مع دخول حرب "طوفان الأقصى" أسبوعها الرابع، وفي تقييم أولي
سريع لنتائج هذه الحرب بعد أسابيع ثلاثة نستطيع القول إنه رغم آلامنا الكبيرة، وأحزاننا
العظيمة نتيجة ما رأيناه من جرائم حرب وإبادة جماعية بحق أهلنا في
غزة، وبحق أهلنا
في الضفة، وبحق مقاومينا في جنوب لبنان، نستطيع القول إن الأسابيع الثلاثة التي
بدأت صبيحة السابع من أكتوبر 2023 بهزيمة كبرى، تاريخية واستراتيجية، للكيان
الصهيوني أيضاً كانت مليئة بمجموعة من الهزائم العسكرية والسياسية والإعلامية
والاستراتجية للعدو على المستويات الإقليمية والدولية.
ومما لا شك فيه أن الصمود العسكري للمقاومة
الفلسطينية والمساندة
التي جاءتها من المقاومة اللبنانية ومن قوى المقاومة في الأمة والإقليم قد أظهرت
قدرات فائقة لدى المقاومين في مواجهة عدو طالما اعتبر جيشه الجيش الأقوى في
المنطقة ومن أقوى الجيوش في العالم.
ويكفي هنا أن نتذكر أنه رغم كل ما جرى من قصف جنوني على قطاع غزة
وعلى امتداد الحدود الشمالية مع لبنان فإن صواريخ المقاومة ما زالت تنهمر على قلب
الكيان الغاصب حتى أن كثيرين قد اعتبروا أن تل أبيب الكبرى قد باتت جزءاً من غلاف غزة.
أما على الصعيد السياسي فمما لا شك فيه أن ما جرى بالأمس في الجمعية
العامة للأمم المتحدة من إقرار شبه جماعي
لمشروع القرار العربي بوقف الحرب والعدوان على غزة كان تأكيداً على حجم العزلة
التي بات يعيشها هذا الكيان على المستوى الدولي رغم أن دولاً تعتبر نفسها أقطاباً
في عالمنا اليوم تقف إلى جانب هذا الكيان بكل ما تملك من نفوذ وإمكانات.
وبالتأكيد فإن من ينظر إلى شوارع العالم، ناهيك عن شوارع الأقطار
العربية والإسلامية، يكتشف كم بات هذا العدو معزولاً على المستوى الشعبي عربياً
وإسلامياً وعالمياً، وأن الكثير من المنجزات السياسية والاستراتيجية والإعلامية
التي نجح في تحقيقها بمساعدة واشنطن ودول الغرب قد تلاشت هذه الأيام بفعل المقاومة
الباسلة من جهة، وبفعل وحشية الجرائم التي يرتكبها العدو من جهة ثانية.
مما لا شك فيه أن الصمود العسكري للمقاومة الفلسطينية والمساندة التي جاءتها من المقاومة اللبنانية ومن قوى المقاومة في الأمة والإقليم قد أظهرت قدرات فائقة لدى المقاومين في مواجهة عدو طالما اعتبر جيشه الجيش الأقوى في المنطقة ومن أقوى الجيوش في العالم.
والأمر نفسه نجده على الصعيد الإعلامي حيث التحول يتصاعد في الإعلام
المحلي والإقليمي والدولي لصالح القضية الفلسطينية وبتنا نجد أصواتاً مهمة جداً
على كل الصعد السياسية والفكرية والثقافية والفنية والرياضية في كل أنحاء العالم
ترتفع منددة بهذه النازية الجديدة التي تتخذ من احتلالها لفلسطين منطلقاً لممارسة
جرائم يندى لها جبين الإنسانية، حيث يبدو أن ما ارتكبه النازيون القدامى من
هولوكوست ضيئل جداً أمام الهولوكوست الجديدة التي ترتكبها النازية الجديدة
الممثلة بالحركة الصهيونية وداعميها الامبرياليين.
وعلى المستوى السياسي نستطيع أن نقول إن هذه الحرب المستمرة منذ 3
أسابيع قد دفعت بالموقف الرسمي العربي إلى التحسن ولو قليلاً، حيث بدأت بعض
الحكومات الخروج من ذلك الظلام والتفريط الذي خيّم على مواقفها لعقود طويلة، ولعل
ما رأيناه من إلغاء لقاء بين الرئيس الأمريكي وبين عدد من رؤساء العرب من ذوي العلاقات القوية بواشنطن هو
أحد التعبيرات عن تحسن نسبي في الموقف الرسمي العربي دون أن يصل هذا التحسن إلى
المستوى الذي تريده الشعوب الغاضبة التي تملأ الشوارع بهتافات وشعارات تندد
بالتطبيع مع العدو الصهيوني وتدعو إلى مقاطعة كل من يساعده كما تدعو إلى دعم
المقاومة بكل الوسائل، ولعل في الموقف الشعبي المصري، الذي رافقه تحسن نسبي في الموقف الرسمي، ما يؤكد أن كل ما
فعله العدو منذ "كمب ديفيد" قبل
45 عاماً حتى اليوم قد تبدد بفعل تصاعد المقاومة الفلسطينية والعربية الباسلة
وبفعل الوحشية الصهيونية التي لا تعرف حدوداً لجرائمها والتي تؤكد ما كنا نقوله
منذ زمن طويل أن هذا المشروع منذ تأسيسه كان مشروع إبادة عنصرية ومشروع جرائم
مستمرة بحق شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية.
أما على الصعيد الاستراتيجي فيمكننا أن نقرأ أن هذه المعركة التي ما
زال العدو يعجز عن كسب أي إنجاز فيها ما عدا قتل الآلاف من المدنيين الأبرياء
وتدمير المباني والمساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس والأبراج تأتي في إطار
تحولات هامة يشهدها ميزان القوى على الصعيد العالمي بحيث يولد عالم جديد متعدد
الأقطاب، بل حيث تولد حركة شعبية عربية وعالمية فاعلة مؤهلة بأن تحرر العالم من خلال معركة تحرير
فلسطين التي يشعر الكثير منا أنها قد بدأت مع "طوفان الأقصى" وما يرافقه
من طوفان بشري توقعنا حصوله منذ اليوم الأول لهذه العملية.