مقابلات

ياسين أقطاي لـ"عربي21": العنصريون أشد خطرا على تركيا من التنظيمات الإرهابية (فيديو)

شدد أقطاي على ضرورة ملاحقة المروجين لخطاب الكراهية في تركيا- "عربي21"
قال المستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، إن الجهات المعارضة التي تحمل راية العنصرية ضد الأجانب والعرب تحديدا في تركيا أضرت بالاقتصاد والشعب التركي بما يفوق أي ضرر سابق أحدثته الهجمات الإرهابية في سنوات سابقة.

وأضاف أقطاي في مقابلة مصورة مع "عربي21" أن العنصرية لا تمت للشعب التركي بصلة ولا تمثله على أرض الواقع أو تعكس خصاله، مشيرا إلى أن ارتفاع حدة الخطاب يعود إلى تركيز جهات إعلامية ومعارضين على تسليط الضوء على حوادث فردية أو خلافات عرضية تحدث بين العرب والأتراك دون دوافع عنصرية بدليل أنها تحدث بين الأتراك أنفسهم في كل يوم.



وشهدت تركيا خلال شهور الصيف الماضية تصاعدا حادا في وتيرة خطاب الكراهية الموجه ضد اللاجئين السوريين والعرب المتواجدين على الأراضي التركية سواء بغرض الإقامة أو السياحة، ما أدى إلى إطلاق حملات عديدة في دول خليجية وفي المغرب بهدف مقاطعة السياحة في تركيا.

وفي آب /أغسطس الماضي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع مصور يظهر اعتداء مجموعة من الأتراك على سائح كويتي في مدينة طرابزون جنوبي شرقي البلاد، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وقبل ذلك بأسابيع، لقي مواطن مغربي مصرعه في إسطنبول إثر تعرضه للكمة من قبل سائق سيارة أجرة تركي بسبب خلاف دار بينهما حول قصر المسافة التي يرغب المغربي في قطعها.

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان أكد أن حكومته لن تسمح بتفشي العنصرية وكراهية الأجانب في البلاد، مشددا على أن "وصمة الاستعمار والعنصرية والفاشية لم تكن موجودة أبدا في أي مرحلة من مراحل التاريخ التركي".

إلى ذلك أوضح الأكاديمي التركي خلال حديث خاص مع "عربي21" أن السلطات التركية بدأت بأخذ إجراءات عديدة ضد المتورطين في إذكاء الخطاب العنصري ضد الأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قامت باعتقال العشرات من الصحفيين والمحررين وأصحاب الحسابات الإخبارية التي تحرض بانتظام ضد اللاجئين والعرب عبر نشر أخبار مفبركة وغير صحيحة.

واعتبر أقطاي أن تحرك السلطات الأخير خير دليل على براءة الشعب التركي من وصمة العنصرية، وسعي الحكومة إلى اتخاذ مواقف أقوى ضد الذين يعملون على تحريض فئات من المجتمع ضد الأجانب.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

- كيف تنظرون إلى ارتفاع حدة الخطاب العنصري ضد اللاجئين والعرب عموما في تركيا خلال الأشهر الأخيرة؟

دعني أقول لكم في البداية إن ما يقال حول ارتفاع حدة العنصرية في تركيا ضد الأجانب والعرب غير صحيح على الإطلاق، الشعب التركي لا يوجد لديه هذا التوجه. وتلك الخطابات الرامية إلى بث الكراهية والتي يقف وراءها بعض العناصر المنظمة التي لا تمثل الشعب التركي الذي أفتخر به وأشدد على أنه لا يرغب بوجود تلك الخطابات أو الفعاليات العنصرية أبدا.

- لكن الحوادث المتكررة تسببت في حملات مقاطعة عديدة للسياحة في تركيا، ما حجم الضرر الذي ترتب على تركيا جراء ذلك؟

صراحة لقد تسبب المحرضون على العنصرية في بلادنا بضرر كبير على الشعب التركي والاقتصاد وحتى الأمن القومي أكثر مما تسببت به بعض المنظمات الإرهابية لأن تلك المنظمات كان من أهم أهدافها توجيه ضربة للسياحة التركية عبر الهجمات التي نفذوها في سنوات سابقة في مناطق بإسطنبول وغيرها من المدن بهدف إظهار تركيا على أنها بلد غير آمن.

الآن حين ننظر للضرر الذي يحدثه هؤلاء المحرضون نرى أنهم يلعبون الدور نفسه. إنهم يريدون أن يبعدوا السياح عن تركيا، وحجم الضرر الذي خلفوه أصبح واضحا، حيث شهد هذا الصيف عمليات إلغاء لبرامج سياحية ومشاريع استثمارية عديدة في بلادنا. وقد قدرت أنا حجم ما ترتب على ذلك من خسائر بما يصل إلى نحو 5 مليارات دولار خلال أقل من 3 أشهر. وهذا ضرر لا تستطيع أن تصل إليه أي عملية إرهابية في تركيا.

- مع هذا الضرر الاقتصادي الكبير الذي تتحدث عنه، أين هو دور الحكومة التركية في مواجهة هؤلاء الذين يضرون بها أكثر من المنظمات الإرهابية بحسب ما تذكر لنا؟

طبعا الحكومة التركية الآن بدأت باتخاذ بعض التدابير والإجراءات ضد هؤلاء الإرهابيين العنصريين الذين كانوا وراء بعض الحسابات المزورة بشكل منظم في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي والتي كانوا ينشرون من خلالها أخبارا مفبركة.

وزارة الداخلية التركية تقصّت عنهم وحددت في أول مرحلة نحو 30 شخصا متورطا في هذه الأعمال، وقامت على الفور باعتقالهم وأغلقت حساباتهم وصفحاتهم على شبكة الإنترنت التي كانوا يديرون من خلالها حملة عنصرية ضد العرب. وهذا برأيي إشارة واضحة تفيد أن تركيا ضد مثل هذه الحملات العنصرية، وأن الشعب التركي ضد العنصرية بدوره أيضا، وسيتم اتخاذ تدابير أشد صرامة من هذه في المستقبل.

- لكن هذه الحملة جاءت بعد سلسلة من الحوادث التي تعرض خلالها سياح ومقيمون عرب لاعتداءات عديدة أودت إحداها بحياة مواطن مغربي في مدينة إسطنبول. ما أسباب تأخرها رغم الجدل الواسع الذي أحاط بكل حادثة؟

أولا دعني أقول لك إن مثل هذه الحوادث التي جرت في طرابزون مثلا ضد السائح الكويتي أو حادثة أخينا المغربي رحمه الله في إسطنبول. كلها حوادث لا علاقة لها بالعنصرية أبدا، وإنما هي عبارة عن شجارات ومشاحنات عادية نشبت جراء خلافات بسيطة بين الزبون والمشتري. وفي تركيا أيضا يحدث كل يوم مثل هذه الشجارات بين الأتراك مع بعضهم البعض.

لكن عندما يكون أحد طرفي الخلاف عربيا بدأ الناس يظنون أن هذه الحوادث جزء من أعمال عنصرية موجهة ضد العرب، وهذا غير صحيح.

دعني أقول لكم إن على الإخوة العرب ألا يستمعوا ولا يقيموا أي اهتمام لبعض الشائعات التي تشير إلى وجود عدوان من الشعب التركي ضد العرب. هذه الحوادث التي ذكرناها ليس لها علاقة بالعنصرية لكن حاملي راية خطاب الكراهية يعلبون بها لصالح أهدافهم.

- هناك مراقبون يشيرون إلى أن العنصرية ضد العرب جاءت امتدادا للخطاب المناهض لوجود اللاجئين السوريين في تركيا الذين تعرضوا لحملات شديدة من قبل أحزاب معارضة مع كل استحقاق انتخابي. ما رأيكم بهذا الطرح؟

سأصرح هنا لكم بأنه لا يوجد الآن أي حملة رسمية ضد اللاجئين السوريين أبدا، والذين لا يريدون منهم العودة إلى بلادهم لن يرحلوا بالقوة ولن يجبروا على ذلك. هذه السياسة التركية لم ولن تتغير تجاه اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا.

طبعا هذه السياسة التي أتحدث عنها تشمل اللاجئين تحت الحماية المؤقتة، أما اللجوء غير القانوني وانتهاء قواعد الإقامة فسوف يتم التعامل معهم وفقا للقوانين. وهذا أمر معمول به في كل بلد وهو بهدف تنظيم الخدمات والمعلومات، وهو أيضا مهم من ناحية أمنية.

لا بد أن يبقى كل لاجئ في بلدته المسجل فيها، وألا يأتوا جميعا إلى إسطنبول لتخفيف الضغط على المدينة.

- أريد أن نشير إلى السياسيين والصحفيين المحرضين ضد وجود اللاجئين عبر نشر الأكاذيب والأخبار المفبركة التي تفندها الحكومة في كثير من الأحيان، لماذا شخصيات لها أثر كبير تحرض دون أن يتم ملاحقتها قضائيا؟

هناك من رُفع عليه قضايا بالفعل، لكن دعنا لا ننسى أن تركيا دولة ديمقراطية وحرية التعبير للأسف تُستغل أحيانا لتحقيق أهداف سيئة. وهذا يحدث في كل الدول الديمقراطية.

ولا يمكن للقضاء أن يمنع حرية التعبير فالعنصرية في حد ذاتها ليست جريمة يعاقب عليها القانون في تركيا ما دامت في إطار الاعتقاد بالفوقية على الآخرين دون أن تتحول إلى حوادث اعتداء واقعية وملموسة تستهدف الآخرين.

بعبارة أخرى، يستطيع الإنسان أن يقول أنا عنصري ويستطيع أن يعتقد أنه أهم من غيره لكن هذا الأمر لا يتحول إلى جريمة إلا في حال تجاوز القول إلى فعل الاعتداء على أي عنصر آخر.

وأنا شخصيا رفعت قضايا على كثير من هؤلاء العنصريين، وإن شاء الله في المستقبل سيتم رفع مزيد من القضايا ضد هؤلاء العنصريين وسنرى نتائج إيجابية.

- نهاية، تتجه تركيا نحو الانتخابات المحلية العام المقبل ويتخوف اللاجئون من اشتداد حملة التحريض التي يتعرضون لها مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي. برأيكم هل نشهد حملة شرسة على غرار ما حدث في الانتخابات الرئاسية الماضية وكيف ستتعامل الحكومة التركية مع هذا الملف؟

للأسف هذه معضلة الديمقراطية في الحقيقة، ليس في تركيا فقط بل في كل العالم. حتى في أوروبا نرى اليمين المتطرف يستغل ملف اللاجئين. ولا يوجد لا في تركيا ولا في أوروبا قانون يمنع الناس من أن يستغلوا مثل هذه الملفات للأسف لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا ما يجعل الانتخابات أسوأ امتحان لأي دولة ديمقراطية.

ونعم، أتوقع أن تستغل المعارضة في بلادنا هذا الملف لأنه مثمر ومهم بالنسبة إليهم ويحقق نتائج جيدة، ولن يفوتوا فرصة كهذه ما دامت ستحقق لهم أهدافهم للأسف.

أما بالنسبة للحزب الحاكم فهو سيرد طبعا على هذه التوجهات العنصرية، لكنه سيبقى أيضا على موقفه بالتعامل مع اللاجئين غير القانونيين. من يتم إلقاء القبض عليه مخالفا لشروط البقاء في تركيا سيتم ترحيله إلى مكان لا يوجد فيه خطر على حياته بالطبع أو انتهاكات لحقوق الإنسان.