حول العالم

عشاق المعز يعيدون اكتشاف آثار عروس المتوسط المصرية

الإسكندرية.. عروس المتوسط المصرية - أرشيفية
لم تكتسب شهرتها كونها احتفظت بلقب العاصمة لفترة طويلة فقط، بل لما ضمت أيضا من معالم تاريخية أثرية كشف عن بعضها النقاب بالصدفة، ولأسباب أخرى عدة.

هي الإسكندرية.. عروس المتوسط المصرية، التي أسسها الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، وظلت عاصمة لمصر ما يقارب ألف عام، حتى الفتح الإسلامي.

مجموعة "عشاق المعز" التي بدأت نشاطها منذ عام، في تنظيم رحلات ثقافية تعريفية للأماكن الأثرية، رافقتها مراسلة الأناضول في جولة تثقيفية عن أبرز معالم المدينة.

وبدأت الرحلة بمقابر "كوم الشقافة" التي يعود تاريخها للقرن الثالث الميلادي، ويحتاج الوصول إليها إلى نزول 99 درجة سلم، وتشمل طرق دفن مختلفة كانت سائدة في العصر اليوناني، حسب محمد خليل المرشد سياحي ودليل الجولة .

خليل أوضح أنه وفقا للمعتقدات اليونانية، يحرق جثمان الشخص الفقير بعد وفاته، ويجمع رفاته في جرة فخارية لتوضع في أحد الحفر الموجودة بجدران المقبرة في شكل يشبه إلى حد كبير، ثلاجات الموتى الموجودة حاليا.

أما الأغنياء فكانت توضع جثامينهم في توابيت قبل أن تدفن و لازالت تلك التوابيت قائمة بالمقبرة التي تعتبر من أقدم مقابر الإسكندرية.

وتعد "حجرة الولائم" من أبرز مكونات المقبرة، وكان يجلس فيها ذوو الشخص المتوفي ليتناولو طعامهم في أوان فخرية قبل أن يقوموا بتكسيرها تشاؤما من اصطحابها معهم خارج المقبرة، لذلك وجد العرب بجوارها أكواما كبيرة من كسر الفخار فأطلقوا عليها "كوم الشقافة" حسب دليل الجولة.

ولعبت الصدفة دورا في اكتشاف المقبرة، حيث جاء سقوط حمار في حفرة أصر صاحبه على إخراجه منها، ليكتشف أن تلك الحفرة ما هي إلا مقبرة تضم رفات إحدى أغنى الأسر اليونانية التي عاشت في مصر.

وتكتسب المقبرة أهميتها، من كونها مثالا جليا لتداخل الفن الفرعوني في الروماني، كما يبرز تصميمها نموذجا فريدا للعمارة الجنائزية، حسبما رصدته مراسلة الأناضول.

فعلى جانبي حجرة الدفن نقوشات زخرفية مختلطة بين الفن الفرعوني واليوناني، من أبرزها درع الإله "أثينا" وعليه رأس "ميدوزا" التي كانت حسب أساطير اليونان تحول من يراها إلى حجر.

وبداخل الحجرة 3 توابيت مزينة بزخارف يونانية، بينما يجسد الحائط الرئيسي بالغرفة عملية التحنيط المصرية .

محطة الرحلة الثانية، كانت "المسرح الروماني" وهو أول كيان برلماني عرفه التاريخ، فالمسرح المكون من 13 درجة والذي يتسع لـ 600 فرد، كان يستخدم كقاعة اجتماعات كبرى يتوسطها عمودان يحملان قبة تشبه القبة البرلمانية الموجودة حاليا، يجلس أسفل منها رئيس المجلس، ويلتف حوله الأعضاء، إلى أن تسبب أحد الزلازل في إسقاط هذه القبة، حسب محمد خليل.

ووفق المصدر، فإن المسرح شيد في عهد بطليموس الثاني أي في القرن الرابع الميلادي، لكنه لم يكتشف إلا في عام 1960 على يد البعثة البولندية التي جاءت لتنقب عن قبر الإسكندر الأكبر مؤسس الإسكندرية واكتشفت المسرح جراء عمليات التنقيب التي قامت بها.

ولفت دليل الجولة إلى أن محمد علي باشا الذي حكم مصر بين عامي 1805 و 1848 استخدم المسرح لأغراض عسكرية، وقام بتخزين السلاح فيه، ما أدى لوقوع انفجار ضخم أتى على الكثير من الآثار التي كانت تميز المسرح، ولازالت حتى الآن عدة أعمدة فرعونية تزين مدخل المسرح.

وأخيرا حطّت الجولة رحالها على عتبات قلعة قايتباي التي أنشأها السلطان الأشرف سيف الدين قايتباي عام 1477 ميلاديا.

ويميز مدخل القلعة، نماذج متفرقة من المدافع التي يعود تاريخها إلى عهد محمد علي باشا، وزودت بها القلعة لتدعيمها، ومن أبرز مكوناتها "غرفة الطاحونة" التي كانت تستخدم لطحن البذور وإعداد طعام الجنود، حسب ما رصدته مراسلة الأناضول.

أما المسجد، فيشغل أكثر من نصف مساحة الدور الأول وتم تشييده على الطراز المملوكي وهو ثاني أقدم مسجد بالإسكندرية.

ويحتوي المسجد على حجرتين، الأولى خاصة بالصلاة وجلوس الشيخ، والثانية كان يخزن فيها مستلزمات المسجد من مصابيح وكتب.

وتعد "سقاطة الزيت" من أهم مكونات الطابق الأول أيضا، ووظيفتها ربط الطابقين الأول والثاني وصب الزيت الساخن على الأعداء في الحروب.

ويتكون الطابق الثاني من أربعة ممرات تحيط بصحن المسجد ويتخللها أربع قاعات كبيرة كانت تستخدم لعقد اجتماعات قادة الجيش.

وفي الدور الثاني نموذج "ماكيت" يعكس التصميم الأصلي للقلعة ببعض التفاصيل التي لم تعد موجودة كالمئذنة التي تم تدميرها عام 1882 على يد الاحتلال الإنجليزي.

بينما يضم الطابق الثالث، مجموعة ممرات بها 28 حجرة منتظمة الشكل، لمراقبة سفن الأعداء التي تدخل إلى الميناء وكانت تستخدم أيضا لتخزين الأسلحة ومعدات القتال الأخرى.

وفي ذات الطابق "إيوان السلطان" وهو عبارة عن غرفة واسعة ذات نافذتين، تطل على صحن القلعة وكانت تستخدم من قبل قائد الحامية العسكرية لمتابعة التدريبات التي تتم بساحة القلعة.

وتضم الساحة كذلك "صهريجا" كان يستخدم لتخزين المياه اللازمة لحياة الجنود اليومية، فضلا عن الممرات الساحلية التي تمتد على يمين ويسار البرج الرئيسي للقلعة، وتضم حجرات بها فتحات للمدافع التي تطل على البحر.

وتحيط بالقلعة من 3 جوانب أسوار داخلية تعتبر خط دفاعها، وتم تطويرها في عهد محمد علي باشا من خلال فتح 35 غرفة بها كانت تستخدم كثكنات للجنود، أما الأسوار الخارجية فشيدت في عهد السلطان قايتباي، لتحيط بالقلعة من أربعة جوانب، وتعتبر هذه الأسوار أقدم أجزاء القلعة التي لم تخضع لأي عملية ترميم حتى اليوم.
00.