتاح المياه لدرجة أن تجبر مصر على شراء المياه منها بدلا من إنفاق المليارات في تحلية المياه".



 "تسليع المياه وتبوير 4 ملايين فدان"
الصحفي المصري المتخصص في الشؤون الزراعية، جلال جادو، قال لـ"عربي21": "فشلت وكما كان متوقعا الجولة الثانية من مفاوضات السد الإثيوبي، ولا أحد يعلم حتى الآن إلى أين ستصل هذه الجولات من التناطح بين مصر وإثيوبيا، فأديس أبابا تصر على الحصول على حصة من مياه النيل الأزرق قدرها خبراء مشاركون في المفاوضات بـ 20 مليار متر مكعب، وهذا الرقم يساوي تبوير 4 ملايين فدان تقريبا من أراضي مصر الزراعية".

وقدر تبعات هذه الخطوة بأنها "سوف تدفع مصر إلى تعويض هذا الرقم الضخم بمزيد من استيراد المياه الافتراضية التي قدرها السيد سامح شكري بـ 15 مليار دولار، وقدر وزير الري السابق الدكتور محمد عبد العاطي بأننا نستورد حوالي 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية أي في صورة سلع زراعية".

وأوضح جادو: "قد تحتاج مصر إلى أكثر من 60 مليار دولار فقط لاستيراد منتجات زراعية بعد تبوير 4 ملايين فدان، من أين لمصر هذا وهي غارقة في الديون؟ بالتالي فقد تضطر إلى شراء المياه من أديس أبابا وتحويلها إلى سلعة مثل الكهرباء وقد تنجح في مساعيها وخططها في ظل فشل النظام العسكري المصري في إدارة هذا الملف، والذي سيدفع الثمن في النهاية شعب مصر".