ملفات وتقارير

ما احتمالية اتساع التصعيد في البحر الأحمر نحو الحرب؟

يأتي ذلك وسط غياب أي تأثير للضربات على القدرات الحوثية وفق مراقبين- الأناضول

يزداد المشهد في البحر الأحمر وخليج عدن، تعقيدا وعسكرة بشكل غير معهود، جراء استمرار هجمات جماعة "أنصار الله" الحوثية، المدعومة من إيران، وسط مخاوف من احتمالية اتساع التصعيد نحو حرب واسعة في المنطقة.

وفي الأيام الأخيرة، أعلن الحوثيون أنهم نفذوا هجمات عدة على سفن بريطانية وأمريكية، كان من أبرزها الهجوم الذي استهدف سفينة محملة بشحنة من المبيدات شديدة الخطورة، والذي تسبب في وقوع أضرار كبيرة فيها، إضافة إلى إسقاط طائرة بدون طيار من نوع " إم كيو 9".

وما بات ملاحظا، وفق مراقبين، أن البحر الأحمر يشهد عسكرة بالأساطيل الغربية والأمريكية، وسط غياب أي تأثير على القدرات الحوثية رغم استمرار الضربات في البر اليمني، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام أسئلة عدة عن مآلات هذه المعطيات، لا سيما مع إعلان الاتحاد الأوروبي عن مهمة عسكرية جديدة في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب لحماية حركة التجارة الدولية.

"مضاعفة الهجمات"

وفي السياق، يرى الخبير الاستراتيجي في الشؤون العسكرية والأمنية، علي الذهب، أن الأمريكيين والبريطانيين إضافة إلى الهولنديين الذين يشاركون بشكل مباشر في عملية "حارس الازدهار" قرروا تكثيف الضربات على مصادر التهديد التابعة للحوثيين. 

وقال الذهب في حديث خاص لـ"عربي21"، إن هذا التوجه قد تدعمه دول أخرى مشاركة في تحالف "الازدهار" ومنها فرنسا واليونان. 

وتوقع أن يكون هناك تعاون بين تحالف الازدهار الذي تقوده الولايات لمتحدة والتشكيل الجديد للاتحاد الأوروبي، بحيث يكون المظهر العام للوجود الأجنبي العسكري في البحر الأحمر هو مواجهة التهديدات وليس التصعيد في البر.


وأضاف أنه من المتوقع أيضا، أن تتم مضاعفة الهجمات ضد الحوثيين، وبالتالي قيام تنسيق مشترك مع "أسبيدس" و"حارس الازدهار"، وقد يتطور الأمر إلى خلق شراكة وتعاون آخر مع تحالف بحري قديم موجود في خليج عدن وبحر العرب وهو عملية أتلانتا التي تخضع للاتحاد الأوروبي والتي كانت مهمتها مكافحة القراصنة الصوماليين وحماية شحنات الغذاء العالمية التي تصل إلى الصومال.

وتابع: "الاتحاد الأوروبي قد يجمع بين عملية أتلانتا والعملية الجديدة أسبيدس، أضف إليهما التعاون بشكل مركز مع الولايات المتحدة في عملياتها البحرية لمواجهة هذه التهديدات".

الخبير الاستراتيجي اليمني أشار إلى عملية السلام الجارية في اليمن، وقال إن هناك عملية سلام جارية وهناك استجابة أو رغبة إقليمية للانخراط فيها، مؤكدا أنها "استراتيجية ربما للتعامل مع الحوثيين بشكل مثمر أفضل مما ذهب إليه التحالف العربي وأثبت إخفاقه في تطويع الحوثيين وهزيمتهم".

ولم يستبعد الذهب أن تتطور الأوضاع حد العنف، وتتجه الولايات المتحدة إلى شن عملية برية وحرب مباشرة مع جماعة الحوثيين المدعومة إيرانيا.

وقال إنها مسألة ليست مستبعدة ولكنها سيناريو أقل ترجيحا.

وأردف قائلا: "قد يتم اللجوء إليها إذا فشلت عملية السلام وزادت مخاطر الحوثيين وطالت الأزمة في غزة كون الهجمات مرتبطة بها ارتباطا وثيقا".

ولفت الخبير اليمني إلى أنه لولا المشكلة الحالية في غزة، فلربما دعمت الولايات المتحدة الحكومة اليمنية في تحريك قواتها عبر الساحل لطرد الحوثيين من محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

اظهار أخبار متعلقة


وقال إن دول الغرب لا تريد توسيع الأزمة في المنطقة والبحر الأحمر قبل أن تحل أو يجري تنفيذ الخطوات الأولى لأي اتفاقية في غزة.

وبحسب المتحدث ذاته فإن المشهد مرهون بتطورات قد تقتضي "التدخل البري تحت غطاء القوات اليمنية الحكومية الموجودة في منطقة الساحل الغربي اليمني"، باعتبار أن ذلك هو الخيار الأوحد ولو على المدى القريب.

"عملية عسكرية"

من جانبه، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث في اليمن، عبدالسلام محمد، إن المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتجه نحو التصعيد وتوجيه ضربة ضد الحوثيين بهدف إضعافها عسكريا حتى لا تعود لمهاجمة السفن التجارية في الممرات البحرية وكذلك السفن العسكرية التي باتت تواجه خطر طالما ظل الحوثيون قريبين من الساحل.

وتابع محمد حديثه لـ"عربي21"، بأنه "حتى وإن حدثت عملية سلام بين الحكومة الشرعية والحوثيين فإن التصعيد الغربي يبقى قائما".

وأشار إلى أن "كل المؤشرات تشير إلى أن المعطيات الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن من تحشيد عسكري غربي ذاهبة نحو ضرب الحوثيين واستعادة ممرات التجارة الدولية تحت السيطرة الأمريكية.

وأكد رئيس مركز أبعاد اليمني على أن "الحوثيين قدموا خدمة كبيرة للولايات المتحدة للسيطرة على الممرات البحرية، ومنحوها الفرصة للتواجد العسكري الكبير من أجل تقليل فرص حضور الصين وروسيا في هذه المنطقة".

ورجح الباحث اليمني أن الأمور ستنتهي إلى عملية عسكرية ضد الحوثيين، لكن يبقى الغموض قائما بشأن متى وأين وكيف.. وقال إن ذلك، متروك للمستقبل القريب.


وفي ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، قال الباحث اليمني إنه رغم أنه دفع بقوات حماية، فإنه متردد في مواجهة الحوثيين، ودول أوروبا هي النقطة الأضعف في هذه الحرب، لأنه الأكثر تأثرا من الانقطاع الجاري لعبور السفن عبر البحر الأحمر والمتوسط.

وأضاف أن الدول الأوروبية تحاول الموازنة بين دغدغة الحوثيين من خلال الأموال للسماح بمرور السفن وعدم الإعلان عن الحرب ضدهم وبين التحشيد إلى جانب الولايات المتحدة للمعركة النهائية، بحسب قوله.

أما جماعة الحوثي، فقد حذرت على لسان أكثر من قيادي فيها من توسيع الحرب في المنطقة، مؤكدين أنهم يستهدفون السفن المرتبطة بـ"إسرائيل" لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة، وإن هجماتهم لن تتوقف "إلا بوقف العدوان على غزة".

والأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن بدء مهمة عسكرية في المنطقة التي تشهد هجمات على السفن الدولية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.


وعمليات المهمة تشمل مضيقي باب المندب وهرمز والمياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي.

ووفقا لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن مهمته العسكرية ستوفر المعلومات الخاصة بالوضع البحري، وترافق السفن، وتحميها من الهجمات المحتملة.

ومنذ مطلع العام الجاري، تشن الولايات المتحدة وبريطانيا غارات تقولان إنها "تستهدف مواقع للحوثيين في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجمات الجماعة في البحر الأحمر"، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.