صحافة إسرائيلية

تحذير إسرائيلي.. فرص إنجاز التطبيع مع السعودية تواجه مخاطر جدية

تتواصل المساعي الرامية إلى تطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية رغم العدوان على قطاع غزة- الأناضول
مع تواتر التسريبات الأمريكية عن قرب إبرام اتفاق تطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، تعتبر الأوساط الإسرائيلية أن الدولة تقف الآن عند مفترق طرق مصيري بالنسبة لمستقبلها، من خلال توفر فرصة أمامها لإقامة تحالف إقليمي واسع، والترويج لاتفاقية تطبيع تاريخية مع أهم دولة في العالم العربي والإسلامي.

ويتصاعد هذا الجدل الإسرائيلي بالتزامن مع اقتراب هذا الاتفاق من اللحظات الحاسمة، ويبدو أن كلا من الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يتسابقون مع الزمن في محاولة لترسيخ الاتفاق بالفعل.

شاي-هار تسفي رئيس القسم الإقليمي والدولي في معهد السياسات والاستراتيجية بجامعة "رايخمان"، والمدير التنفيذي السابق للمكتب الاستراتيجي بوزارة خارجية الاحتلال، ذكر أن "إسرائيل والسعودية كانتا تتجهان نحو اتفاق التطبيع قبل يوم الهجوم على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر، لكن الحرب التي اندلعت أوقفت زخم هذه العملية، حتى أن بايدن ادعى أن ذلك أحد الأسباب الأساسية لذلك الهجوم بهدف إبطاء العملية، واليوم مع عودة الحديث بقوة عن صفقة التطبيع، فإنها تظهر في الواقع ثلاثية الأبعاد، شرط تنفيذها أن يفي كل طرف بتعهداته".


وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "بايدن مطالب بالموافقة على مطالب السعودية بإقامة تحالف دفاعي بين الولايات المتحدة والمملكة، وتوريد أنظمة أسلحة متقدمة وتطوير برنامج نووي مدني فيها، أما ولي العهد فعليه أن يوافق على الترويج لاتفاقية التطبيع مع الاحتلال، من أجل الحصول على دعم الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ اللازم للتصديق على الصفقة، وتحتاج السعودية لأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ".

وأشار إلى أنه "في الوقت الحالي، يبدو أن المنجم الرئيسي الذي يمنع تقدم الصفقة هو رفض نتنياهو لمطالبة واشنطن والرياض بدمج السلطة الفلسطينية في عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، وتقديم أفق سياسي للفلسطينيين، لكنها فرصة للتأكيد على أنه إذا كان هناك من يعتقد حتى اندلاع حرب غزة أن القضية الفلسطينية يمكن تجاوزها، فمن الواضح اليوم أنه لن يكون بالإمكان تجاهلها، وهي عنصر ضروري في الصفقة الكبرى".

وأكد أنه "في ضوء فهم الزعماء الثلاثة لما هو على المحك، وتضافر المصالح لتحقيق الاتفاق المنشود، فمن الممكن أن يحاولوا إيجاد صيغة توافقية تتيح للجميع العيش بسلام معها، وتقديم ما يريدونه، شرط أن يلبوا المطالب الأساسية بشأن القضية الفلسطينية".

وأوضح أن "السرية تحيط بالمحادثات التي أجراها مستشار بايدن للأمن القومي، جيك سوليفان، في السعودية وإسرائيل، وكذلك المحادثات السرية التي أجراها في عمان قبل أيام مستشار الرئيس ماكغورك مع مسؤولين إيرانيين؛ وحقيقة أن الوزير بيني غانتس ترك نتنياهو أمام فتحة هروب لعدة أسابيع، مما قد يسمح له بفسحة للترويج للصفقة، أبعد من ذلك، فإن التقارير التي تفيد بأن واشنطن والرياض أنهتا معظم تفاصيلها، وربما يروجان لاتفاق ثنائي في سيناريو فشل الصفقة الكبيرة، لزيادة الضغط على نتنياهو ليكون مرناً في مواقفه".


وأوضح أنه "على خلفية النقاش الجاري حول التطبيع مع السعودية، فهناك مخاوف من صدور مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مما يجعل دولة الاحتلال تقف حالياً عند مفترق طرق مصيري لمستقبلها، ولا يمكن اتخاذ أي قرار بشأن الاتجاه الذي ستتجه إليه، لأنه سيكون له عواقب بعيدة المدى على قوتها، أو ضعفها الاستراتيجي متعدد الأبعاد لسنوات عديدة قادمة".

وختم بالقول إن "نتنياهو لديه فرصة لإقامة تحالف إقليمي واسع وتعزيز اتفاق تطبيع تاريخي مع الدولة الأكثر أهمية في العالم العربي والإسلامي، وقد تجلت حيوية التعاون الإقليمي في الآونة الأخيرة فقط عقب الهجمات الصاروخية الإيرانية وطائراتها بدون طيار باتجاه الاحتلال، ما قد يغير ميزان القوى في الشرق الأوسط، لكن فشل الجهود المبذولة للتوصل لهذا التطبيع، قد يزيد من تقويض العلاقة المتوترة بالفعل بين بايدن ونتنياهو، ويضرّ بالعلاقات مع الدول العربية".

الخلاصة الإسرائيلية أنه في نهاية المطاف، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان نتنياهو سيفضل كل الفوائد التي ستعود على الاحتلال من اتفاق التطبيع مع السعودية، على حساب الحقوق الفلسطينية، أم أنه سينجذب نحو السياسة المحلية من خلال الحفاظ على حكومته المتطرفة، أو بمعنى آخر من سيقود عملية صنع القرار لدى نتنياهو: بايدن وابن سلمان، أم المتطرفان سموتريتش وبن غفير؟