نفت مئات العائلات النازحة من مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار عودتهم إلى منازلهم كما ادعى مسؤولون محليون في مجلس المحافظة، وأكد الأهالي أنهم مازلوا يسكنون العراء عند منفذ جسر بزيبز باتنظار السلطات العراقية إلغاء قرار العمل بنظام الكفيل لدخولهم إلى العاصمة بغداد.
وقال مهند حواس (42 عاما) وهو أحد سكان حي الملعب، في أثناء حديثه مع "عربي 21": "أنفي نفيا قاطعا ما صرّح به بعض أعضاء مجلس المحافظة من عودة أهالي الرمادي النازحين إلى مناطقهم الساخنة التي ماتزال تشهد معارك طاحنة وعمليات كر وفر بين تنظيم الدولة الاسلامية والقوات الأمنية".
وأضاف المتحدث: "بعد الفشل الذريع لمجلس الأنبار بعدم إيجاد حلول سريعة لآلاف العائلات الذين يبيتون في العراء منذ أربعة أيام عند مداخل سيطرات بغداد، ولعدم وجود خطة لاستيعاب النازحين وتوفير أماكن للايواء، فضلاُ عن شح المياه والأغذية، راح يطلق مثل هكذا تصريحات تصب الزيت على النار، وتزيد من معاناة الاهالي"، على حد قوله.
وأوضح قائلا: "في ضوء عدم حسم المعارك، وطرد مقاتلي تنظيم الدولة بشكل نهائي من مركز الرمادي، وتأمين المناطق، فإن العودة إلى المنازل وأحيائها تظل خطرة"، وأضاف: "كنا نتعرض يوميا إلى عمليات قصف وقنص، ومشاهد قتل وتفجير تعجز الكلمات عن وصف رعبها".
وغير بعيد عن مكان حواس يتواجد الحاج أبو غانم (66 عاما)، وهو مشرد من حي الأندلس ويقيم الآن في الصحراء ما بين عامرية الفلوجة والخالدية؛ بعد أن تعذر عليه دخول العاصمة بغداد.
يقول أبو غانم لـ"عربي 21" إنه يرفض هو وأفراد أسرته المكونة من 11 شخصا العودة إلى منزلهم وحيّهم الذي تحول إلى ساحة قتال، لعدم توافر المياه، وانقطاع الكهرباء، بعد أن سيطر عليه مقاتلو تنظيم الدولة، كما أن طيران التحالف الدولي والقوات الأمنية العراقية هدموا معظم المنازل التي يتحصن فيها تنظيم الدولة، وخربوا الحي.
ولا يخفي أبو غانم خشيته أيضا من "دخول مليشيات الحشد الشعبي إلى الرمادي، وارتكاب أعمال انتقامية في ظل ما بدأنا نسمعه من تصريحات من شيوخ وأعضاء مجلس المحافظة التي تطالب بدخولهم لتحرير الأنبار".
ويضيف أبو غانم في حديثه مع "عربي 21": "مع أن الذين غادروا جسر بزيبز بعد الذل وفكروا بالعودة إلى الرمادي، لم يتمكنوا من الدخول إليها بسبب قطع كافة الطرق، وهم الآن يسكنون في الصحاري في المناطق القربية كالخالدية، وعامرية الفلوجة".
من جانبه، أكد وليد الشمري وهو موظف في منظمة الصليب الأحمر، أن عمليات النزوح ما زالت مستمرة من مدن الرمادي، وقسم من النازحين اضطر إلى السكن في المدارس، ويقدر عدهم بالعشرات، مشيرا أنهم يحاولون الآن إجلاءهم لكن شدة المعارك تعرقل ذلك، وأن وضعهم يمكن وصفه بالمأساوي.
وأوضح الشمري لـ"عربي 21" أن الحديث عن عودة العشرات من العوائل العراقية إلى ديارها في مدينة الرمادي عار من الصحة، وقال: "إن عودة المواطنين لمناطقهم مرهونة بإيقاف العمليات العسكرية".
وكانت المفوضية العليا للاجئين أعربت عن قلقها إزاء الصعوبات التي يواجهها آلاف المدنيين العراقيين السنة من محافظة الأنبار الفارين من المعارك، إذ إنهم يعانون من نقص الموارد الأساسية كالأغذية، والأماكن الصالحة للسكن، إضافة إلى الحواجز وصعوبات الدخول والإجراءات الأمنية التي تعقد وضع النازحين أكثر.