نشر الأخضر الإبراهيمي ورئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون، مقالا مشتركا في يوليو (تموز) الماضي حول مواصفات الأمين العام المقبل للأمم المتحدة. أهم ما ورد فيه جعل مدة ولايته 7 سنوات غير قابلة للتجديد، تجنبا لممالأة الدول الكبرى، وثانيا إلغاء حق «الفيتو» في مجلس الأمن، وهو «حق» فاجر تداولته الدول الكبرى منذ 70 عاما في حق الشعوب المقهورة وعُزَّل هذا الكوكب الذين هم أكثرية سكانه.
ينتقد المقال، بأدب، الوهن الذي أصاب الأمانة العامة في السنوات الأخيرة. ولا يستنكر الطريقة الجديدة التي تعتمدها الجمعية العامة في البحث عن مرشحين، عبر استجواب مدرسي سطحي قد يكون الفائز به الأكثر حفظا للقاموس، والأقل معرفة بأحوال الأمم. يجب البحث عن أمين عام وسط الكبار لا وسط طالبي الوظيفة. شخصية اعتبارية لها احترام وسمعة دولية، وليس مهما من أي قارة هو أو هي. فالأمم المتحدة تنازع وتبهت بعد أعوام طويلة من كوفي عنان والسيد بان. تحولت إلى تاجرة نفط في العراق، وشاهد زور رخوي في سوريا. وانتقلت سموم «الفيتو» فيها من الاستخدام الأميركي إلى الاستخدام الروسي. والثاني أكثر تلمظا بالدماء وازدراء لأرواح البشر وتمتعا بالتنزه بين الجثث والركام.
على الأقل، الأمانة العامة في حاجة إلى أمين على بديهيات القوانين البشرية. رجل لا خيل عنده ولا مال، ولكن عنده، على الأقل، حسن النطق. شخص يصغي إليه الناس إن لم تصغِ إليه الدول. يمثل الضمائر إن لم يمثل القوى. لقد فقدت الأمم المتحدة كل مصداقية وهيبة ومعنى. وحوّلها «الفيتو» الفاجر من حَكَم إلى فريق. وحول شعوبا كثيرة من مستغيثين إلى ضحايا بلادتها وعجزها والفساد الذي بدأ ينهشها منذ النفط مقابل الغذاء، وما تلاه من فضائح أخلاقية، دعك من الفضائح السلبية، أي العجز التام الذي لا يتحدث عنه أحد.
جميع المرشحين الذين ذُكرت أسماؤهم حتى الآن لا يمثلون قيمة سياسية أو فكرية أو إنسانية، ولا يختلفون عن السيد بان إلا بلون البشرة ورنة اللكنة. ينقذ هذا المركز الأممي أن يملأه رجل مثل رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون، أو التركي حامل نوبل الآداب، أورهان باموك، أو أنجيلا ميركل، التي لن تجدد لها ألمانيا العام المقبل، أو رئيسة وزراء الدنمارك السابقة هيللي تورنينج - شميت. شخص يملك الكفاءة والحيوية أيضا وبعيد عن إغراء الفساد. أما أن تكون المرشحة مديرة اليونيسكو السابقة، كأنما الأمم المتحدة معهد يتدرج فيه الموظفون، فهذا شطط من حيث المبدأ. جميع المرشحين حتى الآن من هذه الفئة، السيد بان على أوروبي.
الشرق الأوسط اللندنية