سياسة عربية

العودة إلى شمال غزة.. الرحلة "الحلم" التي عرقلتها قذائف الاحتلال (شاهد)

عشرات آلاف الفلسطينيين يصرون على العودة إلى مناطق شمال القطاع- الأناضول
سارع آلاف النازحين من سكان شمال غزة بالتجهيز للعودة إلى منازلهم، بعدما وصلتهم أنباء عن تمكن بعض العائلات من العودة فجر الأحد الماضي، وتدافعوا نحو الطريق الساحلي باتجاه الشمال في رحلة قصيرة كـ"الحلم" الذي قطعه رصاص وقذائف قوات الاحتلال، وأجبروا على التراجع مجددا لمناطق النزوح الممتدة من منطقة مخيم النصيرات (وسط قطاع غزة) حتى محافظة رفح بأقصى الجنوب.

بدأت الرحلة "الحلم"، عقب انتشار خبر، أكدته مصادر محلية، بتمكن خمس عائلات تضم نساء وأطفال من المرور تجاه شمال القطاع في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، وتجمع آلاف النازحين على الطريق الساحلي، في محاولة للعودة إلى غزة، وهو ما قوبل بإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال، وتنفيذ غارات وهمية (كسر حاجز الصوت بالطائرات الحربية) بهدف تفريق النازحين في منطقة وادي غزة (بالقرب من منطقة نيتسريم حيث يتمركز الجيش ويقسم القطاع لنصفين) ودفعهم إلى العودة باتجاه الجنوب مرة أخرى.

وبعد ذلك، سارع جيش الاحتلال لنفي أنه سمح بعودة النازحين، وقال: "نؤكد أن الجيش لن يسمح بعودة السكان عن طريق شارع صلاح الدين أو  شارع الرشيد.. لا تقتربوا من قوات الجيش الموجودة في المنطقة".





ورصدت "عربي21" كيف استقبل النازحون هذه الأخبار، وتجدد أمل العودة القريبة ولو لساعات قليلة.

وقال نضال (57 عاما) إنه أرسل عائلته أولاده إلى مصر وبقي في مدينة رفح من أجل استعمال عمله ضمن مؤسسة إغاثية، وأنه بمجرد سماعه أخبار العودة ونجاح البعض في ذلك، فإنه وقف لاإراديا على قدميه وتوقف عن العمل وكل ما يفكر فيه هو إمكانية ذلك.

ويوضح نضال:"كل يوم نصحو على أمل العودة ونحلم بها، قبل أسابيع قال لي أحد زملائي الأجانب إنه سيتمكن من دخول شمال قطاع غزة من أجل المعاينة ضمن وفد من مؤسسات دولية".

ويقول: "شعرت بغصة، الأجنبي يتمكن من دخول شمال قطاع غزة وهو في فسحة وزيارة عمل وأنا نازح من بيتي منذ بداية الحرب ولا أستطيع حتى رؤية بيتي أو لمسه للحظات قليلة".

ويضيف: "طبعا أول ما سمعت الخبر أجريت عدة مكالمات مع معارفي وأقاربي، وحتى مديري الأجنبي أسأله إن كان لديه أي خبر عن صحة عودة النازين، ليرد علي بأنه لا يوجد أي قرار رسمي، بينما أخبره بعض أقاربه بأنهم على طريق البحر من أجل محاولة العودة".

ويضيف: "بعد ساعات أصبت بالإحباط أنه لا يوجد حقا أي عودة، وأقاربي الذين ذهبوا إلى شارع البحر عادوا بعد إطلاق النار عليهم".





بدورها، تقول آية (38 عاما) إنها سمعت خبر العودة ثم أثناء سيرها لشراء بعض الحاجيات سمعت سائقي السيارات والعربات ينادون مازحين "غزة سرايا" (موقف شهير لتنقل الركاب بين المحافظات).

وأضافت آية لـ"عربي21": "وقتها لم أقدر على حبس دموعي وكم أتمنى العودة إلى غزة، وبيتي الذي احترق تماما لم يبق منه سوى الرماد ولون الجدران الأسود".

وتوضح: "أعرف كم هم الوضع صعب في غزة، ولا يوجد أبسط مقومات الحياة، حيث لا يوجد كهرباء ولا ماء والشوارع مدمرة والأسعار مرتفعة جدا، لكن رغم ذلك نريد العودة الآن".



بدوره، يقول محمد (33 عاما) وهو الذي سافر إلى مصر عبر تنسيقيات "هلا"، إنه منذ أيام يحاول تأمين بيته في غزة من أجل حفظه وما يوجد فيه عندما يعود إلى غزة.

ويضيف محمد لـ"عربي21" أنه دفع أكثر من 15 ألف دولار من أجل السفر إلى مصر للنجاة من الحرب، وأنه مستعد للعودة إليها فورا إذا ما فتحت الطريق لذلك، مشيرا إلى أنه "لعدة دقائق فكرت كيف يمكن أعود إلى غزة في أسرع طريقة عندما سمعت عن خبر عودة بعض الناس، ثم بعد ذلك تابعت تفاصيل الأخبار التي نشرت، وعرفت أن العودة كانت محدودة جدا وبعدها نفى الجيش الإسرائيلي".

ويؤكد: "أنا لم أذهب إلى مصر وغيرها من أجل العيش أو الاستقرار، إنما للنجاة من الحرب فقط، وأنه سيعود في أقرب فرصة لتعمير بيته من جديد وإعادة فتح مطعمه الخاص الذي تدمر قرب مستشفى الشفاء خلال العملية الأخيرة بالمنطقة".



يشار إلى أن قضية عودة النازحين من شمال قطاع غزة، من أبرز النقاط التي تطالب بها حركة حماس، في المفاوضات الجارية مع الاحتلال، والتي يتنعت فيها الأخير، ويضع العراقيل أمامها.

وتطالب حركة حماس، بعودة كافة النازحين بشكل فوري، إلى شمال القطاع، دون قيود أو شروط من الاحتلال، وإلى مناطقهم مع الإغاثة العاجلة لهم وحصولهم على أماكن إيواء مؤقتة بمواقعهم لحين الإعمار.

لكن الاحتلال، الذي كان يرفض مسألة عودة النازحين، تراجع إلى حد السماح بعودة النساء والأطفال ما دون سن 14 عاما، وكبار السن، ومنع الشبان، إضافة إلى نصب حواجز تفتيش أمنية للمرور عبرها للعائدين، وهو ما رفضته حماس وأكدت على ضرورة انسحاب الاحتلال بالكامل من طريق النازحين لحرية عودتهم. 

يذكر أن الاحتلال، قام بتهجير غالبية سكان شمال قطاع غزة، مع بداية العدوان، عبر حملة قصف جوي عنيفة، دمر خلالها مربعات سكنية بأكملها على رؤوس السكان، ما دفع الفلسطينيين، إلى البحث عن مناطق أكثر أمنا، رغم قيام الاحتلال باستهداف كافة الأماكن.